آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:11ص

روائع من رواندا

الأربعاء - 13 سبتمبر 2023 - الساعة 10:51 ص

علي بن شنظور
بقلم: علي بن شنظور
- ارشيف الكاتب


من مجازر الإبادة للتصالح والسعادة

الحلقة الأولى:

تبهرك بجمال طبيعتها ونظافتها ومدنية أهلها وتسامح شعبها ونجاح قائدها ومؤسساتها في بناءدولة اندرثت في ٩٤م ولم يبقى منها غير خرابها وجثتت قتلاها.

منذُ وطأت اقدامنا تلال ارضها ومطارها ظهر 4 من سبتمتبر2023م على متن طيران اثوبيا الشركة العملاقة في اسطولها في رحلة سفر من عدن الى القاهرة ثم اديس أبابا ثم إلى كيغالي عاصمة رواندا تغيرت كل الصورة التي كانت مرسومة في اذهاننا عن رواندا تلك الدولة الافريقية التي شهدت حرب إبادة في ٩٤م وظلت في فقر وحصار بعد ٩٤م حتى ٢٠٠١م حينما أمتطى صهو خيلها القائد بول كاغامي رئيسا للدولة.

فاحدث تغييرات من يشاهدها يرفع له تحية الاحترام لأنه خدم شعبه وحقق لهم مالم يكن متوقع ابداً.

تشرفت بالمشاركة مع الزملاء فهيم سيف ود جاكلين البطاني بناء على تكليف من أخي د/ صالح الحاج رئيس فريق الحوار الجنوبي رئيس العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي واطّلاع معالي اللواء عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي لتلبية دعوة برنامج كيمونكس الممول من الخارجية البريطانية ومؤسسة ديب روت للاستشارات وبحضور شخصيات تُمثل جهات أخرى معنية بالسلم الأجتماعي في تعز والمخا لزيارة جمهورية رواندا للاطلاع عل تجربتها في مجال التسامح والعدالة الانتقالية والبناء المؤسسي والتنمية.

وكانت تلك مبادرة جيدة ومطروحة في أذاهننا وبعض الزملاء معنا في لجنة الحوار الجنوبي وهي الفكرة التي رفعها الحراك الجنوبي منذُ ٢٠٠٦م بالتسامح والتصالح وتظل بحاجة لمزيد من العمل في الواقع.

رواندا هي الدولة الافريقية التي تقع على البحيرات الكبرى في وسط غرب القارة الافريقية.

تلك الدولة التي كانت معروفة بدولة الإبادة الجماعية إذ تعرضت عام ١٩٩٤مم لأكبر محنة ومجزرة إبادة منذُ الحرب العالمية الثانية.

فقتل فيها خلال مئة يوم من 7 ابريل الى 14 يوليو 94م مايقرب من مليون مواطن رواندي معظمهم من عرقية التوتستي على يد الهوتو تلك القبيلة والعرقية التي كانت تحكم رواندا منذُ خروج الاستعمار البلجيكي فية١٩٥٩م أو بالاصح منذُ مطلع الستنينات القرن الماضي.

في عام ٩٠م تأسست جبهة وطنية لرواندا للمعارضة منطلقة من اوغندا بهدف تغيير النظام بعد تزايد حالات الأقصاء والتهجير للتوتسي وقاد بول كاغامي الجناح العسكري للجبهة واستطاعت الضغط على النظام حتى رضخ النظام السابق لاتفاق السلام عام ٩٣م  الموقع في تنزايا وهي الاتفاقية التي ذكرتنا بتوقيع وثيقة العهد في الادرن عام ٩٣.

بين نظام الرئيس السابق صالح وقادة الاحزاب في اليمن مع القيادة الجنوبية والحزب الاشتراكي برئاسة الرئيس السابق البيض.

فبعد اتفاق تنزاينا انقلب النظام على الاتفاق وكان لمقتل الرئيس الرواندي السابق على متن طائرة كانت عائدة به ومعه رئيس بروندا من تنزانيا هي الشرارة التي اشعلت الحرب المدمرة.

ولايعلم من اسقط طائرته في ٦ ابريل ٩٤م لكن الجبهة الوطنية تتهم النظام نفسه باسقاط الطائرة لاشعال الحرب.. فبعد ساعات دخلت رواندا في حرب لامثيل لها منذُ الحرب العالمية قُتل فيها وخلال ١٠٠ يوم مليون شخص ترامت جثثهم في كل مكان وهرب من تبقى من النظام والجيش السابق للخارج واندعلت الحرب بينما كان مسؤولين من الجبهة الرواندية يتواجدون في العاصمة كيغالي بفندق مجاور لمجلس النواب ومعهم ٦٠٠ مقاتل سمح بدخولهم ضمن اتفاقية السلام وقد زرنا موقع الفندق والبرلمان وشاهدنا متحف يحكي قصة تلك المعركة..وبعد سيطرة الجبهة الرواندية على العاصمة في ١٤ يوليو واعلان إيقاف الإبادة الجماعية وهروب النظام المتبقي منه.

شكلت رواندا حكومة وحدة وطنية ولم تتسلم السلطة بل سلمتها للجناج السياسي انطلاقا من اتفاقية تنزانيا ولم يتم اسقاط الوثيقة كما اسقطوا وثيقة العهد في اليمن بعد ٩٤م.

وتزامنت الحرب الرواندية مع الحرب في بلادنا وبنفس الاشهر ابريل الى يوليو ٩٤م مع اختلاف الاهداف للحرب والنتائج التي اسفرت عنها ولكن في رواندا تجاوزا  الحرب بينما اليمن (الشمال) وفي الجنوب نعيش مزيدا من الصراعات بسبب عدم حل أسباب الصراع ومحاولة تسطيح الوضع بأنه صراع على سلطة بعكس الحقيقة بفشل الوحدة وبوجود مشروع في صنعاء يزعم أحقيته في الحكم وهو مايرفضه الجنوب.

لم يتعاون العالم مع الحكومة الجديدة وظلت رواندا في حصار وفقر وانهيار وتشكلت حكومتها الجديدة على انقاض دولة منتهية ومنهارة مدمرة وشعب منقسم وصراع عرقي واحقاد وانهيار لكل مقومات الحياة والدولة.

باختصار انتهت رواندا في ٩٤م من الخارطة ماعدا اسمها وعلمها.

فكيف نهضت من ذلك الركام.. وتجاوزت أثار الحرب والتصفية العرقية وكيف قبل الشعب بالتسامح وسادت العدالة بمحاكمة ١٢٠ الف تم ايقافهم من مرتكبي الجرائم..كيف تم تاسيس محاكم كاكاشا الشعبية وكيف تسامح الكل.. وكيف قاد بول كاغامي رواندا لتصبح اليوم دولة ناجحة.وماهي الدروس المستفادة من تلك التجربة.. وكيف يمكن للجنوب على المستوى الداخلي الاستفادة منها ولليمن ايضا العظة بحكم فرض الوحدة بالقوة وتزامن حرب ٩٤م في بلادنا مع حرب ٩٤م في رواندا.. وكيف يمكن لأي دولة من دول العرب العاربة  والمستعربة..

أن تستفيد من تلك التجربة بصرف النظر عن اختلاف الأسباب لقضايا الصراع أسئلة سنوضح بعضها في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.

مقالات تعبر عن رأيي الشخصي