آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-10:28ص

الإتفاق المرتقب.. بين الحاجة الإنسانية والغاية السياسية !

الإثنين - 27 نوفمبر 2023 - الساعة 01:29 ص

محمد الثريا
بقلم: محمد الثريا
- ارشيف الكاتب


في إحدى قصص تولستوي القصيرة، رأى ذئب عنزاً ترعى على جبل صخري لا سبيل إلى بلوغه، فقال لها :
- عليك أن تنزلي؛ فالأرض حيث أقف أنا، أكثر استواء والعشب أشهى مأكلاً لك.
أجابت العنز:
ـ ليس هذا هو السبب الذي يحملك على دعوتي إلى النزول؛ إنك لا تهتم بما آكل، بل بما ستأكله أنت .

وليس بعيدا عن ذلك، سيرى في مشهد الصراع اليمني بالغ التعقيد، أن لامأمن حقا من خطوة الإنخراط في الإتفاقات السياسية المفخخة ولو كانت الضرورة الإنسانية والإقتصادية تؤكد الحاجة إلى عقد إتفاق سياسي لتلبيتها .

قد تغدو الإنفراجة الغائبة عن ملف الصراع الدائر منذ سنوات أمرا ممكنا في ظل توافق الأطراف المتصارعة وإنخراطها في عملية سياسية مزمنة لإنهاء واقع الحرب والمعاناة الإنسانية، غير أن مكر ووقيعة مثل تلك الإتفاقات تبقى حقيقة يمكن الشعور بها وتأكيدها بالمنطق قبل التجربة .

حيث "لا يمكن تفسير رغبة الذهاب نحو عقد إتفاق سياسي بين أطراف غير متكافئة وبعناصر قوة متفاوتة جدا سوى أنها رغبة واضحة لإبتلاع أضعف تلك الأطراف وأغباها" .

وفي الحالة اليمنية، ربما من المهم لك قبل أن تتبنى موقفا معينا تجاه أي تسوية سياسية تؤول بالضرورة إلى تشكيل واقع جيوسياسي جديد أن تتخيل مآلات واقع الشراكة السياسية مع جماعة مسلحة غير ملتزمة سياسيا وتتفوقا عسكريا على شريكها المفترض ..!

مع الأسف، يبحث الرعاة عن تحقيق مصالحهم عبر دفع الأطراف المحلية باليمن إلى عقد إتفاق سياسي يتم من خلاله التشريع لسلطة "حزب الله أخر " ودائما تحت ذريعة الحاجة الإنسانية للبلد .

وعند هذه النقطة تحديدا قد لن يبدو ضروريا حينها شرح طبيعة العلاقة الراهنة بين حزب الله اللبناني وبقية المكونات السياسية وكذا واقع الوصاية الدولية الماثل خلف مأساة تلك العلاقة المتشكلة على إثر سلسلة إتفاقات سياسية بين القوى اللبنانية افتقرت في جميع مراحلها لعنصر التكافؤ والندية كي نضع تصوارتنا المحتملة بعد ذلك حول مآل ومستقبل الإتفاقات السياسية المزمع عقدها بين جماعة الحوثيين والشرعية اليمنية بمختلف مكوناتها .

وبطبيعة الحال، لا تعني خطيئة خيار تطبيع العلاقة مع سلطة الإنقلاب ودخول اليمن نفق الحالة اللبنانية أن الأمور ستفضي بالنتيجة إلى مشاهدة نسخة لبنانية أخرى باليمن وحسب، بل على الأرجح أن اليمن ستذهب بعيدا في هذا الإتجاه ويقترب الحديث حينها عن حالة متطورة لربما أكثر تعقيدا من الحالة اللبنانية المعروفة بأشواط لاسيما أثناء النظر إلى تعقيدات الواقع الجيوسياسي والأهمية الإستراتيجية التي يتميز بها اليمن وتحظى بإهتمام عديد الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في صراع النفوذ والهيمنة بالمنطقة .