بقلم غازي المفلحيوزارة الأوقاف تتألق والمرجفون واجمونموضوع واحد طغى على كل المواضيع واستأثر باهتمام المتابعين لمشهد رحلة الحجاج اليمنيين هذا العام ، وهو اعتماد وزارة الأوقاف أبراج الهداية ( عدد 12 برجا) كسكن رئيسي لحجاج اليمن حيث تستوعب تقريبا 90% من عددهم البالغ بحدود 24,2 الف حاج .كانت مبررات الوزارة بسيطة ومنطقية ، فهذه الأبراج مصنفة وتدخل ضمن فئات الفنادق الذهبية وتتناسب من حيث السعة ومساحة الغرف والممرات وصالات الاستقبال والنظافة ونوعية الأثاث والخدمة مع ما يدفعه الحاج من تكاليف بحيث تضمن له الإقامة المريحة التي تمكنه من أداء مناسكة بهدوء وسكينة وطمأنينة وبدون منغصات .المرجفون كان لهم رأي آخرالمرجفون ممن لا يجيدون في حياتهم شيئا سوى النقد والهدم كان لهم رأي آخر ، قاموسهم اتسع لكل كلمات التشنيع والطعن والتسفيه بهذا الاختيار ، واستهدفوا بشكل خاص وكيل الوزارة الدكتور مختار الرباش تلميحا وتصريحا بانه من يقف خلف هذا الاختيار الذي وصفوه بالكارثي ، دبجوا المنشورات والمقالات والتصريحات المثيرة التي حولت اعتماد الوزارة لهذه الأبراج وكأنها نازلة سوف تحيق بالحج والحجاج ، بل وصل الحال بهم الى القول انهم رفعوا اعتراضاتهم الى الرئاسة ورئاسة الوزراء وجميع الجهات ذات العلاقة لحثهم على التدخل وتلافي الكارثة قبل وقوعها .كانت مبرراتهم ان الأبراج ستضم ما يقرب من 21 الف حاج وتبعد عن الحرم بحدود 8 كم ، فكيف سيذهب هذا العدد الكبير الى الصلوات في الحرم ، وكيف سيتم تصعيد هذا العدد الى منى في وقت واحد يوم التصعيد ؟ وأين ستقف الباصات ؟ وكيف سيدخلون ويخرجون بهذه الإعداد ؟ كما انه لا توجد بقالات ولا مطاعم تكفي هذه الأعداد فأين سيأكل الحجاج ومن اين سيشترون حوائجهم الشخصية ؟ وطبعا كان كل تصريح او مقال ينتهي بتحميل وزارة الأوقاف ووكيلها تحديدا نتائج ما سيترتب على هذا الإختيار من نكبات .واعترف انني واحد من الذين تسرب الى نفوسهم بعض القلق فقد بدا منطق المرجفين وكأنه ينطوي على بعض المعقولية ، لكن لأننا نثق بنزاهة ونظافة قيادة الوزارة وخبرتها ، ويقيننا انهم لن يتخذوا أي قرار فيه اضرار بالحجاج او تضييق عليهم فقد ايدنا الوزارة في ما ذهبت اليه وشجعنا الوكالات على ابرام التعاقدات مع هذه الأبراج . حلول سبقت وصول الحجاجكانت مشكلة المطاعم والبقالات ماثلة للعيان ، ولم يكن لدى احد من المتابعين أي فكرة عن كيف يمكن حل هذه المشكلة ثم فوجئنا قبل أسبوع من مجيء الحجاج تقريبا بحركة تركيب ارفف في صالات الأبراج جميعها لفتح بقالات ، عرفنا انه تم التعاقد مع بعض التجار لفتح بقالات في الفنادق لتلبية حاجة الحجاج الى البقالة ، وكذلك التعاقد مع طباخين وتجهيز المطاعم في الفنادق نفسها لتقديم الوجبات ومعظمها اطباق يمنية وبأسعار في متناول الحاج .وصول الحجاج كان هو الاختبار الأول ، ومعروف عن الحاج اليمني انه لا يجامل ولا يتجمل بالسكوت بل يرفع صوته بالشكوى لو احس بأي تقصير .وصل الحجاج والبقالات مفتوحة في الفنادق نفسها ، والمطاعم تقدم الوجبات لمن يريد والباصات تنقل الحجاج الى الصلوات وتعيدهم على مدار الساعة ، وخدمة الغرف تقوم بتغيير الفرش والملايات كل ثلاثة أيام .. وضع مثالي .وكان الاختبار الثاني والأهم هو التصعيد ، فكيف يمكن تصعيد 21 الف حاج الى منى في ليلة واحدة ، اين ستقف اكثر من 400 باص ، وكيف سيتم التغلب على الفوضى التي ستنشأ بسبب نزول هذا العدد الضخم الى الشارع وفي مساحة ضيقة وكيف سيتعرفون على باصاتهم ؟ كانت هذه أسئلة تشغل المتابعين وكان المرجفون يقولون انتظروا التصعيد وسترون ماذا سيحصل من فوضى .ومرة أخرى تفاجئ قيادة الوزارة المرجفين بحل مبدع وعبقري لمشكلة التصعيد ، حيث جدولت تصعيد الحجاج في مجموعات وكل مجموعة تتكون من عدة وكالات ولها وقت محدد تدخل باصاتها الى المواقف امام الأبراج وينزل حجاجها لركوب الباصات بحيث لا يزيد الفرق في التوقيت بين المجموعة والأخرى اكثر من ساعة ، ثم تأتي المجموعة الأخرى وهكذا .نجاح فاق التوقعات لم يكن اكثر الناس تفاؤلا يحلم بسير الأمور بهذه السلاسة والتنظيم حيث لم تشهد عملية التصعيد أي اختناقات او ارتباك ولم يأت صباح يوم 8 الحجة الا وكان الحجاج جميعهم في مخيماتهم في منى .ولو سألنا هل كان هذا الموسم هو الاكثر نجاحا من حيث الترتيب والتنظيم وقلة المشكلات التي رافقت بعثات الحج في الأعوام الماضية ؟ على الأرجح سيكون الجواب نعم يمكن اعتباره موسما نموذجيا والنجاح الذي تحقق فيه يكافئ الجهد الكبير الذي بذل رغم التشكيك وبث الشائعات والأراجيف .والحقيقة ان نجاح وزارة الأوقاف في ظل قيادتها النزيهة والرشيدة لا يقتصر على هذا التألق في موسم الحج بل ان الإصلاحات طالت كثير من أوجه القصور وأغلقت ثغرات كان الفساد يعشعش فيها ويعبث بها ، وهي تستحق ان نفرد لها مقالات مستقلة بها لأهميتها .تهانينا لقيادة الوزارة ممثلة بالربان الماهر الوزير القدير الدكتور محمد عيضة شبيبة ، وكذلك لوكيل الوزارة لقطاع الحج والعمرة الدكتور مختار الخضر الرباش صاحب الخبرة والتجربة والحنكة الذي كان له اليد الطولي في صنع هذا النجاح .