أن المشروع التحرري الثوري مشروع إعلان الاستقلال الذي أعلنه شعب الجنوب العربي هو مشروع يجسد رغبة هذا الشعب في عدم البقاء خارج الدولة التي عاشها منذ زمن بعيد ورغبة هذا الشعب في إحداث تغيير جذري بعيدا عن الحلول الترقيعية ببناء دولة ضامنة لقيام نهضة في كل مناحي الحياة لمستقبل كل الأجيال.
وإن إصرار شعب الجنوب باتجاه بناء الدولة وإصراره ضمن مشروعه التحرري على تجسيد وترسيخ تلك القيم الحضارية والتاريخية المنقوشة في ذاكرته ووجدانه الموروثة جيل بعد جيل على امتداد حضاراته الجنوبية وعلى امتداد أرضه الجنوبية . مؤداها أن الرفاهية تبدأ من هنا .
وبالرغم من وجود الكثير من المنعطفات في بعض المراحل التي شابها الكثير من الغموض التي مرت بها الحضارات الجنوبية إلا أن هذا المشروع يستطيع به شعب الجنوب أيضا بعث الكثير من الحقائق التاريخية التي ستكون صادمة للعالم وفاضحة لرواد التزييف محليا وإقليميا .
أن هذا المشروع التحرري الثوري يثبت أن ذاكرة ووجدان شعب الجنوب العربي هي مخزن التاريخ والثقافة ومخزن الطاقات الهائلة التي لا يستطيع الغزاة والظروف السياسية السلبية أن تمحها رغم العبث الذي أصاب تاريخه وحضارته وهويته التي ساهم في جزء كبير من تدميرها الفكر القومي العربي وفكر السلام السياسي المتطرف. لكنه اليوم يعلن للعالم أنه يستطيع أن يخطو نحو الأمام يسابق فيه الأمم والشعوب الاخرى وينهض بحضارته و يعيد أمجاده . أمجاد حضارات جنوب شبه الجزيرة وحضارات الجنوب العربي .
إن المرحلة التحررية الثورية الحالية التي يخوضها شعب الجنوب العربي هي نقطة التحول من مرحلة تاريخية معتمة إلى مرحلة مشروع استراتيجي بعيد المدى لبناء حضارة يأمل أن يدور في فلكها العالم كما كانت حضارة أجداده في عاد والأحقاف وحضرموت ، و نستشف ذلك من خلال نزوع هذا الشعب الى الحرية والحداثة رغم الظروف القهرية التي مر بها في منعطفات تاريخية استثنائية متصلة الى اليوم . لذلك هو يخوض المعركة الأخيرة الفاصلة التي يراها مرتكز الخروج من الباب الاخير لهذه المرحلة التاريخية المعتمة إلى المشروع الثوري الاستراتيجي بعيد المدى الذي يحصن الدولة ويضمن تقدمها وازدهارها ويضمن مستقبل كل الأجيال.
يستطيع شعب الجنوب بإيمانه بقدراته وطاقاته الذاتية الهائلة تحدي وتجاوز كل الصعاب والإشكاليات وتحقيق الهدف ، دولة محصنة ضمانة لمستقبل كل الأجيال