آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-11:53م

كثروا بالمجالس وضاعت الدولة

الأربعاء - 03 يناير 2024 - الساعة 12:40 م

احمد ناصر حميدان
بقلم: احمد ناصر حميدان
- ارشيف الكاتب



كثروا بالمجالس، وضاقت خيارات من يجلس عليها، في مشهد تراجيدي، نبحث فيه عما يشبه التغيير المنشود المنتج لدولة المواطنة، الراعية لهم المواطن واحتياجاته، لمعيشة الناس والحياة الكريمة لكل خلق الله دون استثناء في ارض الله، وبشرع الله والقانون المدني، العادل والمنصف، حيث تتوفر كل وسائل الحرية والعدالة الاجتماعية، لوطن يستوعب كل ابناءه.
لم نشاهد غير مجالس تعيد تقسيم المجتمع راسيا، حيث تسيد فئة وجماعة، كانت قبلية او دينية، محمية بتشكيلاتها العسكرية، لضمان الحكم واستمرار الزعيم.
مشهد تراجيدي يعيد لنا رسم سيناريو الماضي، بأوجه تبدوا لنا انها ثورية، وهي أدوات تختزل ثقافة الجماعة، وتعيد انتاج الماضي، بتوريث السلطة للقبيلة والعسكر.
انظر لأوجه الجالسين، وراس الجلسة، ليس سوى مجموعة نفوذ الجماعة وعسكرها، والمنتفعين من سلطة الامر الواقع، ولتكتمل الصورة لابد من قليلا من الجماهير المطحونة جوعا وحاجة دُفعت للالتحاق بقطيع الجماعة.
المتابع الجيد للمشهد، سيعرف ان لا تغيير، حيث تضيع تطلعات الناس، لصالح تطلعات الجماعة والعسكر، وان الناس كومبارس مصطفين للتصفيق، حيث السلطة بيد المخرج، ومن يتفوه بكلمة دون امر المخرج سيطرد من المشهد.
تراجيديا هزلية منتجها الخارج اللعين، وادواتها مختاره بعناية الأدوار، بتوظيف لكل تناقضات المجتمع، والتراكمات السلبية للماضي، في سيناريو تدمير لثقافة وارث مجتمع مدني حي، وكل تجاربه الإيجابية، وحقنه بكم هائل من الامراض الفتاكة، المناطقية والطائفية والكراهية، امراض تدمر كل القيم والمبادئ والاخلاقيات، لتنتج لنا وطن مسلوب وانسان مقهور مهان، وارض منتهكة، حيث ينتشر الجوع والمخافة والمرض.
لا نتبلى على أحد فالواقع خير شاهد، الذي لم يستطع قرأت المشهد مبكرا منذ التشكيل، لا اعتقد انه غبي لحد لم يفهم المشهد اليوم، فالبعض مصالحه قد تعمقت في المشهد ولم يعد بمقدوره التخلي عن تلك المصالح، واخرين يسيرون مع الركب كقطيع للبحث عن فتات، وبعض الهائمين بمذاق نغمة الشعارات، واحلام التطلعات، والمراهنين على المنطقة والمذهب والقبيلة والعسكر في انتاج دولة مدنية ومواطنة.
 الحقيقة ان احلامنا تنهار، وان القوى التقليدية والرجعية تقدم الدعم لأدواتها في الداخل، و تمتلك من المال القدرة على شراء الذمم، وتوظيف التناقضات، ودعم الأدوات الرثة، وتحييد الفكر والثقافة، وتضييق الخناق على ادواتها، وتدمير أدوات التنمية الاجتماعية والسياسية، ليكن البديل ما نشاهده اليوم من أدوات مذهبية وفئوية ومناطقية وطائفية، حتى القبيلة يتم افراغها من اعرافها وقيمها الجميلة، ويتم عسكرتها لتكن بديلا للدولة ، عسكرة المذهب والمنطقة، في فخاخ تفجر عن بعد من حين لأخر في وجوهنا، وما زالت الفخاخ تعمل، وقابله للتفجير، في وطن لم يعد صالح للحياة، تسكنه مجموعة جياع ومنتهكين الحقوق والكرامة، ومجموعة اثرياء لصوص وفاسدين.
التغيير سياتي بالعقل والفكر والثقافة، وتعزيز دور المجتمع المدني، نقابات ومنظمات اجتماعية ومنتديات، استنهاض فكر الدولة والمواطنة والحريات والعدالة، في حرك شعبي وجماهيري يقوده الوعي، الذي يبحث عن سد رمق جوعه في العمل من اجل احدث تنمية، وإعادة تشغيل مرتكزات البلد الاقتصادية، والاستثمار العادل للموارد، بعيد ان التسول امام قصور الملوك والامراء والسلاطين(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ) صدق الله العظيم  
احمد ناصر حميدان