آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-04:42م

هاجر ليس اسماً مصرياً قديماً

السبت - 09 ديسمبر 2023 - الساعة 04:08 م

احمد سالم فضل
بقلم: احمد سالم فضل
- ارشيف الكاتب


رغم ان اخراج التاريخ الديني من اليمن بداء منذ وقتاً مبكراً مع اشتداد الجفاف حيث هاجرت القبائل اليمنية قبل الإسلام الى ضفاف الأنهر في العراق والشام ومصر وفلسطين ونقلت تلك القبائل معها جزء كبير من تاريخ اليمن الديني والجغرافي وتحالف بعضهم مع الرومان ، كما ان الهجرة الثانية اثناء الفتوحات الإسلامية  كان لها الدور الأبرز في تغيير جغرافيا قصص الأنبياء فاصبح المتحكم بالتاريخ اليمني يمنيون خارج اليمن، فاسقطوا أسماء القرى والمدن والجبال والوديان اليمنية على تلك الجغرافيا الشاسعة وتم استغلال هذا الامر من عدة جهات وبذلك رسمت الخارطة الجديدة ل القصص الدينة وأصبحت فيما بعد امراً واقعاً، الا أن الذاكرة الشعبية ظلت تحتفظ بالكثير من التفاصيل التي استعصت على التزييف والنسيان .

وسنتناول اليوم بعض الشواهد في قصة البني إبراهيم عليه السلام والتي فضحت السرديات الاستشراقية السائدة، ونبدأ من مصر المرتبطة بتلك القصة، فبالإضافة ان مصر لم تكن معروفة بهذا الاسم آنذاك وكذلك الأسماء الواردة في القصة لأعلاقه لها بالأسماء المعروفة في حضارة وادي النيل، فهاجر ليس اسماً مصرياً قديماً " ويقول ابو هريرة " محدثاً عن هاجر تلك (امكم يأبني ماء السماء) ويعرف اهل التاريخ جيداً ان بني ماء السماء هم اليمنيون }فماء السماء} هو عامر آبن حارثة ابن امرؤ القيس ،واما ابن كثير في كتابة " البداية والنهاية"  فقد أشار الى ان فرعون مصر وقت هجرة النبي ابراهيم عليه السلام ،اسمه سنان ابن علوان ابن عبيد ابن عويج ابن عملاق ويذكر ابن هشام في كتاب " التيجان" ان الملك الذي كان يريد التحرش بالسيدة سارة زوجة النبي ابراهيم هو عمرو ابن امرؤ القيس، فهل هذه اسماء ملوك وادي النيل ام أسماء يمنية؟

وعندما غادر النبي إبراهيم برفقة زوجتيه سارة وهاجر وابن اخية لوط اتجهوا جنوباً وهنا نقف مع الحافظ ابن كثير لنجده يتابع النص الظاهري ل التوراة فيقول ان الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر الى ارض التيمن وهي الأرض المقدسة التي كان فيها ومعه انعاماً ومالاً جزيلا ونلاحظ ان ابن كثير اورد في حديثه كلمة التيمن وموضحاً ان التيمن هي ارض بيت المقدس ولان الحقيقة اقدامها الثابتة فقد نُفذت في رواية ابن كثير تلك الحقيقة التي لا شك تؤاثرها في ذاكرة الاجيال وصلت شفاهً او مدونة وهي اسم تلك الارض التي توجه اليها ابراهيم وتقع في الجنوب، وتقول التوراة انتقل ابراهيم جنوباً وسكن بين قادش وشور وتكرر التوراة الاشارة الى موضع شور عدة مرات كان موقع مدينة مشهورة في تلك البلاد الجنوبية التي اترحل اليها ابراهيم .

 رغم ان النص يقول جنوباً بينما اشور بلاد الرافدين لا تقع في الطريق الى مصر ولا امامها ولأخلفها، فكان حتماً  علينا تتبع شور اليمنية وفعلاً تم العثور عليها ففي موسوعة المؤرخ العربي الكبير الدكتور جواد علي وهو يوأرخ لمملكة قتبان يقول ان اهم المدن القديمة فيها وأكثرها شهرة مدينة شور وعليه بدأت الحقائق تتوالا وتفرض وجودها فأصحاب الرواية السائدة يستخفون بعقولنا كثيراً عندما يزعمون ان رحلة إبراهيم كانت من العراق ثم الى هضبة الاناضول ثم الى مصر ثم فلسطين وبصبحة النساء والاطفال والماشية ، فيما هي رحلة معقولة داخل اليمن تتوافق مع التاريخ والأثار والمنطق ، ولكن التنوع السياسي والثقافي وغزارة التسميات الجغرافية في اليمن التاريخي ساعدتهم كثيراً في تشعيب  تلك القصة وفرشها على مساحة خرافية .