آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-10:59م

مطابع الكتاب المدرسي ثورة للبقاء وخذلان تربوي مجتمعي

الإثنين - 26 يونيو 2023 - الساعة 11:38 ص

جمال مسعود
بقلم: جمال مسعود
- ارشيف الكاتب


تناقضات عجيبة وغريبة تحوم حول قضية الكتاب المدرسي ومطابعه التي وضعت بصمتها في غلاف كل كتاب بين يدي ابناءنا الطلاب وبناتنا الطالبات من رياض الاطفال الى الصف الثالث الثانوي اكثر من خمسة عشر عاما دراسيا ثلاثة لرياض الاطفال وتسعة للتعليم الاساسي وثلاثة للتعليم الثانوي، وفي كل كتاب يمر شعار مطابع الكتاب المدرسي على عين الطالب وبصره ليلتصق بفكره العلاقة المؤبدة بين الكتاب والمطابع والتي لايخطر ببال احد على الاطلاق ان تنقطع يوما ما ليجد الطالب شعارا آخر غير شعار مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي  .

ثورة وانتفاضة وصرخة مدوية في ارجاء العاصمة عدن فجرها عمال وعاملات مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي ،  لايهم البحث عن تفاصيل سبب الاحتجاج العمالي المتكرر فظاهره ان المؤسسة في حالة عدم استقرار وان توجهات المعنيين بالأمر امام معضلة تواجههم في تثبيت استقرار المؤسسة وتطبيع اوضاعها لتعود الى وضعها السابق قبل سنوات ايام كانت المؤسسة عجلة ذاتية الحركة لاتتوقف ماكينتها على مدار الساعة بمحرك دائم الحركة انتج وفي عصره الذهبي ملايين الكتب الدراسية للاجيال منذ تأسيسها وتدشين العمل بماكيناتها الحديثة والمتطورة والسريعة والضخمة  .
مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي منشأة اقتصادية لاتقبل الخسارة في منطق المنافسة التجارية في موسم الزيادة في الطلب على الانتاج  ، هناك مسمار دقيق في مكون المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي هو السر في المعاناة التي اوقفت عجلة الحركة للمؤسسة وجعلها تتراجع للخلف وتترك موقع الصدارة والتسيد للانتاج الطباعي للكتب والمستلزمات الاخرى  ، وفي ظروف غامضة وسلوك غريب ومنطق لايقبله عقل ولا ضمير ان مؤسسة بحجم مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي وقدرتها الانتاجية وفي ظل العجز والحاجة الضخمة لمنتجات الطباعة والاصدارات المؤسسية الحكومية والتجارية وفي عز الموسم تنسحب المؤسسة عن المنافسة وتوقف عجلة الانتاج وتغلق ابوابها للتخلى عن العمل والانتاج والارباح  وتعطل القدرات الوظيفية للعاملين فيها وتتحمل اعباء الرواتب والحوافز والاكراميات للعاملين من حساب مجهول تنفق منه والمؤسسة مغلقة وعجلة الانتاج فيها ضعيفة جدا او متوقفة 
العجيب والغريب في كل مايدور هو منهج الاعتزال المجتمعي وقطع التواصل والاتصال التفاعلي بين الاحتياجات والاحتجاجات وعدم التدخل للجمع بينهما والمشاركة لتفهم المقاصد وآليات الحل والحسم وعودة الاوضاع الى ماكانت عليه  ،
لماذا يتخلى المجتمع عن حماية احتياجات تعليم ابنائه والتزامه الصمت ودفن الراس في الرمل وتعصيب العينين عما يدور حول احتجاجات عمال مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي وعدم تدخل النخب والكفاءات ونشطاء المجتمع والمهتمين وعلى راسهم النقابات العمالية المعنية بحماية مؤسسات الدولة والدفاع عن حقوق العاملين  ..؟  
اين هي المعلومة وعند من نجدها ومن ينقب عنها ليطلع الرأي العام عن حقيقة ما يدور حول مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي  ..؟ 
ولم هي تعاني من ازمات تشغيلية وهي قطاع اقتصادي وانتاجي يفترض ان يعمل على مدار الساعة ويحقق ارباح مضاعفة اكثر واكثر عند تشغيل الماكينات العملاقة التي بحوزته وبالاخص عند تشغيل القطاع التجاري الذي لو اقحمت المؤسسة نفسها فيه وتغلغلت في سوق الطباعة والاصدارات لاكتسحت الساحة ولتسيدت المشهد ولحققت ارباحا تجارية تستطيع بها ان تنشأ لها فروع في محافظات اخرى لتخفيف الضغط على طلبيات الطباعة والاصدارات التي يحتاج اليها السوق التجاري او الحكومي..؟

ان المجتمع يتفرج وهو صامت وينظر بأم عينه احتجاجات عمال مطابع الكتاب المدرسي والثورة والانتفاضة الحقوقية المشروعة للعمال والموظفين يوما بعد آخر يصرخون للمطالبة باداء وظيفتهم وتشغيل مؤسستهم وتحريك ماكينات الطباعة لتوفير احتياجات المجتمع المحلي من الكتب المدرسية والشهادات والاصدارات  ، وكلنا ينظر اليهم بعزلة وتهرب وعدم اهتمام دون ان يكلف احد نفسه او يتساءل عن سبب تكرار الاحتجاجات والوقفات للعمال والموظفين  .

انه لغريب وعجيب جدا ان يترك المجتمع مؤسسة انتاجية ضخمة بحجم مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي عرضة للاهمال والتعطيل ويتخلى عن عمال وموظفين بحت اصواتهم وهم يصرخون ثم لا يجدوا نقابة تتضامن معهم او منظمة مجتمع مدني او تكتل او كيان او من يتفهم مطالبهم ويقف معهم ويساندهم ويتحرك لاجلهم لانهاء احتجاجهم وتمكينهم من العودة الى العمل وتشغيل الماكينات للطباعة والقص والتغليف والشحن والنقل والخزن وكل الوظائف المصاحبة لطباعة الكتاب المدرسي.. افيقوا من سباتكم واعيدوا تشغيل الماكينات والمحركات واستفيدوا من الايادي العاملة الماهرة وطوروا من قدراتها ومهاراتها واتركوا عنكم البطالة المقنعة ولا تعيدوا برنامج خليك بالبيت وراتبك تستلمه كل شهر وانت مرتاح فزماننا زمن الانتاج والاستهلاك ومؤسساتنا الواحدة بعد الاخرى تتوقف عن العمل ونحن في صمت عجيب وغريب الا بئس القوم نحن ، كم نحن اغبياء ومصابون بالبلادة ، اي جنس بشري هم نحن ..؟