آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

مؤشرات الصراع القادم!

الجمعة - 07 أبريل 2023 - الساعة 01:56 ص

مصطفى المنصوري
بقلم: مصطفى المنصوري
- ارشيف الكاتب



الخطوات المتسارعة التي تخطوها السعودية نحو لملمة كثير من الازمات والصراعات في المنطقة تؤسس لقادم لا يمكن تكهنه ، الصين لعبت الدور البارز في طمأنة السعودية ، لم يتوقف التفاهم  السعودي الإيراني حد فتح السفارات والقنصليات بل تعدى الى تسهيل فتح تأشيرات السفر بين البلدين بما فيها تأشيرة العمرة ، وفتح الأجواء بمعدل رحلتين في الأسبوع قابلة للزيادة والزيارة المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين الموقعة في 17/4/2001 والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والتجارة والشباب ، أمريكا تراقب هذا التحول المفاجئ للسعودية وأكدت ان التخفيضات المفاجئة في انتاج النفط التي أعلنتها السعودية ودول أخرى في اوبك بلس غير منطقية ، وذهبت قيادات عسكرية إيرانية بتصريحاتها ان رحيل امريكا من المنطقة قد حان  .
هناك تفاهم إيراني سعودي يصب في المقام الأول في صالح إيران لطالما أحد أهداف إيران الاستراتيجية حماية المنطقة عبر دول المنطقة واستبعاد أي قوة اجنبية وكسر حواجز المنع ومشاركتها امنيا واقتصاديا وتقنيا بنفوذ سلس يمكنها من الاستثمارات المتعددة والتمكين المفصلي، انزعجت السعودية كثيرا من ضربات الحوثيين المؤلمة وأدركت ان مشاريعها الاقتصادية العملاقة ستصاب بمقتل ، تخلت أمريكا عن السعودية زيادة ان ثمان سنوات من الحرب بلا افق في اليمن عززت من فتح قنوات تواصلها مع إيران ابتداء من العراق وصولا الى بكين اليوم. 
السعودية تتجه بلا توقف تاركه خلفها الكثير من الاستفسارات حول شركاءها كدولة الإمارات والقاهرة والكويت، عودة إيران الى المنطقة بلا تنسيق مع مصر عزز من مخاوف القاهرة والاتجاه نحو فتح عزلة بشار الأسد أسس لنهاية حلفاءها من المعارضة وتعميق علاقاتها مع العراق واعلانها عبر سفيرها هناك ان كل قوة السعودية مع العراق معناه تعبيد المنطقة لشراكة سعودية إيرانية غير مفهومة مسببة حالة صدمة لدول المنطقة، المخاوف مشروعة لكنها ليست أكثر من مخاوف انزلاق المنطقة والى اللحظة نحو كارثية الدمار والموت والفشل.
كثير من الأوراق التي لعبت بها السعودية هي أوراق على ساحات متعددة كانت تؤسس لإضعاف إيران، سحبت السعودية كل هذه الأوراق اليوم وهي في طريقها ان تتفرغ لبناء امبراطوريتها الاقتصادية القادمة على كثير من الأخطاء والسياسيات التي كلفت المنطقة دمار محدق، وهذه الهرولة هل ستعزز من التصالح الداخلي للشعوب الرافضة التطبيع مع إيران سواء في العراق او لبنان او سوريا او اليمن؟ ..؛ ما يهمنا هو تقاطع مصالح السعودية وعمان في الصراع الدموي على ارض اليمن وتنافر دول حليفة مثل الإمارات وقطر ومصر مع السعودية وعمان ، تركت السعودية لعمان رسم خارطة الحل واستبعدت الإمارات بالكلية . 
تدرك السعودية ان واقع اليمن معقد، وان قضياه شائكة، ولم يعد بقدورها إعادة صياغته وفق طموحها، لم يعد لها في داخله من نفوذ او قوة، انسحاب السعودية فيه كثير من القلق على واقع القضية الجنوبية، وساهمت بدرجة كبيرة في القضاء عليها كشرط لانسحابها الآمن من اليمن، استطاعت السعودية صناعة فوضى لا متوقفة عندما تدخلت في الشأن اليمني من واقع وصايتها عليه بمساعدة دولية وحصارها المطبق له ونسجها حلول ومبادرات عززت من تفكيك المفكك وإنهاك المنهك ليصبح اليمن حاضن أكبر كارثة إنسانية حتى اللحظة. 
خروج السعودية من اليمن لا يعني ان اليمن ستنطلق نحو رحاب واسع من النماء والاستقرار في ظل بقاء وثبات معززات القتال التي مازالت حاضرة وبصورة أكبر، لن تصنع الشرعية الوفاق مع الحوثيين في ظل واقع دموي لن يتوقف وجذوره في عمق الصراع على الهوية وعلى الدولة المغتصبة وشكلها والسلاح والقوات العسكرية والقضية الجنوبية ،  ليست بداية الحل رفع الحصار وفتح الموانئ والمطارات وصرف الرواتب وتصدير النفط وتوحيد العملة والبنك المركزي ، وليست نهاية الحل صياغة الدستور والشروع في انتخابات نيابية او رئاسية  بعد المرور بمرحلة انتقالية ، الحل في معرفة عمق الصراع وقواه الحية وقضاياه والاعلان عنها ، هناك اصطفاف شرعي حوثي بلا خفية في مواجهة نافذة ضد الجنوبيين الذين اصبحوا قوة حاضرة تشكلت عسكريا وخبرت الحرب وتتشكل سياسيا اليوم وتتهيء للصراع القادم الذي لن يتوقف وسينعكس بظلاله على المنطقة وسيتم دعمه عبر دول متضررة من هرولة السعودية الى حضن إيران بلا مراعاة لحلفائها في الحرب والاقتصاد والأمن .