آخر تحديث :الثلاثاء-30 أبريل 2024-02:25م

الانتقال من اللا تسوية إلى التسوية

الجمعة - 03 فبراير 2023 - الساعة 07:27 م

عمر سعيد محمد بالبحيث
بقلم: عمر سعيد محمد بالبحيث
- ارشيف الكاتب


التسوية في واقع منقسم تتوقف على دوافعها وآلياتها ومضمونها لمحددات الحرب الرئيسية. وعلى القوة الذاتية للطرفين المتحاربين وطبيعة علاقة التفاعل بينهما الراعية لظروف البيئة الدولية مرت بها سنوات الحرب السبع المنصرمة، تفوق فيها الطرف الجنوبي الذي حول شهر هزيمته إلى شهر انتصاره. فمن إيجابيات تفوقه بناء قواته المسلحة وإجهاض كل محاولات تفكيك الجنوب وتمزيقه. 

استمرارية عناصر هذا الواقع ونموها في فترة الحرب ومن ثم في فترة الهدنة إلى ما يليها من مرحلة وقف إطلاق النار وتثبيت السلام بمعاهدة تعني أن الطرفين الجنوبي والشمالي مستفيدان غير متضرران من عملية إبرام معاهدة السلام. وتأكيد أن ليس هناك طرف قادر على إرغام الآخر لتغيير الواقع من دون تسوية بشرط إضفاء الطابع الرسمي والقانوني والدائم على جوهر الوضع الراهن جنوبي شمالي لتكريس سيطرة كل طرف على ما يقع تحت إدارته.

 فالحفاظ على الوضع الحالي هو بمثابة احتفاظ كل طرف بأراضيه. لضمان أمن كل منهما دون الضم والإلحاق لأراضي الآخر لتفادي المخاطر ولو هامشية، وهذا بحد ذاته أكبر مكسب للطرفين. 

إن التداعيات التي ينطوي عليها التقسيم للوضع الراهن على أساس جنوب شمال بحد ذاته أقل تكلفة وأكثر فائدة للطرفين من حيث تأمين السلام الذي من عظيم خطواته سحب عناصر القوات الشمالي من التي مازالت متواجدة في بعض مناطق الجنوب، مثلما لا توجد أي عناصر قوات جنوبية في الشمال. فعدم الوفاء بهذا المطلب الجنوبي عمليا يعني خرق لاتفاق الرياض، وإخلال بمهام التحالف العربي الساعي إلى تحقيق التآلف بمبادرة سلام والتقيد بها للانتقال من اللا تسوية إلى التسوية المستوعبة في الاتفاقيات المتضمنة للآراء والاتجاهات الفكرية والسياسية لقضية الجنوب وحقوق الجنوبيين. 

آثار تداعيات واقع المواجهات المستمرة وخيمة تسهم في تعميق الإحساس بتفاوت الأعباء والتكاليف والتضحيات بين الطرفين يصعب تجاوزه في يوم أو شهر، ولا في سنة أو عشر، بل العمر وربما كل الدهر ما لم يتم الإسراع في صياغة ووضع مبادرة سلام التي من شأنها تخفيف وطأة هذا الإحساس العدائي في نفوس الجانبين. مبادرة ومعاهدة تنهي أطول حرب عربية عربية ممتدة من سبعينيات القرن العشرين الماضي وتطوي صفحتها إلى الأبد.