آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-06:19م

العملة اليمنية بين المساعدات الخارجية والمسؤوليات الحكومية !

الثلاثاء - 01 أغسطس 2023 - الساعة 11:22 م

عبدالواسع الفاتكي
بقلم: عبدالواسع الفاتكي
- ارشيف الكاتب


إلى متى سيظل اليمنيون تحت رحمة الودائع والمساعدات الخارجية وبالأخص السعودية ؟! التدخلات المالية السعودية الطارئة ، والتي عادة ما تأتي عندما تتدهور قيمة العملة الوطنية بشكل كبير ومتسارع  ، وعلى الرغم من أنها تحد من هذا التدهور وتكبح جماح الانهيار الاقتصادي ، من الوصول لحافة الانهيار التام ، الذي تنفرط من خلاله عقد ما تبقى من مؤسسات الدولة ،  إلا أن اعتماد السلطة الشرعية على مثل هكذا حلول جزئية ، لن يمنع من معاودة العملة الوطنية الانهيار مجددا ؛ إذ أن ما تحصل عليه الشرعية من مساعدات مالية طارئة ، تصرف رواتب أو تغطية المستندات التجارية ؛  لتوفير غطاء نقدي ؛  لشراء المواد التموينية الغذائية لفترة محدودة  ، وبالتالي سرعان ما يعود العجز المالي للشرعية مرة أخرى ، وتعود العملة الوطنية للانخفاض ؛ ما يعني بأن الاقتصاد اليمني لن يشهد استقرارا ولو بشكل نسبي ؛  لأن المخزون النقدي من العملات الصعبة سيتآكل ، بل سينفد ، فالدورة الاقتصادية النقدية مغلقة ومحدودة ، في ظل جفاف في مصادر التمويل الرئيسة أبرزها انقطاع تصدير النفط والغاز ، ومع وجود شبهات فساد واستنزاف للعملة الصعبة ؛  كرواتب ونفقات إقامة لمسؤولي الشرعية في الخارج ، إضافة للانقسام النقدي بين مناطق سيطرة المليشيات الحوثية ومناطق الشرعية ، وتعويم قيمة العملة الوطنية وجعلها تحت رحمة مضاربة هوامير شركات الصرافة ، التي انتشرت في جسد الاقتصاد اليمني انتشار النار في الهشيم .

الوضع الاقتصادي في اليمن سيظل بين الانهيار والتعافي الشكلي ، ما لم يتم تأمين مصادر تمويل ثابتة للسلطة الشرعية كتصدير النفط والغاز ،  وما لم يتم الحد من الفساد وسيطرة البنك المركزي على سوق الصرف ، واتخاذ إجراءات تقشفية من قبيل تقليص الزيارات الخارجية لمسؤولي الشرعية إلا للضرورة القصوى ، وتقليص العاملين في السفارات والبعثات الدبلوماسية ، وعودة مسؤولي الشرعية للداخل وصرف رواتبهم بالريال اليمني ، والكف عن صرف مبالغ مالية لفعاليات ومؤتمرات داخلية وخارجية تستنزف خزينة الدولة دون أن تعود بالفائدة على اليمن ، سوى تسجيل حضورها في تلك الفعاليات والمؤتمرات .

الوضع الاقتصادى الحرج  لم يعد بمقدور المواطن اليمني تحمله ، ينذر بكارثة إنسانية كبيرة ، في ظل تقليص المنظمات الدولية مساعداتها  ، وانهيار العملة الوطنية ، وغياب الخدمات ، وهو ما يحتم على الشرعية اليمنية أن تشرع في إصلاحات اقتصادية وإدارية ، تبدأ من تشكيل حكومة طوارئ مصغرة تدمج فيها بعض الوزرات ،  وتعاد هيكلة الحكومة ووزارتها وهيئاتها ومؤسساتها ، بما يحد من التضخم الوظيفي فيها ، فبعض الوزارات والمؤسسات الحكومية لديها عشرات الوكلاء والمستشارين ،  الذين يرهقون كاهل ميزانية الدولة رواتبا بالعملة الصعبة ومكافآت ونثريات وبدلات سفر ومظهر وسكن ، كل ذلك على حساب لقمة عيش المواطنين والتزامات الدولة تجاههم ..

مهما كانت الأموال والمساعدات التي تقدم للسلطة الشرعية فإنها لن تتعدى كونها مهدئات مؤقتة وحلول تخديرية ترقيعية ؛ طالما عجلة الاقتصاد الوطني بموارده السيادية معطلة ،  وطالما لم يرشد الانفاق الحكومي ، وتتخذ إصلاحات مالية وإدارية ، تكبح الفساد ، وتحد من التضخم  ، وهو ما يجعل من عودة انهيار العملة الوطنية أمرا ورادا وبالتالي عودة  استجداء المساعدات الخارجية .

#عبدالواسع_الفاتكي