آخر تحديث :الثلاثاء-30 أبريل 2024-10:14م

دلالات وتبعات إحاطة المبعوث الأممي

الثلاثاء - 17 يناير 2023 - الساعة 12:00 ص

عمر سعيد محمد بالبحيث
بقلم: عمر سعيد محمد بالبحيث
- ارشيف الكاتب


أهم دلالات وتبعات الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لمجلس الأمن الدولي أن الحوثيين كانوا الرقم الصعب والعنصر الفاعل الأبرز في المشهد اليمني. فحين يضغطون للحصول على نصيب الأسد من عائدات النفط والغاز إنما ينطلقون من أطماع وجشع توارثوهما من النظام السابق للإستحواذ على ما كان يذهب لجيوب العائلة الحاكمة ومن والاها في الحكم، فلا يدفع منها ريال للموظفين العاديين والعاملين البسطاء. بريئة منها محرومون ورواتبهم كانت من الضرائب والجمارك تصرف عليهم حسب كشوفات ما قبل 2014م، يطالب الحوثيون باعتمادها في صرف رواتب موظفي الشمال مدنيين وأمنيين وعسكريين لكن من عائدات النفط والغاز على أساس أنها قضية إنسانية محضة تشعبت آخذة في التوسع المستمر، معالجتها واجب على الجميع في أحسن وجه وأقرب وقت، فقد كانت المملكة العربية السعودية في الماضي هي من تكفلت بالقيام بهذا الواجب دعما للنظام في الشمال قبل الوحدة 22 مايو 1990م.

هذا الطلب من الحوثيين وغيره من المطالب ليس هم من يحدد حجمه، وكيف، ومتى، ومن أين سيجري تحقيقه. هناك معايير وقوانين دولية ومبادئ تجارية عالمية تقدر تلك المسائل دون تجاوز المساواة في توزيع الموارد حسب الطاقات الإنتاجية والاحتياجات، بحيث ينعكس على متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي لسد الفجوة الواسعة بإجراءات علمية وحسابات دقيقة للقضاء على فساد متغول متوارث من حكومات النظام اليمني الشمالي، حيث يبلغ نصيب الفرد فيها ما يزيد على عشرات الأضعاف من نصيب الفرد البسيط والموظف العادي.

لاشك أن سياسة التلاقي والتأجيل التي مورست كورقة للتقريب بين الأطراف والتأثير في الحوار بين التحالف العربي والحوثيين بوساطة عمانية سوف تتواصل وتستمر حتى تحقق الوصول إلى الحلول المرجوة محليا وإقليميا ودوليا، والمؤمل من ورائها وقف لإطلاق النار يتوج بالتوقيع على معاهدة سلام دائم بين التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والذي الجنوب وحكومة المناصفة ضمنه، وبين الحوثيين الذي يمثل نظام الشمال حاليا حسب اعتراف مندوب روسيا الاتحادية في مجلس الأمن الدولي بالحوثيين سلطة حاكمة في صنعاء.

فإذا جاء الاعتراف الروسي صراحة مؤيدا لإجراءات الحوثيين التي من شأنها منع نهب ثروات اليمن النفطية والغازية كما يبدو، والحقيقة منع أي تدفق للطاقة إلى الغرب تعوضه عن خسارته للطاقة الروسية بفعل عقوباته، فإن المجتمع الدولي بات اليوم يعترف ضمنيا بالحوثيين كسلطة حاكمة للشمال. وخير دليل تقديم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إحاطته لمجلس الأمن الدولي عن الأوضاع في اليمن من العاصمة اليمنية صنعاء. تأكيدا على انفراج وأمن واستقرار قادم وسلام شامل عادل في المنطقة برمتها. وأن الدبلوماسية لها اعتبارات وإن بدت مزدوجة في موقف المندوب الروسي فإنها كذلك في موقف المندوب السعودي الذي يطالب بضرورة تصنيف الحوثيين تنظيم إرهابي نجد حوار يدور بين السعودية والحوثيين في مسقط.

الإحاطة حملت مؤشرات لمبادرة السلام منها تشغيل ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء كليا مقابل وقف الهجمات على موانئ الجنوب ومنابع الثروات النفطية والغازية وتصديرها، ووقف تهديد الملاحة. وتم التمهيد لهذه المؤشرات بصدور قرارات تحريك سعر الدولار الجمركي من قبل اللجنة الاقتصادية العليا الحكومية، والتي يبدو أنها بتوجيهات من البنك الدولي للبنك المركزي اليمني في عدن، والذي بدوره أعطى تعليماته للجنة الاقتصادية.

قرارات حتما ستدفع التجار أن يستوردوا سلعهم وبضائعهم عبر ميناء الحديدة حيث لا تحريك للدولار الجمركي ولا غيره، ولن تتأثر أسعارها في الشمال. وسوف تنقل من هناك إلى كافة محافظات الجنوب بأسعار الشمال مضافا إليها أجور النقل، أو بأسعار يحددها السماسرة المسيطرين على أسواق الجملة في الجنوب.