آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-12:03م

المثالية الزائدة والتشدد المبالغ فيه يؤديان للفشل

السبت - 12 أغسطس 2023 - الساعة 11:09 ص

علي بن شنظور
بقلم: علي بن شنظور
- ارشيف الكاتب


الأحداث المحلية والخارجية المحيطة بالجنوب واليمن تتطلب أن يمتلك كل من يشتغلون في المجال السياسي في  صناعة القرار أو البحث و الكتابة أوالتحليل أو نشطاء ورجال الإعلام والصحافة خاصية الإطّلاع والهدوء العقلي والنفسي لقراءة تلك المتغيرات بعقل غير متشنج ولا مثالي.

فالمثالية الزائدة تؤدي للوقوع في تبني القرارات  المبنية على العاطفة وحسن الظن الكامل دون وضع خطوات رجعة لتوقع عدم صدق الطرف الآخر في الوعود والمواثيق وهذا ماحدث للجنوب في عام ٩٠م

فلم يكن قرار دخول الجنوب في الوحدة مع صنعاء إجباري بل كان اختياري وبرغبة شعبية لآن مشروع الوحدة كمبدأ ليس مرفوض فنحن تربينا عليه واجيال الجنوب ولولا ذلك المبدأ لما توحدت ٢٣ سلطنة في الجنوب العربي بدولة واحدة في ٦٧م..

ولكن الإشكالية في اختلاف الأسباب والعوامل للوحدة لذلك اكتفت القيادة بتحويل تلك الرغبة الشعبية المتأثرة بحماس المد الثوري بالتوجه للوحدة بعاطفة سياسية مثالية والعاطفة لاتعمل حسابات الربح والخسارة.

لأنه لو كان ذلك بني على أساس مصالح الشعب لما تم إعلان مشروع الوحدة في ٩٠م بتلك الطريقة ثم اكتشفت قيادة الحزب الأشتراكي كارثية القرار بعد انتخابات ٩٣م النيابية وعودة الجنوب من النصف في السلطة للثلث ثم بعد ٩٤م خسارة الحرب وضياع الجنوب بكل مافيه.

لذلك المثالية الزائدة لاتنفع في اتخاذ القرارات السيادية السياسية للشعوب حتى في القضايا الفرعية تكون المثالية سببا في الضرر مع أنه في المسائل الفرعية يكون ضرر غير مؤثر بشكل كبير ويمكن التعويض فيه كما حصل في دخول الجنوب أو المجلس الانتقالي في حكومة الشرعية الحالية دون رؤية توضح كيف سيتم التوفيق بين أن تكون شريكاً في السلطة  والحكومة وكذلك معارضاً لها في أنّ واحد !

وفي الوقت نفسه فإن التشدد المبالغ فيه لايخدم فكر السياسي ولا قضيته، وقد يؤدي لتأخير الحل حينما لاتمتلك القدرة بمفردك لتثبيت الحل في الواقع من طرفا وأحد دون النظر للتأثير الخارجي.

فالتشدد يؤدي لضياع فرص تتاح يمكن الانطلاق منها للوصول للهدف العام فعلى سبيل المثال أضاع العرب والثورة الفلسطينية تلك الحلول التي منحت للقضية الفسلطينية بعد ٦٧م ثم ذهبوا للشتات واضطروا للبحث عن خيار الدولتين بحلول أقل مما كانت قد عرضت عليهم سابقا ومع ذلك لم يحصلوا عليها حتى اليوم.

نحن في الجنوب بحاجة لقليل من الهدوء فليس كل من يتحدث في علم الكلام  والفلسفة سياسي ولا من يحمل أعلى الشهادات والمناصب هو سياسي بل هناك فرق شاسع.

فالعلم بالسياسة نظريا فقط لايعني القدرة على صناعة القرار الصح والجهل بالسياسة ايضاً يؤدي لصناعة القرارات الخاطئة والمزج بين العلم والخبرة والواقع يؤدي للنجاح بعون المولى تعالى.

نحن بحاجة لفهم الواقع ولايوجد منا من يزعم أن مايكتبه هو قرآن كريم والعياذ بالله أونص شرعي لايقبل التعديل..فكل الأفكار خاضعة لاسقاطها في الواقع فما كان منها يناسب الحقائق على الأرض ويؤخذ بالأسباب الذاتية والموضوعية وبالادلة الشرعية ويراعي متغييرات مايدور من حولنا فهو الأفضل للأخذ به وماكان من تشخيص مبني على حسابات سياسية حزبية أو شخصية أو مناطقية أو انتقامية لايمكن البناء عليه.

نتمنى أن يكون لدينا فريق سياسي  جنوبي داخلي وخارجي ومهني يعمل بعيدا عن ضغط التأثيرات السياسية أو الخوف من إنقطاع مصلحة أو راتب شهري ليقدم لصانع القرار رؤى لكل قضية وتشخيص لكل حدث سياسي  كحال ذلك الخبير الذي يشخص الخلل  ويضع الحلول لأي مستجدات طارئة.

وبالله التوفيق

أبوخالد

علي بن شنظور

ويومكم سعيد

١٢ /٨٢٠٢٣