آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:24ص

التعارض بين العلم والدين

الأحد - 19 مارس 2023 - الساعة 05:00 م

احمد الجعشاني
بقلم: احمد الجعشاني
- ارشيف الكاتب


من القضايا المثيرة ، ويكثر الجدل فيها ، وهي موقف العلم من الدين . رغم كل ما قيل ، وحدث في أزمنه مختلفة . الا انها لازالت قضية مثيرة للجدل . وغالبا ما عزز هذا الافتراض القائل ، أن العلم والدين ، في تعارض دائم او حرب مفتعلة ، وحقيقة هذا الافتراض ، يرجع اولا الى التاريخ اساسا ، وطبيعة العلاقة بينهما . وعلى فترات طويله ظلت العلاقة ، بين الدين والعلم متنافرة . حيث كان الدين ، يضع نفسه قيما ، على العلم . وذلك تخوفا ، من النظريات العلمية ، التي يلجأ اليها العلم ، الى تفسير الظواهر الطبيعية ، وتنتهك الخواص الإنسانية . مثل قضية الخلق والاختلاف. حينها وضع الدين له نوعا من السياج او الحماية ضد العلم والتطور . رقابه لا هوتيه  لكل ما ينشر  بمعنى الانديكس pauline index . أو لستة بولين  الكتب الستة المحرمة ، ونشرت هذه اللائحة ، للأسباب مختلفة ، مثل الكفر والزندقة ، والاخلاق ، والجنس ، وغيرها . ويعاقب كل من ينشرها ، او يتداولها .

 الا أن ذلك ، لم يوقف العلم ، من التطور والتقدم . ورغم انكار الدين نظرية التطور . تقدم العلم ، في التطور وذلك وفق منظور ، أن العلم والدين ، يكملان بعضهما . ولعل ما حدث ، لجاليلوا ، هو مفترق الطرق امام التطور . ونقطه فارقة أمام التطور . وتحدي العلم أمام الكهنوت الكنسي ، رغم انتهاك رجال الدين من رجال العلم ، بعد سجن جايلوا ، مدى الحياة ، ومصادرة كتبه ، ورفض نظريته ، يأتي التاريخ  منصفا له ، و يتم الاعتذار له ، من الكنيسة والعالم اجمع ،  وبصدق نظريته ، الذي أكد فيه نظرية ، نيكولاس كوبر نيكوس ، العالم البولندي الذي قال . ان الشمس هي مركز المجموعة الشمسية وليست الارض . 

و ايضا أبن رشد ، الذي كتب ، كتاب كشف مناهج الأدلة ، في عقائد المله . وكتاب التهافت ، والذي كان سببا ، في نكسته ، حيث احرقت كتبه ، وتم نفيه خارج الديار، بعد أن اتهم بالزندقة ، والالحاد . وأن كان قد برئ ، منها أواخر حياته ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، ماهي حقيق الصراع ، مابين العلم والدين ، وهل يوجد تعارض مابين العلم والدين . 

هذا ما طرحه  الكاتب اندرو ويكسون وايت . في كتابه بين الدين والعلم ، وحقيقة الصراع بين العلم والدين ، من خلال ثلاث قضايا ، علميه مهمه اتهم أصحابها بالهرطقة ، وحكم عليهم بالموت . ويعرض في الفصل الاول ، النظريات العلمية ، في علم الفلك والكون . وكيف تصادمت ، مع تفسيرات اللاهوت الكنسي للكتاب المقدس . والفصل الثاني ، في جغرافيا الارض وتكوينها . التي لقيت صدودا وحروب لا هوتيه شعواء . واخيرا يتطرق الكاتب الى احدى النظريات ، التي اثارت جدلا الى حد الان ، وهي( التطور والنشوء ) ليصل الى القارئ نتيجة ، مفادها هو صراع بين التفسيرات المتشددة ، لرجال الدين وبين العلم . لا بين العلم والدين عموما .

 لهذا يعتقد الكثيرون ، أن الدين ليس ملزما ، أن يقدم لك ، التفسيرات العلمية لظواهر الكونية او غيرها ، وهذا الاعتقاد يظل خاطئ ، ولهذا يلجأ بعض رجال الدين ، الى التفسير العلمي بالنص الديني . متجاهلين أن النص الديني ثابت ، بينما النظرية العلمية متحركة ، وتتغير مع الزمن ، أن مسالة تعضيد ، النص الديني في منتجات العلم ، قد يؤدي إلى الشك باليقين . وذلك ما أكده الكاتب الكبير طه حسين ، في قوله ، أن طبيعة العلم تغاير طبيعة الدين . أن الدين نزعة ذاتيه ، اما العلم فنزعة موضوعيه .

خلاصة القول ، أن العلم نشاط انساني ، قائم على طرح فرضيات ، لتفسير عوالم ظواهر طبيعية ، ويستند على الملاحظة والتجريب. بينما الدين او النص الديني هو كلام الله سبحانه وتعالى . وانما التعارض ، هو في تفسير النص الديني . حيث يكون له من الدلالة القطعية . ما يتعارض مع تطور العلم واكتشافاته . وعلى هذا السياق ، أن تفسير النص الديني ، هو ما يتعارض احيانا مع العلم ، بينما الحقيق هي  أن العلم والدين متكاملان ولأيمكن التعارض بينهما .