مؤسسات الحكم المستقلة :
ذكرنا في الحلقة السادسة بعض مهام وواجبات الحكومة كمؤسسة – ليست وحيدة – من مؤسسات الحكم في دولة المؤسسات والقانون , وسوف نقدم في هذه الحلقة بقية مؤسسات الحكم , وهي مؤسسات لها قوانينها الخاصة التي لا يجوز إلغاؤها , أو تعديلها إلا باستفتاء شعبي بعد انتهاء المرحلة الانتقالية . أما في المرحلة الانتقالية فتكون قرارات رئيس الدولة المتفق عليه , لها قوة الدستور بهذه الاجماع الشعبي والسياسي والدولي عليه . وهذه المؤسسات تحد من دكتاتورية الحاكم واستبداده . ومن هذه المؤسسات .
المؤسسة المالية : نعني بالمؤسسة المالية بيت مال المسلمين وهو ما يسمى اليوم البنك المركزي وهو الاسم المعتمد في المبادرة , وقد اقترحنا أن يشغل رئاسته ابن همام الحضرمي لكفاءته , ورأينا أن يتمتع البنك بقانونه الخاص الذي ينظم عمله ويمنع تسلط رئاسة الدولة أو الحكومة عليه واخضاعه لأهوائه والصرف منه كما يشاء كأنه ماله أو مال أبيه . وكل موارد الدولة تورَّد إليه , ويمنع خروج أي فلس منه إلا بقانون وبموافقة مجلس النواب, وبما يتوافق مع النظام العام للبنك وقانونه . فلا يجوز أن تلغي قرارات مجلس النواب قانون البنك الخاصة التي يجب أن تقرَّ في استفتاء شعبي , منعا لعبث العابثين من الفائزين في الانتخابات البرلمانية لكي لا يغيروها كما يشاؤون . كما اقترحنا أن تكون رواتب كل الأجهزة الحكومية والعسكرية والأمنية والقضائية بما محافظ البنك المركزي ونوابه بالعملة المحلية .
ومثلها المؤسسة القضائية التي تحاكم رئيس الدولة والوزراء وكل من تثبت إدانته بجرم خيانة الأمانة أو الفساد أو تلقي الرشوة أو التنازل عن أراضي اليمن أو الخضوع لدول أجنبية , أو ترك الخدمة الأمثل للوطن أو التطبيع مع إسرائيل أو الجلوس مع أحدٍ منهم وغير ذلك مما يخل بشرف المقام , ويؤدي إلى خيانة أهداف الأمة في التحرر والتنمية والنهضة الشاملة . ويجب أن يكون حق التحقيق مع الرؤساء والوزراء ليس في يد النائب العام وحده , وإن لم يحقق معهم , تتم مساءلته والتحقيق معه واتهامه . وللقضاء قوانينه الخاصة وميزانيته الخاصة المقرَّة من قبل نواب الشعب , كما يجب أن تنص قوانين القضاء سرعة محاكمة رجال الأمن إذا أهانوا كرامة مواطن أو قيدوا حريته بدون وجه حق , وبدون اتهام معلن , أو اقتحموا حرمة مسكنه . وكان أن اقترحنا أن تلحق بالقضاء قوة أمنية , لتنفيذ أحكامه , وجاء المقترح من البعض أنه يستحسن أن تكون السجون كافة تخضع له لضمان أن لا يسجن أحدٌ دون حكم قضائي أو أمر قضائي على ذمة تحقيق قائم . وجاء مقترح آخر يرى أن تتبع القوات الأمنية كلها القضاء , والأمر متروك للناس .
ومن هذه المؤسسات كذلك : مؤسسة الرقابة , كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة , ويكون مسؤول عن كل أجهزة الرقابة في جميع المراكز التنفيذية وجهازها الإداري في الدولة , وإليه ترفع تقاريرهم , وله أن يحول التحقيقات إلى الأجهزة الأمنية والقضائية , ولا يخضع بأي شكل من الأشكال لرئاسة الدولة أو الحكومة إلا ما يحدده القانون . على أن يكون له قوانينه المنظمة التي تحدد عمله وخصائصه . وفيها يتم تجريمه إذا أخل بمهامه أو أمتنع عن المحاسبة لأي فاسد , وتتخذ في حق الفاعلين فيه أقسى العقوبات , وينص على ذلك الدستور . ويجب أن تحرص المؤسسة الرقابية على تقييم أداء الأجهزة التنفيذية والإدارية , وتقديم النصح , والمساعدة لتطوير الأداء الوظيفي .
هذه بعض مؤسسات الدولة وفي الحلقة التالية سوف نستكمل بقية مؤسسات الدولة ومنها المؤسستين الإعلامية والعسكرية واللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء .