آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-05:00م

هل تحركت رياح الصين؟

الإثنين - 22 مايو 2023 - الساعة 01:16 ص

محمد الثريا
بقلم: محمد الثريا
- ارشيف الكاتب


ربما رأى كثيرون أن إتفاق شركة صينية مع سلطة الحوثيين والذي قضى بالسماح للشركة بالتنقيب عن النفط في اليمن قد أتى اليوم بمثابة تطور مفاجئ وخطير، وهو رأي يحتمل صحة الخطورة فيه إلى حد ما ولكن ليس عنصر المفاجأة .
وفي رأيي أن توقيع الصين إتفاقا من ذلك مع سلطة صنعاء لم يكن أمرا مفاجئا، بل هي خطوة مرتب لها ضمن سلسلة خطوات متصلة بتفاهمات خارجية معينة حول مسار الصراع في اليمن ورؤية الحل السياسي المفترض بشأنه في نظر المتفاهمين مؤخرا .

ولفهم خلفية ذلك التطور بالإمكان إعادة قراءة مقال سابق كان قد نشر أواخر شهر أبريل الماضي، حيث تطرق للأمر بمنظور عام وتحت عنوان :

رياح الصين وشوك الصراع باليمن !!


إتاحة الفرصة لقيام الصين بمهمة إعادة تشكيل المشهد اليمني قد تعد الخيار المطلوب إتخاذه من قبل قوى الإقليم الفاعلة في ملف الصراع اليمني !!

من المعلوم أن المحرك لأي تدخل خارجي بإتجاه بلدان الصراعات الداخلية يظل محركا برجماتيا، وغير بعيد عن ذلك سيبدو جليا أن الصين قد أعدت فكرة تدخلها سياسيا في أزمات المنطقة العالقة وفي مقدمتها اليمن وفق ذلك المحرك الحيوي .

حيث اتجهت بيجين بذكاء إلى صنع خطوتها الأولى عبر رعاية إتفاق سياسي مهم بين القوتين الأبرز بالمنطقة "السعودية وإيران"، وذلك لضمان نجاح السير في مسعى الخطوات التالية والمتعلقة بمهمة تسوية كل صراع على حدة طالما أن معظم تلك الصراعات مرتبطة غالبا بشرنقة الصراع السعودي الإيراني الممتد في المنطقة .

في الملف اليمني، قد يخبرنا معطى اللقاءات الأخيرة للقائم بالأعمال الصيني لدى اليمن تشاو تشنج  مع رئيس مجلس القيادة اليمني وبعض نوابه عن الكثير من مغزى التوجه الصيني القادم باليمن لاسيما إلحاق السيد تشاو لقاءاته تلك بلقاء مع ممثلي فرع الشرق الأوسط لدى إحدى أهم الشركات الصينية المنفذة لمشروع الحزام والطريق .

ان مهمة تسوية الصراعات بناء على فكرة المصالح الإقتصادية المتبادلة، وهي فكرة واقعية تغلب الأهمية الجغرافية على ما دونها تعد جهدا لافتا يستحق الإهتمام والدعم خصوصا وأن معظم أفكار الحل المتداولة اليوم وحتى التي سبقت لازالت تؤكد عجزها تماما عن إيجاد طريقها للواقع .

ومع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن الطريق أيضا أمام الأفكار الصينية الجديدة هي الأخرى ليست معبدة في اليمن، فهناك الموقف الغربي تجاه أي سيناريو مفترض لحل الصراع باليمن، وهو الموقف المرتبط كليا بأولوية مصالح أصحابه، كما تبرز إلى جانب ذلك عقبة موقف بعض قوى الإقليم غير المتحمسة كثيرا أو بعبارة أدق غير المرتاحة كثيرا من خطوة التقارب السعودي الإيراني عموما، ومسار التطورات الأخيرة باليمن خصوصا رغم خطاب ترحيبها بتلك الخطوة والتطورات المترتبة على إثرها .

ليصبح بذلك التوجه الصيني في اليمن أمام تحد صعب، وتغدو مهمة تشكيل المشهد اليمني القادم برؤية صينية برجماتية أكثر صعوبة، وخاصة إذا ما احيلت مواجهة التوجه الصيني في اليمن إلى حلبة المقايضة بأزمات أخرى في المنطقة .

غير أن خيار إفساح المجال لدبوماسية الصين والسماح بلعبها دورا أبرز سيبقى خيارا جديرا بالدعم والمساعدة وتحديدا من شركاء الصين الإستراتيجيين في المنطقة والمنخرطين بشدة في ملف اليمن، كما لايجب إغفال الدور الروسي هنا وإستعانة الصين به عند الحاجة كموقف ترجيح في مسار إنجاز مهمتها المفترضة .