آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-01:25ص

حتمية الصراع وعودة السعودية باليمن !

الخميس - 26 يناير 2023 - الساعة 08:20 م

مصطفى المنصوري
بقلم: مصطفى المنصوري
- ارشيف الكاتب



لا نعلم ماهي الاختراقات التي حدثت في جدار الأزمة  اليمنية بحسب إحاطة المبعوث الاممي أمام مجلس  الأمن الدولي في تاريخ 16/1/2023 بينما الواقع يعكس أن الحوثيون يتحركون وفق مواجهة سياسية ثابتة  لحوار احادي مع السعودية كي ينتزعوا اعتراف بخطاء التدخل السعودي في اليمن ، الحوثيون يؤسسون لعودة الأمور لسابقها أي الى ما قبل 26 مارس 2015 انطلاقا من تطبيع عودة فتح مطار صنعاء متعدد الوجهات واستئناف عمل ميناء الحديدة دون أي رقابة او تفتيش ورفد صنعاء بالمال في حساب خاص كرواتب للموظفين  وصولا الى تفكيك التواجد العسكري السعودي الاماراتي من الأرض وهذا معناه الاعتراف بحقهم السياسي في اليمن ليس كسلطة أمر واقع في جغرافية محددة بل كسلطة سياسية ستكون مظلة  لليمن في المستقل ، وقد صرح المبعوث الأمريكي تيموثي ليندر كينغ أن الحوثيين يضعون مطالب مستحيلة .
حوار السعودية مع الحوثيين عبر قنوات خلفية لا يعني مطلقا رضوخها ، والاستبعاد المؤقت للأطراف المناوئة للحوثيين من هذا الحوار لا يعني ان السعودية ستنهي مخاوفها واستحقاقاتها لتعلو إيران في اليمن ، لكنها مقتضيات الواقع ومحاذيره التي تتطلب تكتيكات معينة ، السعودية فتحت حوار مع إيران والى اللحظة لم يفضي بعد الى حلحلة جزئية العمرة والحج بين البلدين ، سقطت هالة الحوثيين القتالية في الضالع الجنوبية وفي شبوة وفي حد يافع وهي مناطق نار والى اللحظة تتكبد الجماعة  من  هذه القوات عظيم الخسائر بل ان حضرموت  والمهرة تأخر حسمهما لحسابات إقليمية مؤقتة ولن تكونا باب مفتوح لنفوذ وخطر الحوثيين خصوصا ان هناك تخادم صريح بينهم والإخوان  ساعد في تهريب الأسلحة ووقود الصواريخ ومحركات خاصة بالطيران المسير لصنعاء .  
يسعى الحوثيين وبقوة نحو تخفيف حدة السخط الشعبي الداخلي المتنامي سريعا في مناطق سيطرتهم ، ويوظفون هذا السخط ضد السعودية والإمارات ، الجماعة خرجت بشعار " الحصار حرب " واعتبرت حالة اللا سلم واللا حرب لن تستمر طويلا ، وفي أكثر من مناسبة تهدد بضرب العمق السعودي والاماراتي بأسلحة استراتيجية رادعة وانها ستربك المصالح القومية الدولية اقتصاديا ، وفي ذكرى استهداف الحوثيين للإمارات بالطيران المسير في 17 يناير 2022  خرج الرئيس الأمريكي يؤكدا دعم أمريكا لأمن دولة الإمارات ، زيادة  ان البحرية الأمريكية أسست " قوة المهام المشتركة 153"  وتخضع لقيادة الاسطول الخامس في البحرين ، هذه القوة  تعد جزء من القوات البحرية  المشتركة تعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وتقودها اليوم مصر وهي بذره اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عدالعزيز مع الدول العربية  المشاطئة للبحر الأحمر ومنذ بدء مهامها في 17أبريل 2022 اعترضت  عدد من سفن التهرب وصادرت العديد من الأسلحة المهربة من إيران للحوثيين . 
عمق الإرباك يتحدد ليس بقدرة الحوثيين او قوتهم لكنها الشرعية المنتكسة منذ إعلان عاصفة  الحزم ، الشرعية المنخورة بشخصيات ملوثة بالخيانة والفساد فتعاقبت فيها الإصلاحات منذ عهد هادي حتى هذه اللحظة ومازالت مفاصلها ملوثة ، الحديث عن إعادة هيكلة المجلس الرئاسي وتقليص عدده المتمثل بالثمانية افراد الى أقل من ذلك وفق معيار القوة المسيطرة على الأرض سيعزز من تقليل حدة الإرباك خصوصا ان هناك من لا يمثل أي ثقل عسكري او سياسي او قبلي وتواجده في المجلس الرئاسي كان بهدف إبعاده عن مفصل القرار على مستوى الرئاسة سابقا او على المستوى المحافظات نتيجة فشله ، وتتمثل الأزمة ايضا في رئيس مجلس الوزراء الذي يبدع في مسميات الحلول كمسمى خلايا العمل وخلايا الأزمات ووو .. بينما الواقع نتائجه سيئة ويتحرك الرجل وفق واجندات مشبوهة  تعزز من ارباك المناطق المحررة وتسهم في زيادة معدل السخط الشعبي ضد التحالف .
لا يقلل من مدى ارباك الحوثيين في المحيط الأقليمي وانهم باتوا قوة مزعجة لدول المنطقة التي تدير طموحها في التمكين اقتصاديا بناء على قاعدة "الاستقرار والازدهار"  وهو شعار السعودية ودول الخليج وهذا الأمر يؤسس لمواجهة حتمية لا تراجع عنها في تقليم مخالب إيران  خصوصا بعد أن تغلغلت في عمق اليمن بحدود جغرافية الجمهورية العرية اليمنية سابقا ، ملامح سوريا ولبنان والعراق من الخطورة تكرارها هنا وفرض الحوثيين بقاءهم بالقتل والتهجير والتنكيل يتعين وبقوة لملمة السعودية ما تبقى من قوة حقيقية إن وجدت في صف الشرعية مناهضة للمشروع الإيراني وتنميتها ، وتدعيم تأمين المناطق المحررة في الجنوب بالقوة والتمدد عسكريا والسيطرة وإدارة الموارد ، وهذه القوة كفيلة بتسوية المشهد في ظل الانتكاسات والتآمرات اليمنية سواء المباشرة منها كالحوثية او تلك الغير مباشرة والمتاصلة في الشرعية من إخوان او قوى سياسية وافراد وجماعات متماهية مع التمدد الإيراني في اليمن .