آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:24ص

ماذا جرى ولماذا أيقظتني أمي من نومي؟

السبت - 18 نوفمبر 2023 - الساعة 12:00 ص

محمد صايل مقط
بقلم: محمد صايل مقط
- ارشيف الكاتب


منذ وفاة شقيقتي امكبد وامفؤاد لم ابارح أمي فلم يبقى لها بعد الله سواي وهي تعيش معي بمدينة مودية .بعدما رحلنا من قريتنا وباديتنا ارض البدو والرعيان ومن ليلة البارحة ومع الهزيع الاخير من الليل ايقظتني امي وانا اغط في نوم عميق قمت مذعورا على صراخ أمي وبكاؤها وهرعت نحوها لأهدي من روعها فهي مصابة بمرض الربو ..وتعاني من فقدان الذاكرة وريثما استوضحت منها حين طلبت مني على الفور أن اعيدها للقرية فهناك حد قولها ملاذها وعافيتها وعدت أمي خيرا ولم استأنف النوم مرة أخرى .

فالساعة تشير الى الثانية والثلث بعد متنصف الليل وعلي ان اذهب لأفتح المسجد قبل حضور المصليين جلست بجانب أمي وتأملت الندوب والتجاعيد على وجهها وحالتها وقد بلغت ارذل العمر فجاشت مدامعي لمئات الذكريات من السنين الخوالي حين مات أبي وتركنا انا واخوتي الثلاثة أيتام فتسابق العرسان على أمي وقد كان لها جمال منقطع النظير وكلما علمت بعريس تقدم لأمي انزويت خلف الجدار الآيل لسقوط ابكي وانوح حظي العاثر .

فكيف لي ان اسمح بمن يقاسمني في حضن أمي وكانت أمي تهرع نحوي وتبحث عني لتجدني ..وتضمني على صدرها فتارة تضحك على عقلي وتارة تبكي شفقه لحالي  ثم تقسم لي بالغلظ الايمان انها لن تتزوج وتتركنا ونحن ايتام أمي اميه لكنها تخرجت من مدرسة إلهية مفعمة بالعواطف الجياشة تعبت وجاعت وكانت تفترش الارض وتلتحف بالسماء من اجلنا ومع ذلك فقد وجدتني انهمر بالدموع حين تذكرت عيشة البادية كانت لنا أيام وكانت أيام تعالى لي أوام كانت ايام نكده لكنها رائعة كانت معانا راديو فليبس ورثناها عن والدي وليلا نمتطي دارنا العتيق المسقوف بالقش من آواخر الستينات واصوات المذيعين من لندن تصدح من مذياعنا ماجد سرحان ومحمد رشاد رمضان ومع سكون الليل والقمر يشدو موال وخاطر على البال في سماء قريتي ومع صوت فيروز العصفوري وانا عندي حنين مابعرف لمين وقل للزمان ارجع !