آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-09:31ص

قطعت حماس قول كل متقول بخصوص علاقتها بإيران ،،،

الخميس - 28 ديسمبر 2023 - الساعة 11:30 م

د. سعيد سالم الحرباجي
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


قديماً تقول العرب : " قطعت جهينة قول كل خطيب " وجهينة ... فتاة عربية دخلت مسرعة إلى عقلاء قبيلتين كانوا يتشاورون في مقتل شاب ، ويريدون إيجاد حلاً لهذه المعضلة ...
فدخل الناس في هرج ومرج ، وأخذ وعطاء ..فبينما كانوا في هذه الحالة ...دخلت عليهم جهينة فأخبرتهم أنه قد تم الأخذ بالثأر 
وانتهى الأمر ..
فقال أحد الحاضرين : قطعت جهينة قول كل خطيب .

واليوم حماس تكرر هذه الواقعة وتقطع قول كل متقول ...
فنتيجة للهمز واللمز ، والغمز ، والقيل ، والقال بخصوص علاقتها بإيران ،،
ها هي ترد  _ وعلى الفور ومن عمق المحنة التي تمر بها   _  على تصريحات الحرس الثوري الإيراني والذي ادعى زوراً ، وبهتاناً ( أنَّ عملية طوفان الأقصى) كانت إحدى ردود إيران على مقتل سليماني....مع العلم أنَّ طهران قد  صرحت منذ اليوم الأول للعملية طوفان الأقصى أنها لا تعلم عنها أي شيء.

فجاء البيان الحمساوي واضح الألفاظ ، دقيق العبارات ، عميق المضمون ، نافياً كل النفي عن علاقة ملالي إيران بعملية طوفان الأقصى...
وأكدت المقاومة الحمساوية أنَّ عملية طوفان الأقصى هي رد على إحتلال المسجد الأقصى.

وبهذا البيان أصابت حماس عدة عصافير بحجر واحدة ...وقطعت عدة ألسن بسكين واحدة ، وافحمت متقولي صهاينة العرب بعبارة واحدة ، وأجهزت على كل  المتربصين بها بضربة واحدة ،،
وأثبتت بما لا يدع مجلاً للشكل أنَّها حركة تحرر وطني، ونبتة فلسطينية خالصة ...تنطلق في نضالها من واجبها الديني والأخلاقي ، وتستمد شرعيتها من شعبيتها ، وتستند في قوتها على قدراتها الذاتية ، وإعدادها لقادتها ، وكوادرها ، وأفرادها ، وحاضنتها الشعبية .

كل تلك الصفات ،وكل تلك المميزات ، وكل تلك  الخصائص...هي من جعل من حماس نداً عنيداً لقوى الاستكبار العالمي ، وهي التي منحتها الثقة المطلقة من قبل مواطني قطاع غزة التي تعول عليهم بعد الله سبحانه في صمودها ، وفي ثباتها ، وفي استمراريتها ، وفي تحديها ، وتنمعها على كل قوى الشر .

وهذه نتيجة طبيعية عندما تبنى حركات التحرر الوطني على مجهودها الذاتي ، وعندما تعتمد على قدراتها المتاحة ، وحينما ترتكن على إمكاناتها الشخصية وإن كانت قليلة ...
لأن ذلك يتيح لها التحرر من التبعية للغير ، 
ويمنحها الحرية المطلقة في اتخاذ قراراتها ، وتحديد ساعة الصفر بمنتهى الإرادة ، واختيار تحقيق الأهداف وفقاً وأولوياتها ، ومصالح شعبها .

هكذا وبكلمات مختارة ، وبعبارات قليلة.... أشاحت حماس عن نهجها الوطني ، وأبانت _ وبكل وضوح _ عن مدى علاقتها بالغير ، وأفصحت للعالم أنها لا تعول على أحد في اتخاذ قراراتها ، وفي مواصلة نضالها ، وكفاحها حتى يتحقق لها التحرر من المستعمر الصهيوني البغيض ، وتطهير المسجد الأقصى من دنس اليهود.

ربما كانت هذه هي الميزة التي تتفرد بها حماس عن غيرها من حركات التحرر الوطني التي غالباً ما تعتمد في نضالها على دعم الغير ، 
وترتكي في تحقيق أهدافها على مجهود الخارج  ...فتقع في مصيدة التبعية القبيحة التي تعتبرها أداة من أدواتها ، وذراعاً من أذرعها .

وهذا ما يتجلى بوضوح مع حزب الله اللبناني ، وجماعة أنصار الله الحوثيين...
فهاتان الجماعتان يصرحان _ وبوضوح _  أنهما إنتاج إيراني مائة في المائة .
وهذا ما قاله حسن نصر الله علناً وبدون خجل ..
وهو ما يتبلور في نهج الحوثي ، وتصرفه ، وارتمائه في حضن الملالي سراً وجهراً .

ويستحيل مليون مرة أن تتخذ هاتان الجماعتان أي قرار إلا بتوجيه من طهران .
بل إنَّ طهران تعتبرهما أذرعها في المنطقة .
لذلك لا يراعون مصالح الشعب ...بقدر ما يراعون مصالح طهران .

وهذه نتيجة طبيعة لكل من ظنَّ أنه سيحقق أهداف شعبه ...وهو مرتهن للغير .