آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-01:58م

نفديك يا يمن

الخميس - 28 ديسمبر 2023 - الساعة 09:17 ص

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


في مساء يوم الأربعاء الماضي الموافق 20/12/ 2023م وما إن أطلق الحكم البحريني صافرة النهاية للمباراة النهائية في بطولة اتحاد غرب اسيا للناشئين والتي أقيمت على استاد السعادة الرياضي بمدينة صلاله بسلطنة عمان الشقيقة بين المنتخبين اليمني وشقيقه السعودي إلاّ وانطلقت مسيرات الأفراح بهذا الانتصار الكبير في كافة المدن اليمنية وحيث تواجد المغتربين اليمنيين،

 

وقد جاء فوز المنتخب اليمني بهذه البطولة للمرة الثانية على التوالي خلال عامين فقط وعلى حساب المنتخب السعودي الشقيق رغم فارق الإمكانيات الغير مقارنة بين المنتخبين وظروف اليمن القاسية التي فرضتها الازمة السياسية وما تلاها من حروب شرسة أدخلت الحزن الحسّي والمعنوي الى كل بيت في اليمن ومازالت حتى اللحظة فلم يسلم من ضررها أحد،

وأنا هنا لن أكون محللاً رياضياً لأستعرض ما جرى في المباراة، لكن بعضاً من أحداث جرت في المدرجات وأثناء وبعد التتويج بالبطولة نقف عندها لأنها تحمل ملامحاً بعيدة المدى ومرتبطة بواقعنا السياسي الراهن،

 

فالجماهير اليمنية التي توافدت الى الملعب وحضرت جميع مباريات المنتخب اليمني كانت تمثل كافة المناطق اليمنية وكان حضوراً مميزاً ضم الصغار والكبار والفتيات والنساء وقد كانوا يمثلون كافة شرائح المجتمع اليمني المتعددة، فبُحّت حناجرهم وهم يهتفون بصوت واحد وبالشعار اليمني الشهير ((بالروح والدم نفديك يا يمن)) وكان هذا الهتاف يمثل الدافع المعنوي للاعبين ليبذلوا أقصى ما يستطيعون لتحقيق الانتصار، كذلك رفع الأعلام اليمنية وأعلام فلسطين من قبل الجماهير اليمنية تحمل رسالة الى إخواننا المقاومين في غزة وفي كافة المدن الفلسطينية بأن اليمن وابنائها جميعاً يؤكدون على أن قضية فلسطين قضيتهم وسيبذلون ما يستطيعون لنصرتهم وإن بعُدت المسافات، وهذا ما أكده اللاعبين الذين تلحفوا بالعلم الفلسطيني أثناء مراسم التتويج بكل اعتزاز وكلهم يقولون نهدي هذا الفوز لجماهير شعبنا اليمني ولإخواننا في فلسطين،

 

وشعار ((بالروح والدم نفديك يا يمن)) ورفع العلم اليمني لم يقتصر على الجماهير المتواجدة في المدرجات فحسب، بل هتفت به الجماهير التي اكتظت بها شوار المدن الرئيسية في كافة المحافظات وبالذات في المحافظات الجنوبية والشرقية وعلى راسها مدينة عدن العاصمة المؤقتة والمكلا عاصمة القطر الحضرمي،

 

هذا الخروج العفوي يحمل رسائل متعددة من أهمها البحث عن الفرح والسعادة المفقودين أين ما كان وإن كانت حتى بانتصار رياضي في كرة القدم بعد أن عانت البلاد والعباد من الويلات والحروب التي أتت على الأخضر واليابس وعاثت بعض النخب السياسية بمصير البلاد والعباد وارتهنت لمشاريع خارجية غير عابئة بمصير هذا الشعب ووطنه وتاريخه إرضاءً لأطماع سياسية نتجت عنها الارتماء في أحضان الآخرين والارتهان لمشاريعهم،

 

الخروج العفوي لهذه الجماهير وهتافاتها أسقطت كل الشعارات التي رفعت على مدى عقد من الزمان وانفقت خلالها الملايين وازهقت أرواح عديدة في سبيل هذا الشطط السياسي المتقلب،

 

وبالنسبة لاحتفالات الجماهير اليمنية في بلدان الاغتراب أكدت هي الأخرى ارتباط المواطن اليمني بوطنه وإن بعدت المسافات بينه وبين بلاده،

 

هذا الإنجاز الرياضي الكبير في زمن الجدب والفساد في كثير من مفاصل الدولة اليمنية يؤكد للمرة المليون متى ما وضع الرجل المناسب في المكان المناسب قطعاً سيحقق النجاح،

 

 وصورة واضحة امامنا ينبغي أن يدركها المسؤولين صغيرهم وكبيرهم والشعب عموماً أن هؤلاء الفتية الصغار الذين صنعوا هذا الإنجاز وأدخلوا البهجة والسرور في قلوب الملايين هم الأجدر بالرعاية والاهتمام ليواصلوا تألقهم ونجاحهم في كافة مراحل حياتهم الرياضية والدراسية وتوفير الإمكانيات التي تساعدهم على ذلك،

 

نعم هم أحق بالرعاية وليس حكومة الأطفال ولعب العيال وما شابهها. 

 

خاتمة شعرية:

للشاعر عبدالله البردُّوني   رحمه الله

إيه يا موطني أفق   من كــــــراكَ المخيّمِ

طالما تهت في الدُّجى والظلام المطلسمِ

وقطعت المتاه في    مــــأتم بعد مـــأتمِ

وتمشّيت في اللّظى وعلى الشوك ترتمي

سأسك الجوع والشقا والنظام الجهنمي

إن بلواكَ منك هل أنت مِنْ أنتَ تحتمي

فتوثّب إلى العلا وثبة الفارس الكمِي

وخض النّارَ واحتملْ كبرياء التـــألّمِ

واصرع الظّلم تكتفِ ذلَّ شكوى التّظلّمِ