آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-01:12م

أكتوبر أَوّلُ الغيث

الخميس - 07 ديسمبر 2023 - الساعة 09:23 ص

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


 

محمد احمد بالفخر

 نَعـَمْ إنّ أوّلَ غَيـــثٍ نـــــدى

ســأروي بــه قــاحــلاتِ المـدى

وأجْـعَلُ مــنـه سـيـولَ الـشــتاءِ

لأغُـرِقَ فـيـها حـُصــونَ الـــعِـدا

وأمضي إلى كُلِ بُقعةِ أرضٍ

وأغرِسُ فيها لكي أحصُدا

أســيـرُ وكــلِّي ضـــياءٌ ونــورٌ

لأنِّـــي اتـّبـَعـــتُ نـبــيّ الـهــدى

تلك مقدمة قصيدة الشاعر المصري محمد فؤاد التي

صدح بأبياتها المنشد السوري الشهير أبو راتب قبل ربع قرن تقريباً فكانت من أروع وأجمل اناشيده الحماسية على الاطلاق،

فقد حرّكت مشاعر ووجدان الكثير وأنا منهم ومازالت حتى اللحظة لأنها تعطي الأمل للأمة بأن القادم سيكون أفضل وأجمل،

وقطعاً أن ايماننا ويقيننا بالله عز وجل راسخ رسوخ الجبال فمهما طغى المتجبرون وطال ليلهم وادلهمّ سواده الحالك سياتي الفجر الصادق بإذن الله وسنخرج بدون أدنى شك من هذا النفق الطويل المظلم الذي أدخلنا فيه قسراً، بعد أن نجح الأعداء في تمزيق أمتنا من خلال مرورها بعصور انحطاط مذلة جعلتها لقمة سائغة تداعت عليها الأمم من كل حدبٍ وصوب فمزقونا شرّ ممزق، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام،

ورغم كل ذلك إلا أننا موعودون بنصر الله القوي العزيز إذا أخذنا بأسباب النصر،

وما صنعه رجال غزة يوم السابع من أكتوبر الماضي ما هو إلاّ بداية الغيث الذي ستأتي بشائره بسيول الشتاء ان شاء الله لتجتث معاقل الطغيان وحصون الصهاينة في كل مكان ولن يحصل ذلك إلا برجال مؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه،

وبالفعل فرجال غزة اليوم يقدمون هذا النموذج المفقود منذ قرون طويلة فسطروا بجهادهم ودمائهم ملاحم بطولية سيخلدها التاريخ بأحرف من نور ويردون على المشككين والمتصهينين الجدد والذين في قلوبهم مرض ولسان حالهم يقول:

يرون بي الشوكَ من كلِ جنبٍ

ولكن أرى الورد والمَورِدا

سأمضي وان كان دربي مُخيفاً

وان كان فيه يُقيمُ الردى

سنبعثُ في كلِ جيلٍ صلاحاً

ونجعلُ من بيننا خالدا

يكـونُ شعاعاً لقلـب الـظـلامِ

وحِـصـنـاً مـَنـيـعـاً إذا استُنجِدا

وشــربةَ مــاءٍ لـريِّ العطاشا  

ونوراً يضيء إذا اسـتُرشِــدا

هذا منهجهم وهذا برنامجهم وهذه رؤيتهم،

وهذا هو نورهم قد لاح وإن تعرضوا للخذلان وقلّ النصير والمعين، لكن يكفيهم أن الله معهم وهو ناصرهم ولا ناصر غيره فالجيل القرآني الربّاني الذي استلهم معاني القوة والعزة والثبات والصبر من كتاب الله وفي بيوتِ الله سيمضي الى النصر المؤزر بإذنه تعالى وسيعيد للأمة مجدها وعزها المفقود وستنشرح القلوب بنصر الله (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)

سـأنـزعُ من بين شـِدق الأفاعي

حــقــوقــي الـتي ضيَّعــوها سُدى

سأمـضي إلى "القـدس" في عزمةٍ

وأجــعـــلُ "حــطـــينَ" تأتي غدا

أُطـهـرُها مــن دنــايــا اليهـود

وأطـلـقُ مـن حـبسِـه المسجــدا

لــتــمــرحَ فـيـــها تلال النخـيلِ

ويـلــعــبَ زيــتـونُها والنـّـدى

ويــبســمَ أطـفــالُها الـدامعــون

وأسـمــعَ عــصــفــورُها إن شــدا

ما أروعها من كلمات قالها الشاعر محمد فؤاد وما أجمله من تصوير بليغ للحال الذي نعيشه وقد كبرت تلك الأفاعي الصهيونية التي احتلّت جزء غالي من أرضنا العربية الإسلامية قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ومعراجه الى السماوات العُلى المسجد الأقصى حبيساً لديهم ويدنّس كل يوم بأقدامهم النجسة، ومازالت اطماعهم قائمة لقيام دولتهم الكبرى من النيل الى الفرات بغرض الهيمنة على العالم كله، لكن الأبطال المؤمنين الصادقين سيقلبون هذه الأحلام التوسعية الصهيونية الى كابوس عليهم،

بل وسينتزعون من بين شدوق تلك الأفاعي السامّة القاتلة كل حقوقنا وسيمضون بعزيمة لا تقهر بإذن الله لاستعادة القدس الشريف وتطهيره من براثن الاحتلال الصهيوني واطلاق سراحه من الأسر الذي وقع فيه، وذلك من خلال حطين جديدة تعيد للأمة أمجاد القائد المسلم صلاح الدين الايوبي رحمه الله وذكريات انتصارات حطين الخالدة، وحينها سنرى ابتسامات الأطفال بعد الدموع اليومية المنهمرة التي نشاهدها يومياً على الشاشات ولا تحرك للأسف حتى بقايا من ضمير لدى المهرولين المطبعين والمنافقين المتصهينين الذين ضاقت بهم أمتنا وبلداننا ذرعاً،

(واللّهُ غالبٌ عَلَى أمرهِ ولكنَّ أكثرَ النّاسِ لا يعلمون)