آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-07:03م

عام جديد وتجديد

الأحد - 31 ديسمبر 2023 - الساعة 07:35 م

احمد ناصر حميدان
بقلم: احمد ناصر حميدان
- ارشيف الكاتب


انتهى عام 2023م ونستقبل عام 2024م في السنة الميلادية، ونتبادل التهاني والاماني، بعام مضى بكل ما فيه من الم وحزن وخذلان وفشل وصراعات وحروب، لننتقل لعام جديد، ونحمل معانا ذخيرة من التجارب والدروس والعبر، مفتخرين بما حققناه واكتسبناه، لنخطو خطواتنا بثبات لتحقيق المزيد، وتجاوز كل عثرات المضي للمستقبل الذي ننشده، مستقبل يسوده التسامح والمحبة والسلام.

ويبقى العام الميلادي يمثل الرابط العملي والمهني بعلاقاتنا بالعالم الإنساني، ندون به تاريخ ميلادنا، ومنعطفات تحولنا السياسي والثقافي والاقتصادي، وحركة سير نشاطنا اليومية المهني والمالي والاقتصادي والسياسي، وخططنا المستقبلية، لا نستطيع الا ان نكون جزء من هذا العالم الذي نعيشه، نتفاعل ومعه، قد نلتقي في بعض الأمور ونختلف في بعضها، لكننا لا يمكن أن ننعزل عن عالمنا.

وأحيانا كثير ندون تهانينا بأن يعيده الله علينا بالخير واليمن والبركات، على أمتنا العربية والإسلامية، والأمة الإنسانية جمعا، هي الامة التي تمثل سكان الأرض بكل اديانهم وأعراقهم وطوائفهم، وما يجمعهم من علاقات ومصير مشترك.

تبرز بعض الأصوات التي تعتبر التهاني والاماني، احتفال براس السنة، والتمثل بالكفار ومن المحرمات، والحقيقة أننا في عالم يتفوق فيه المنافس الجيد، والمتقدم علميا وتكنلوجيا، اقتصاديا وسياسيا، كنا امة ولنا تاريخ مجيد، حضارة وعلم، توقفنا عن نقطة تاريخية معينة، وبدأ العالم من حولنا من حيث انتهينا، بناء حضارته على أنقاض حضارتنا، وعلمه وتكنولوجياته، على نظريات وبحوث واكتشافات علمانا وعلمهم ، وانطلقوا بعد أن توقفنا، واليوم تفوقوا علينا، وصرنا النقطة الأضعف.

وما امسنا اليوم لنبحث في هذا السؤال، لماذا تفوق علينا العالم؟

تفوق علينا العالم عندما ركز كل اهتماماته بالمستقبل، واستطاع تجاوز كل عثراته، صحح ماضية وتجاوز ماسية، وانتقل ليجاري العصر متقدما للأمام، بينما توقفنا نحن عند مرحلة ما زلنا لليوم حبيسي ماسيها وأحداثها الأليمة، ندعو الله ان يصبرنا على ما ابتلانا، ونحن في سكون الدعوة نرفع ايادينا للواحد الاحد، ان يدمر اعدائنا وينصرنا، دون أن نقدم أي عمل جاد لتحقيق ذلك، بقوله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) صدق الله العظيم.

اليوم كل جماعة لها قضية، وقضيتها الماضي، حديثها عن الماضي الجميل، صراعاتها امتداد لذلك الماضي، جماعات غارقة في ماضيها، وقيدتها ماسيها، كل مشاريعها مبنية على الماضي، مرجعيتها العودة للخلف، حروبها انتقام وثأر لماضي عفن حتى صارت عاجزة عن التقدم، نحن اسيري ماضي بائس، لم نستوعب دروسه وعبره، غارقين في مستنقعات دمائه واحزانه، مرضى مصابون بالاسى والبؤس. 

لم تتقدم الا الدول المحترمة التي تمكنت من تجاوز ماسيها، تسامحت مع ذاتها قبل تتسامح من الاخر، ومن ذلك ركزت كل اهتماماتها في مستقبل خالي من كل تلك المآسي والحروب ومعاول الهدم والفتن ما ظهر منها وما بطن، واليوم هي قوة اقتصادية وتكنلوجيا العصر، ومنابر علمية وثقافية مؤثرة، ونحن مجرد متلقنين لعلومهم وتكنولوجياتهم، مجرد سوق كبير لمنتجاتهم، في عالم هم يحكمونه، بيننا وبينهم فارق كبير نهضوي وتكنلوجي وعصري.

لو نظرنا لكل قضايانا لوجدنا ان تأخرنا في التعصب الغبي، الذي يقيدنا بالماضي، يجرنا لأحداثه المأساوية، يغرقنا في ماسية، لنعيش الفتنة بكل تجلياتها، حيث نجح المستعمر بسياسة فرق تسد، وما زلنا مربوطين بخطام تلك السياسة اللعينة، والوعي الفاشي البليد، الداعي لتصفية الحسابات والثأر والانتقام، ولله في خلقه شؤون.