آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-11:53م

قصة أغنية " ايش دا كله يا بلدنا "

الأربعاء - 31 مايو 2023 - الساعة 12:00 ص

احمد محمود السلامي
بقلم: احمد محمود السلامي
- ارشيف الكاتب


في احد اللقاءات التي اعتز بها كثيراً مع الفنان الكبير سالم بامدهف خلال زيارته الأخيرة لمسقط رأسه عدن عام 1999م ، حدثنا عن كثير من ذكرياته  وأعماله ومن ضمنها الأغنية أو أنشودة " ايش دا كله يا بلدنا " ولها في الوجدان حكاية .

عاد الفنان سالم بامدهف إلى عدن عام 1978م  بعد أن غادرها مكرها إلى ابوظبي وكان سبب عودته هو أخذ أطفاله الذين تركهم في عدن ، واستعان في انجاز هذا الأمر بصديقه الخلوق والراقي عبدالعزيز عبدالولي وزير الصناعة وأحد كبار المسؤولين في التنظيم السياسي الحاكم في تلك الفترة .

ذهبا الاثنان إلى وزير الداخلية صالح مصلح قاسم لغرض استخراج تصريح بمغادرة الأطفال لكن مصلح وجه كلامه لبامدهف وقال : انت لم تغنٍ للثورة وما بعطيك تصريح خروج لأطفالك إلا لما تغني للثورة في الحفل المركزي الذي سيقام في 14 أكتوبر بمناسبة الذكرى 15 لقيام الثورة وايضا احتفالاً بتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني .

كان الوقت قصير والايام تجري وكان على البامدهف أن يسابق الزمن حتى ينجز الأغنية ، ولهذا الغرض ذهب إلى الشاعر الغنائي الكبير عبدالله عبدالكريم محمد في حي الشيخ عثمان  وطلب منه كتابة انشودة معبرة عن تلك المناسبة..

قال لي الشاعر عبدالله عبدالكريم : وعدته بانني سأكتب له الانشودة واخبرني أن أذهب إليه حيث يسكن في الشارع الرئيسي بالمعلا في العمارة الخامسة من موقع المطعم الصيني ، وبالفعل انتهيت من كتاب الانشودة ، وفي اليوم الثاني ذهبت عصراً بمعية العقيد محمد علي سلام وهو أحد جيراني ذهبنا سويًّا في سيارته الفولكس واجن وعندما وصلنا المعلا نزلنا من السيارة ولكي نتأكد من موقع شقة البامدهف ــ الحديث لازال للشاعر عبدالله عبدالكريم اطال الله في عمره ــ كنا نقوم بعد العماير مع الاشارة اليها بأصابعنا وفجأة توقف بجانبنا سيارة عسكرية (مطربلة) كانت تابعه للجيش كان بداخلها عسكر طلبوا مننا الطلوع إلى السيارة بدون أي كلمة تصدر مننا ، واتجهوا بنا إلى مقر المليشيا ونحن لا نرى شيئاً وعندما وصلنا إلى مقر المليشيا نزل الضباط وأمرنا بالنزول و وضعونا انا وزميلي في غرفة أشبه بالزنزانة واغلقوا المقر ونحن بداخله حينها عرف سالم بامدهف بما حدث وقام باتصالات عديدة حيث تم الإفراج عنا ليلاً لألتقي الفنان سالم بامدهف واسلمه الانشودة التي قلت في مطلعها :

ايش دا كله يا بلدنا يا جميلة ايش دا كله

الجمال الي يزين فرحتك ما شفنا مثله

الربيع ما بين خدودك قد فرش ورده وفله

والقمر احترنا والله .. عن جمالك ايش نقول له

ــ انتهى الحديث للشاعر عبدالله عبدالكريم ــ

كما فهمت من الاثنين (الشاعر والفنان) ان الاستاذة عيشة محسن رئيسة اتحاد نساء اليمن وعضو اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الحاكم كانت تسكن في نفس العمارة التي يسكن فيها سالم بامدهف او التي بجانبها وهي من اتباع الرئيس سالمين الذي تم الانقلاب عليه قبل ثلاث اشهر وكان من نصيبها الاقامة الجبرية في شقتها ووضع مراقبة عسكرية عليها حتى لا تتمكن من الهرب الى ابين معقل الرئيس المغدور سالمين .

لحّن سالم بامدهف الانشودة لحن فرائحي بهيج وغناها في حفل كبير اقيم على خشبة المسرح الوطني بالتواهي بحضور كبار المسؤولين في الدولة والوزراء وسفراء الدول الشقيقة والصديقة وجمع غفير من المواطنين .

في اليوم التالي ذهبت بامدهف بمعية صديقه عبدالعزيز الى وزير الداخلية الذي بادره بكلام استفزازي (هذه هي انشودة ؟ كان مفروض تقول ايش ذا كله يا يمن وتذكر فيها الحزب الاشتراكي اليمني ! لكن خلاص انا وعدتك اني بعطيك التصريح .. وهذا هو التصريح خذه ) . سافر الفنان سالم بامدهف مع اولاده ولم يعود الى عدن الا في اكتوبر من عام 1985م وغنى في حفل أقيم في نفس المسرح وبنفس المناسبة أغنيته المشهورة والرائعة " لا تدمعي فأنا اخاف عليك حرّ الادمعِ " كلمات الشاعر الراحل عصام غانم.