آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-07:25م

ليت هذه التقاليد تهدم!

الإثنين - 19 ديسمبر 2022 - الساعة 03:33 م

أنيس محمد الحبيشي
بقلم: أنيس محمد الحبيشي
- ارشيف الكاتب


في ذات يوم من أيام عام 2008م ، كلفت من إدارة الإفتاء والقضاء الاجتماعي بوزارة العدل بعدن بالنزول مع أسرة جاءت لتعقد قران ولدها على فتاة من أسرة من السادة تمنع تزويج بناتهن أي زوج لا ينحدر من فئة السادة ولو كانوا قبائل (!) .

أخبرني والد العريس أنهم سيأخذون الفتاة معهم عقب العقد بناءا على طلب أبيها الذي قرر أن يحرمها من رؤيته هو وأمها وأخوتها مدى الحياة ، وهو قرار قاس للغاية !

ذهبنا إلى منزل الفتاة ، واستقبلنا الأب وحده باحترام وإكرام ، حاول الأب أن يكرر رغبته بعدم بقاء ابنته لحظة واحدة في بيته بعد العقد ، لأنها مصرة على الزواج ممن هو خارج تقاليدهم ، ووافق أهل العريس على طلبه ، ووجدتها فرصة لأتدخل ، قلت لأبيها بعد أن أذن لي موعظة بالغة ذكرته أن ابنته قطعة من كبده ، وأن هذا العقاب القاسي لا تستحقه مهما كان ذنبها - إن كان لها ذنب - وأن الله لم يشرع ما تذهبون إليه من تزويج البعض وتحريم الزواج من بعض آخر ، وأذكر أني قلت زبدة الكلام فسكت الجميع وقد بدت ملامح الحزن والندم على وجه أبيها !

قام والد الزوج برمي مبلغ خمسين الف ريال سعودي إلى والد الفتاة قائلا له هذا مهر ابنتك لك ولأمها ، ونحن سنجهزها بمهر مثله ونقيم عرسها وستصلكم بطاقة دعوة الزواج ونأمل تلبيتكم لها ، وكان عرضا أصيلا للغاية ..!

 بعد إجراء العقد مباشرة ، خرج أخو الفتاة ومعه أخته وشنطتها لتوديعها ، أقبلت الفتاة على رأس أبيها تودعه وتقبل رأسه وقدميه ، وإذا بأبيها يحتضنها ويبكي بقوة ويحلف ألا تخرج عروسا إلا من بيت أبيها ، وأمر بشنطتها فأعيدت وطلب مسامحتها له ، واعتذر للعريس وأهله ؛ وكان يوما مشهودا ومؤثرا جدا في ذكريات حياتي !!

ليت هذه التقاليد تهدم ، وليت كل فتى وفتاة يتزوجون بمن يرغبون بعيدا عن العادات والتقاليد الهدامة والمنافية للقيم الإنسانية والأخلاقية ، وليت الحب والود يسود الحياة حتى لا تغرق في القهر والظلم ومصادرة الحقوق والحريات !!

الاستاذ انيس الحبيشي