آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:23م

قراءة في مقال .

الأربعاء - 17 مايو 2023 - الساعة 11:41 ص

عمر الحار
بقلم: عمر الحار
- ارشيف الكاتب


سلط الكاتب العربي الكبير خير الله خير الله الاضواء على مستجدات الاحداث في اليمن ، وانار في احدث مقالا له جنبات ظلماتها في الشمال والجنوب على حدٍ سواء .
وافرد مساحة بالتساوي لاستعراض طبيعة اوضاعها الحالية  في كل شطرٍ على حدة كواحدٍ من الكتاب العرب القلائل الضالعين في الشآن اليمني ومعرفة ادق تفاصيله ، وفضلت عرض القراءة بما اورده من فلاشات قوية وتحاليل عميقه اظهرت لسطح جذور وخلفيات الصراع في جنوب اليمن على انه استهل مقاله بالشمال منها ، وابحر بدقة ملاح شراعي في اعماق مشكلاتها وتأثيراتها على الصعيد الداخلي والخارجي واستقر في خاتمة مقاله الفكري الرائع في قاعها المالح بالدم والمشكلات منذ قيام جمهورية اليمن الديمقراطية والتي اسماها بطريقة اخرى منبع مأسي الجنوب ، وحذر من العودة لجذورها التي ورثت شجرة الدم و تاريخ فشل قيادات ودولة الرفاق واكتسابها عداوة محيطها العربي بقوله ، واكد بان الامور مواتية لاستعادة الجنوب لدولة التي ينشدها شريطة الابتعاد عن تاريخ الجمهورية الفاشلة ، واثنا على حوار عدن والخروج بميثاق الشرف للانتقالي واتباعه ، واعتبرها مقدمات اساسية لاستعادة الدولة في الجنوب بعد فشل تجربة  نظامها الجمهوري والوحدوي معا ، مناشدا بضرورة الابتعاد عن منغصات الماضي في التاريخ السياسي الدامي لدولة في الجنوب .
وعلى اهمية القراءة الفكرية الامينة والصادقة التي قدمها الكاتب الكبير خير الله  لتجربة الحكم في جنوب اليمن ، لا ادري باسباب اغفاله كثيرا من تفاصيل  قراءة المشهد اليوم فيها ، ولو قدر له التمعن بفكره الثاقب في حيثياتها لا ادرك بان الجنوب يسعى لاستعادة تجاربه السياسية الماضية ولم يحاول حتى الاستفادة منها او الابتعاد عنها الف ميل وفقا والنصائح الموجهة له من الكاتب ومن غيره من مراجع الفكر والسياسة العرب والاجانب ، واجزم باستحالة الانتقالي الاستماع او الالتفاته لها لانه يمضي على وقع ماضي الرفاق  الدموي خطوة بخطوة وما ذكرى استباحة دم القوى الوطنية في عدن  عامي 18 و19 بمدرعات التحالف ببعيد بمالها من فعائل سحرية على استجرار قبح ذلك الماضي الشيطاني في النفوس والعقول معا مولدة ردة حالة استنفار داخلية قوية و غير معلنة رفضها لهذا النوع من المكونات السياسية الغارقة في مستنقع ماضيها الدموي و الجهوي متجاهلا بان العالم يعيش عصره الكوني والرقمي الحديث . 
اذن يصعب على الانتقالي الاخذ بالنصائح الذهبية للكاتب بعد انزلاق اول خطواته في الطريق الخطأ الذي يمثل جوهر مآسي قبائل الرفاق الماركسية ، وتاريخ تكريسها لغلبة ذات الاتجاه في عملية اعادة تشكيل مايسمى بالقوات العسكرية والامنية الجنوبية ، وسعيها المباغت وغير المدروس  لفرض هيمنتها على المحافظات الجنوبية الاخرى على حجم معاناتها وضيقها ذرعا من العقدة التاريخية للجهوية ، واعتماد الانتقالي على طفرة من المال الخليجي السائب لتوليف توافق عام للبعية ، وهو عاجز عن التخلص من نعته بمليشيا المثلث في اشارة واضحة للهيمنة الجهوية والمناطقية عليه منذ انطلاق مسماه ونشاطه قبل عامين على وجه التحديد . 
ربما عمي المشهد  عن ذهنية الكاتب الكبير خير الله خير الله وعدم الاحاطة بهذه العوامل الموضوعية  التي تمثل في مجموعها مقدمة لفشل دولة الانتقالي المنتظرة رغم انه لم يغفل عن موقع جنوب اليمن للعالم في اشارة ضمنية تومي بالتدخل الدولي في الوقت المناسب فيها ، وهذا ماتؤكدة الانباء عن اقتراب وصول الفرقاطة الامريكية من خليج عدن .
وجات بقوة فلاشات الكاتب لاضأة ظلمات المشهد شمالا ، وكان صادق مع عقلية القارئ ولم يداهنها بالخوف من قول الحقيقة التي اوردها على بلاط كلماته الناصعة البياض ، وان بعثت على القنوط من شبه استحالة تخليص شمال اليمن من سلطة الحوثي ، وعمل على ربط زوالها اوضعفها بحالة النظام الايراني في ظل عجز شرعية الدولة عن استعادة الجمهورية المختطفة ، او وجود قوة حقيقة مناوئة لها على الارض .
ليظل مصير اليمن بشطريه مروهونا بارادة وبقاء الاقلية الحوثية في الشمال ، والانتقالي في الجنوب الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا في عقلية بريطانية استعمارية قديمة ومريضة .