آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-10:43م

الناس في وطني باتوا أسرى هزائمهم في حروبهم اليومية ضد همومهم الحياتية..

الأحد - 11 يونيو 2023 - الساعة 03:00 م

محمد ناصر الشعيبي
بقلم: محمد ناصر الشعيبي
- ارشيف الكاتب


ألسنا نعيش اليوم أكثر مراحل تاريخنا بؤسا وتخلفا وظلاما وقهرا، بسبب تكالب الخارج والداخل علينا، أليس اليوم هو يوم اللصوص والدجل وبيع الكلام على السذج أليس اليوم هو يوم العملاء سافرين بدون حياء؟ أليس اليوم يحكمنا الأمي والدجال؟

لمن ننادي ونصرخ لجماعة من المفسدين تركت الشرف في حمامات الخارج ولمن ندعو لمن باع الشرف ببعض دولارات حتى أصبحت دمائنا أرخص من مياه الصرف الصحي؟ لمن ننادي وقد سرقونا وباعونا وهجرونا واغتصبونا واعتقلونا وفعلوا كلما أرادوا بل وأكثر.. نعم لقد نجحتم أيها الفاسدون في قطع لساننا وتمزيق شراييننا وتحويل الجنوب إلى مزرعة لكم ولكلابكم وقططكم. ونصبتّم أنفسكم أسيادا وجعلتم فقراء وطني عبيدا لكم، بعتم الوطن بثمن بخس، واليوم تقفون بكل وقاحة وتتحدثون عن الوطنية وتعقدون مجالسكم وكأنكم أهل الدار بعد أن خربتموها وسرقتموها وعثتم فيها فسادا بل ولقد ملأتموها بقاذوراتكم.

الناس في وطني باتوا أسرى هزائمهم في حروبهم اليومية ضد همومهم الحياتية، فالمواطن الجنوبي محدوب الظهر من أحمال ثقيلة ألقت بها الحكومات القديمة و الحالية المتعاقبة على ظهره بحجة الأزمات الاقتصادية التي كان لهم اليد الطولي في وجودها فلم تجد بدّآ لستر عجزها إلا بفرض مزيد من الضرائب ورفع الأسعار عليه، يضربونه أكثر ما يطعمونه، أفقدوه القدرة على أن يذهب بأحلامه أبعد من السلع التموينية والحليب القليل والماء الشحيح رغم تلوثه، أو البحث عن فرصة عمل كريمة.

أنا لم أرَ في الجنوب  اليوم إلا أبطالاً في قبور ولصوصاً في قصور، وأغنياء على ذل الفقراء يغتنون، وحكاماً على جثث الناس يرقصون، ونواباً لا يتغيرون، ووزراءَ في القصور يتنافسون، وبعد الموت يظلون يبتلعون، وبالدين يقتلون ويكفرون، وقطعاناً يسيرون في ظل نظام مخزي يقوم على تجويع الشعب في الداخل، وإبقائه على الجهل والتخلف إبقاء الشعب الجنوبي في حالة فقر حتى يمل الشعب وينشغل بطلب العيش بدل طلب الدولة المسلوبه و المنهوبة، نشر الرذيلة والعهر في المجتمع، تفكيك المجتمع الجنوبي أسرياً وقبلياً.

أنا لم أعرف إلا جنوب بلا كهرباء وبلا مياه وبلا دولة، وطني الجنوب الحبيب، لقد ذبحوك من الوريد إلى الوريد، لقد جففوا ينابيعك بحقدهم وحرقوا حقولك بشرورهم مصّوا دمك، وأكلوا لحمك وشحمك ولم يبقوا لك إلا الجلد والعظم، باسم الله شوهوك، باسم الحب قتلوك، وباعوا ترابك وهواءك وماءك وكبرياءك ومع ذلك يصفقون لك وينشدون عاش الوطن، يقتلني كذبهم ويزلزلني دجلهم أولئك الذين جيوبهم مع الوطن وسيوفهم على الوطن، يغنوّن للوطن ويقبضون الثمن يحرقون الوطن ويقبضون الثمن.

فأين أنت يا جنوب أين رجالك وأين أبطالك المخلصين، بل أين الرجال الذين كنا نعدهم من الرجال؟، كلنا متحآلفون عليك يا وطني لأننا لم نلتزم حب الوطن وغرقنا في صمتنا، وتركناك في مستنقع الفساد كل هذه العقود، إذن كلنا فاسدون بكذبنا بنفاقنا بصمتنا بدجلنا..