آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:57ص

حديث صريح في ذكرى الاستقلال 30 نوفمبر

الأربعاء - 30 نوفمبر 2022 - الساعة 05:41 م

خالد العزيبي
بقلم: خالد العزيبي
- ارشيف الكاتب


اولا نهنئ شعبنا العظيم بمناسبة ذكرى 30 نوفمبر المجيد للاستقلال الوطني خروج آخر جندي بريطاني من عدن .

 نتحدث عن المناضلين والفدائيين :

عن *مناضلي وفدائيين  وسرد قائمة أسماء رجال قبيلة العزيبة وأسماء المناضلين من كل ربوع البلاد الذين كان لهم الشرف الأول بمقاومة المستعمر البريطاني عند محاولة احتلال عدن عام 1839م ،واستشهاد شيخ قبيلة العزيبة أول شهيد مع عدد من رجال القبيلة على ساحل عدن للدفاع عن هذه المدينة مدينة السلام.

لم يتوقف تاريخ القبيلة عند  هذة المرحلة النضالية فلقد شاركو بجدارة وشجاعة في مختلف مراحل النضال الوطني ببصمات يشهد لها التاريخ في ثورتي اكتوبر وسبتمبر، وفي نوفمبر بجلاء اخر جندي بريطاني عن  عدن رمز جنوب اليمن.

لا اعلم لماذا منذ زمن طويل واجراس الاحتفال أصواتها محصور فقط في أشخاص محددين وكانهم هؤلاء فقط من طرد المستعمر البريطاني  ، اذ نلاحظ تهميش وتجهيل ممنهج لاخفاء اسماء ودور المناضلين في مديرية تبن والحوطة واختزال الثورة والجلاء في مناطق واشخص محددة.

بصفتي شيخ مشائخ مديرية تبن والحوطة واحد شيوخ قبيلة العزيبة اتسأل في حزن شديد لماذا كل هذا الجفاء والجحود والنكران للمناضلين الاصليين للثورة   .. لا  اعلم هل هو تخوف من انكشاف حقيقة الثورة ورجالها، او نسيان متعمد لأؤلئك الرجال الذين لعبو دور عظيم شجاع في مراحل الثورة اليمنية، والبعض توفي والاخر لا يزال في حسرة والآلام من نكران الدولة الحديثة لمن وضع  اول حجر انشاء الدولة ، ماذا اقول لأبي وبقية مناضلي قبيلتي والقبائل الاخرى  ؟  ،  هل اقول أن رجال الدولة اليوم لا يعترفو بتاريخكم النضالي؟  ، او تسلقو على تاريخكم حتى  وصول السلطة وتنكرو لكم لا اعلم عن قصد اوبدون قصد؟.

لقد تابعت ماقام به الاخوة بعدن بزيارة ابرز  ابناء لحج  ، اللواء المنتصر واللواء ابن الوهط، وبينما للأسف هؤلاء المناضلين وغيرهم  لم يلتفت اليهم اي قيادي بلحج  ، والله لهو  امر محزن ومؤسف لعدم رعاية هؤلاء المناضلين وابراز دورهم النضالي لكي يخلد ويكون عناوين كتب تدرس في الجامعة  .

لقد ورث أبي طيب الله ثراه  ، مكتبة عامرة بمؤلفاته ومؤلفات الغير، وكان رجل حكيم وعظيم وصاحب رؤية بعيد النظر ويوجد مثل ابي الذي افتخر به العديد من المناضلين في الحوطة وتبن منذ وقت وهم  في بيوتهم لا احد يعطي لهم ولو لفته كريمة تطيب بخواطرهم لكي يحسو بما قدموه لهذا الوطن  .

نتوجه الى المناضلين الجدد وندعوهم الى مراجعة انفسهم والعودة للخلف لمعرفة وابراز دور المناضلين في الحوطة وتبن كتاريخ لا يمكن تجاوزة، وعلى اعتبار الجزاء من جنس العمل  ، فاذا انتم اليوم  تحتفلو مع انفسكم في دائرة مغلق متجاهلين دور من سبقكم في النضال  سوف ياتي وقت يتجاهلكم البديل.

نتمنى من قيادة لحج حصر اسماء المناضلين احياء واموت وتدارس مشروع تكريم مناضل الثورة بلحج ولو بتروس المحافظة او شهادات تقديرية  لاحياء قلوب من هو على قيد الحياة وزرع المجد بأسرة ممن قد توفي  ، واعتقد  الامر بسيط لن يكلف القيادة وانما فقط يتطلب نية صادقة بتكريم المناضلين  .

أن لحج  _ الحوطة و  تبن _ حبلى بمناضلين من مختلف القبائل الاصلية خلال المراحل السياسة السابقة، ولكنها همشت ادورهم بقصد متعمد  ، لهذا نتمنى أن يكون المحافظ اللواء أحمد التركي أول من يعقد مؤتمر المناضل بلحج ، ويعطي ذي حق حقه 

نأمل من محافظ لحج تصحيح التاريخ النضالي في لحج بوضوح تام حتى يعرف الاخرين من هي الحوطة ومن هي تبن  ، وكيف لعب رجالها دور محوري هام بتفجير ثورتي سبتمبر واكتوبر وصولاً الى نوفمبر المجيد ، لاننا نرى اليوم اخوة ترى نفسها هي الثورة  ، وتنظر لأبناء تبن والحوطة بنظرة اخرى  ، وهؤلاء للأسف لا يعرفو قراءة التاريخ داخل المحافظة بشكل عام والوطن بشكل عام  .

رسالة نبعثها للمحافظ كن عوناً في اعادة كتابة تاريخ لحج من جديد  ، وابراز الدور النضالي لكل ابناءها وتكريمهم تكريم يرتقي بمستواهم حتى يبرز تاريخهم امام المناضلين الجدد  .

واسمحولي ان انقل بعض من مذكرات الوالد الفدائي يوسف فضل العزيبي وماكتب عن بعض مناضلين 14اكتوبر 

اليكم التالي:

ميلاد التنظيم وأسماء الفرق :

قام كجناح عسكري أوسع وأشمل لجبهة التحرير يعيد الروح إلى الكفاح المسلح كان شهر أغسطس من العام 1966م هو تاريخ ميلاد تنظيم مسلح سمي «التنظيم الشعبي للقوى الثورية» وقد تأسس بوحي من التنظيم الشعبي الناصري الذي تشكل في تعز في 25 ديسمبر 1965م، كما قام كجناح عسكري أوسع وأشمل لجبهة التحرير يعيد الروح إلى الكفاح المسلح .. بوتيرة أعلى ويتخندق بفرقه العديدة مع فرقة جبهة التحرير السابقة نفسها التي كانت بقيادة حسين عبده عبدالله ويظهر كبديل عن انقطاع وامتناع الجبهة القومية عن المشاركة المسلحة في حرب التحرير بحجة رفضها للدمج مع منظمة التحرير تحت اسم جبهة التحرير فكان قرارها بالامتناع جريمة وخطوة لا توازي ولا تعادل خطوة الدمج الذي رفضته، إذ ضحت بواجب وطني مقدس في مقابل خطوة سياسية، وكان تصرفها هذا يوحي بما أخفته وبما وراء الأكمة وما يحاك في الظلام.

اجتمع بنا في تعز لتحديد أسماء الفرق المناضل والقيادي البارز عبدالله محمد المجعلي في منزله كمسئول عن التنظيم الجديد، وقد اختير ليكون هو قائده نظرا لدوره النضالي والقتالي السابق منذ أواخر الخمسينات ضد المستعمر وحتى ساعة تكوين هذا التنظيم، وللعلم فإن وجهة نظري هي أن الهزيمة التي مني بها التنظيم الشعبي التي تضاعفت في ما بعد كانت بسبب ضياع هذين الرجلين البطلين المجعلي قبل الاستقلال وأبو جلال العبسي بعد الاستقلال.

لم يتبق سوى توزيع أسماء للفرق فأخرج عبدالله المجعلي قلمه من جيبه ومد يده طالبا منا وريقة أو قصاصة يسجل عليها أسماء معينة، ولما لم يكن هناك ورق، لأننا لم نكن لحظتها في مكتب، أخرجت له قرطاس علبة سجائري فأخذه وراح يسجل أسماء الفرق في قصاصات أصغر لحكمة كانت تدور في رأسه وهي اختيار أسماء الفرق عن طريق القرعة، حتى لا يكون هناك تحسس في توزيع الأسماء ولا تدخل المزاجية في اختيارها أو تقبلها من قبل القادة، وألقى بالقصاصات علي عبدالله المجعلي على الأرض فصار المسئول عني حينها عزب محمد فضل العزيبي أول من اختار إحدى القصاصات فإذا هو الاسم «فتح» وصار عزب قائدها، قال المجعلي : «فتح الله لكم النصر» فردد بعضنا : «نعم بالله، النصر لنا النصر لنا»، وتوالى القادة في سحب البقية وأذكر منهم عبدالرحمن الصريمي (فرقة صلاح الدين) وخالد أحمد سعيد دبعي (مفلحي) الذي جاء نصيبه اسم «فرقة النصر»، وهكذا في ذلك اليوم ولدت خمس فرق ولحق ميلاد بقية الفرق فيما بعد.

الفدائيون تحت أسماء الفرق

ابو جلال العبسي

تشكلت الفرق الأولى ولحقتها فرق أخرى فيما بعد، وتبدأ الأسماء بأسماء القادة، وكان على كل اسم من هذه الأسماء أن يضم مجموعات أخرى إلى التنظيم، بذلك توسع التنظيم الشعبي كأكبر تنظيم في الساحة لأنه لم يبالغ في السرية كما فعل الحركيون في الجبهة القومية وانفتح على كل الشرائح واتخذ أسلوب التعبئة الشعبية قريبا من التعبئة العامة مع العناية في الاختيار وعدم العشوائية فكان أوسع وأكبر فصيل.

فرقة الفتح :

محمد عيدروس

عزب محمد فضل.العزيبي

يوسف فضل العزيبي.

عبدالله المجعلي

أحمد سكران.العزيبي

عبدالصفي صالح الرجاعي.

ناصر علي الحمزة.

محمد علي الرجاعي.

هاديالرجاعي سليم.الكريمي 

عمر درويش.العزيبي

خالد مفلحي

حسن الدبعي 

حسن راجع العزيبي

عبيد ثابت.العزيبي

السيد محسن محمد زين.

عيدروس علي عيدروس.

محسن العبد المنتصر.

سيف العزيبي عبود.العزيبي

أحمد عبد كرو.

محمد عوض كريروه.

حسن الملاح

زيد هواش.العاطفي

حسن علي زين.

حسن الملاح

هواش محمد فضل.العزيبي

منصر محسن مخيطين.

عبدالعزيز البيتي.

علي حيدرة البان.

رشاد محمد فضل.العزيبي

هاشم عمر ا سماعيل

محمود محمد فضل العزيبي

عمر سيف حنش.المحولي

فضل صالح الرجاعي (الطيار).

عزب محمد فضل العزيبي

فرقة صلاح الدين :

عبدالرحمن الصريمي.

عبدالعزيز علي هاشم الجمال.

أحمد عبدالله هادي.

أحمد علي الشعيبي.

محمود علي المنتصر.

سعيد فارع.

محمد سعيد يافعي.

محفوظ احمد قايد الدبعي

عزب محمد فضل العزيبي

أحمد عبدالله المجيدي.

حسن زين.

السلال.

حسن علي الديب.

قاسم لجدل.

هاشم أحمد هادي.

محمد أحمد الفضلي شايف.

فضل درويش.

محمد ناصر عويضان.

خالد مفلحي

صالح محمد عبدان.

محفوظ احمد قايد

محمد أنور.

حسن فارع.

مهدي جامع.

محمد سالم حرسي.

محمد حسن البان.

عبدالله حسين البعداني.

صالح عبدالله المنتصر.العزيبي

مرشد العمودي.

محمود حسن الزومحي.

فضل سالم سعيد.

السيد علي أحمد.

فضل عبد الحمي.

رضية أحمد هادي.

بهية محمد علي.

حسين محبوب.

علي صالح القباطي.

محمد العمودي.

فرقة النصر :

خالد أحمد سعيد (مفلحي).

عبدالجبار قائد.

يوسف علوي.

عثمان عوض ناصر.

محسن فضل العزيبي منصور.

حسين حامد العزيبي.

عبده قاسم الشعيبي.

محمد عيدروس

نادية أحمد سعيد.

أحمد علي سعيد.

علي سعيد غالب.

محمد علي مقبل العبسي(أبو جلال).

محمد منصور.

صالح علي.

سعيد ماطر.

محمد أمين.

محمد حسين.

صلاح الدين.

محمد أحمد هاشم.

علي محمد باضريس.

سالم محمد عبدالله البيحاني.

محمد شاهر الصبيحي.

يوسف فضل العزيبي.

فرقة الوليد :

سيف حمود الضالعي (صفوان).

أبو زيد

عوام.

محمد إبراهيم أحمد.

محسن أحمد علي محلوي اليافعي (شادية).

فيصل عبدالله محمد.

عبدالحفيظ المعمري.

محمود قاسم النجار.

حامد قاسم النجار.

عبدالغني شمسان.

عبدالله أبو رأس.

محمد باقحوم.

محمد مرشد سالم.

لطفي محمد مهدي.

صالح محمد حسين.

فرقة المجد :

محمد عبدالله الصغير (نجيب).

علي عبدالكريم القباطي.

عبدالحبيب القرشي.

أحمد سالم ذياب.

مشهور عوض مشهور.

عبدالقادر إسماعيل.

عبدالرؤوف محمد عبدالله ناجي.

مصطفى محمد أحمد.

ولحقت فرق أخرى وكان كل اسم من الأسماء أعلاه مكلف بتشكيل خلية.

فرقة الوحدة :

علي بن علي هادي الجحافي.

قاسم سيف.

محمود قائد الشعيبي.

علي عبيد العزيبي  

محمدعبدالرمحمن المنصوب.

عبدالله طاهر المحرابي.

عبدالله الحدي.

محمد عبادي حسن.

محمد أحمد محسن (أبو حميد).

محسن شائف حسين.

عبدالله ناجي حسين.

عبدالله سعيد علس.

محمد بن محمد العبادي.

علي عبدالرب العزيبي.

الانطلاق والعودة نحو ساحة عدن

ركبنا السيارة من تعز مع عزب محمد فضل العزيبي متوجهين إلى منطقة الشويفة وفيها نزلنا لنبدأ رحلة السير على الأقدام مرورا بمنطقة المصلى، وكان سيرنا ليلا ونزولا في مناطق جبلية شاهقة وعرة في الظلام لا نرى إلا بصعوبة والطريق لا يصلح حتى للمشي بحيث أن عزب محمد فضل العزيبي نفسه كان سيقع.

كان معنا أحمد مهدي وحسن مهدي ودرش والصماتي الملقب بالطلي وكان شهما عربيا أصيلا وغيرهم. ووصلنا طور الباحة. وتحت مركز طور الباحة العسكري أطلقت باتجاهنا قنابل مضيئة، ويبدو أن المركز أبلغ باحتمال وصول مجموعتنا أو أن ذلك كان روتينا عسكريا معتادا. وكنا قد تدربنا على هذه الحالة بأن لا نحرك ساكنا بين الأشجار أثناء انتشار ضوء مثل هذه القنابل فيقف كل منا في مكانه على الحركة نفسها التي كان عليها لحظة الإضاءة، وإلا رآه العدو وأطلق النار عليه، فطبقنا ذلك ونجونا واجتزنا الوادي مواصلين السير في وادي الصميتة، وكان معنا دليل من المنطقة لمعرفة الطريق. ثم استقبلنا هناك زيد هواش العاطفي من أهالي المنطقة وكان ينتظرنا بسيارة وقد نسق معه عزب محمد فضل من قبل، وانطلقت بنا سيارة زيد هواش العاطفي  نحو عدن.

بدء عمليات فرقتنا «فتح»

وبدلا من انتظاري الأمر من عزب محمد فضل العزيبي بالبدء في تنفيذ العمليات استعجلته قائلاً : «عزب نريد أن نبدأ وما دام اسمنا «فتح» لازم نبدأ ونستفتح». وعزب محمد فضل العزيبي الآن ما زال على قيد الحياة أطال الله في عمره. فوافق وأعطانا لغما أنا وأحمد سالم دياب وعمر سيف المحولي ابنه الان يعيش في سقيه اسمه ماجد عمر سيف فمشينا على الأقدام قاطعين الصحراء في ظلمة الليل من صبر حتى دار سعد، كنا شبابا أصحاء ولابد من عبور أماكن خالية من الطرق والنقاط وعيون المراقبة البرية والجوية. وصلنا إلى دار سعد باتجاه حديقة الملاهي حاليا (بستان الكمسري سابقا) من جهة الشمال، (خط التسعين اليوم) الذي كان ترابا وأشجارا واخترنا مكانا مناسبا لمرور الدورية البريطانية في آخر خط لضواحي عدن، حيث لم يكن ذلك المكان مأهولا بالسكان ولم تكن هناك مبان بالمرة - كما هو الحال اليوم، كان الموقع شبه صحراوي وليس فيه سوى قصر سلطان لحج، وأشجار السيسبان وطريق بين مسفلت وترابي ونحن ننتظر الدورية، فإذا بدورية بريطانية تقترب في الظلام ونحن لا نستطيع أن نميزها سوى من نوع السيارة بسبب أنوار السيارة التي ترسل أو تشع فتحجب عنا رؤية من بداخلها إلا أن مقدمة سيارة اللاندروفر تجعلك تميزها بحكم بروز جانبي المقدمة خلافا لبقية السيارات كما تميزها من طريقة ومكان وزمان تحركها خلافا للمدنيين من المواطنين الذين لن يأتوا إلى مثل هذا المكان في مثل هذه الساعة خصوصا أن هذه المواقع تعد فاصلا ما بين مستعمرة عدن والسلطنة.

وأقبلت دوريتان الأولى بريطانية والثانية من الجيش المحلي (الاتحادي) الذي صنعه الإنجليز، غيرت الدولية الأولى ورجعت بينما استمرت الدورية الثانية، وكان اللغم من نصيبها. علما بأن هذه القوات وضعت ألغاما مضادة للأفراد في بعض هذه المواقع.

وللعلم أيضا كانت بعض الدوريات من السيارات تتوغل في هذه المناطق شبه الصحراوية من سلطنة لحج شمال عدن بحثا عن مهربي الأسلحة، ولما أصيب عدد منها لجأت إلى استخدام دوريات من المصفحات أو دبابات صلاح الدين، ولما نسفت هذه أيضا توقفوا عن إرسال أي دورية إلى هذه المناطق وصار حدها فقط حدود المستعمرة هو (بستان الكمسري) وما يعرف بخط التسعين اليوم.

صدور أول بيان ل(فتح)

وأصدرنا أول بيان ل «فتح» بهذه العملية وسر الأخ عزب محمد فضل العزيبي مسئول «فتح» بذلك وأعطانا المزيد من المواد، وقد كان يضاعف كمية المتفجرات أكثر مما درسناه بحكم أنها كانت مخزونة لديه وتحت مسئوليته. فكان يعبئ صفيحة (تنك) كاملة بمادة ال «تي إن تي» ويضيف عليها أصابع الديناميت ولغما بعد سلخ ما يلزم سلخه منها وينتهي من تركيبها وتجهيزها، ثم يحدد لنا أو يرسلنا إلى مكان ما لتنفيذ عملية بتلك العبوة، ومرات يقوم هو بعمليات.

العملية الثانية عند جسر البريقة

جهز لنا عزب محمد فضل العزيبي صفيحة عبوة ناسفة من ذلك النوع الثقيل المضاعف وطرح علينا التوجه إلى جسر البريقة (عدن الصغرى). توجهنا بسيارة علي حميد غالب اللاندروفر لقدرتها على اختراق الخط الصحراوي من مناطق لحج إلى عدن والعودة. نزلنا من السيارة عند الجسر بينما واصل السائق علي حميد الطريق إلى البريقة ليعود بعد قليل لالتقاطنا بعد أن نكون قد عملنا المؤقت للمتفجرات وتبقى الأقلام في أيدينا التي لا يمكن أن نحطها إلا عند عودته لأنها تأخذ عشرين دقيقة ولابد من انتظاره وعند وصوله نحطها وننطلق. وبقينا ننتظره، تأخر علينا فقررنا أن نحط الأقلام ونغادر الموقع سيرا على الأقدام، وكان هذا السير يشكل خطورة علينا لاحتمال وصول دورية أو طائرة عمودية عقب الانفجار إلى الموقع فتجد سيرنا في طريق لا يسير فيه الناس وإنما السيارات فقط، لأن الخط غير مأهول، وتوقيت الأقلام قد ينزل إلى 15 دقيقة بسبب الحر.

وكنا ننوي قطع الطريق سيرا باتجاه الصحراء ومنطقة الفارسي، ونحن على معرفة بتلك المناطق من قبل. لكن وصلت السيارة، وانطلقنا وما أن وصلنا إلى الخط المجاور لأعمدة وبروج اللاسلكي حتى فعل المفجر مفعوله وإذا بالنيران تشتعل وتصل ألسنتها إلى عنان السماء، وكنا ونحن في الطريق عند قرية المهران نرى القرية مضاءة بفعل ألسنة اللهب. نجحت العملية وأصدرنا بيانا بها. وهكذا توالت عملياتنا في إطار فتح.

انتقالي من «فتح» إلى «النصر»

كانت تربطني بعزب محمد فضل أواصر قربى إلى جانب روابط الصداقة والجميل والمعروف والمروءة المتبادلة بيننا وزاد ذلك ارتباطنا بأنبل وأصعب مهمة في تاريخ الوطن، وهي الكفاح المسلح من أجل تحرير الوطن وكان كلانا قمة في الحماس لهذه الرسالة والواجب الوطني، لكن مع الأيام نشب خلاف طفيف بيني وبينه في الرأي حول أسلوب التعامل مع أعضاء التنظيم وأنا منهم، حيث كنا ننفذ أوامر وتعليمات العمليات الفدائية بكل حماس بل أطلب منه أحيانا أن يعطينا أمرا بتنفيذ عملية ما فيفعل بصدر رحب، ونتقبل نحن كل ما يصدر عنه باستجابةمن وصدر أرحب، لكن أن تتعدى الأوامر إلى إرسال أو استخدام الأعضاء في مشاوير خاصة ومنافع منزلية، كما يصنع بعض الضباط مع بعض الجنود، كان هذا يزعجني فلم أكن أوافق على ذلك لأننا لم نكن في معسكر واختلفت معه في ذلك، وابتعدت وربما لا ألومه لأنه تعود على ذلك، بحكم بيئة المشيخة التي جاء منها، حيث كان جدنا شيخا ووالده كان شيخا أيضًا، وقد تعود المشايخ على استخدام الآخرين للمنفعة وكان ذلك صعبا علي، لأن تلك النزعة القبلية لم تتمكن مني ربما لأنني نشأت في المدينة أهم سنوات حياتي - كما ذكرت في الفصل الأول -، حيث عرفنا أن لكل شخص مقاما وقدرا وقيمة، أضف إلى ذلك خوضي في المدينة معترك حياة الرفض والممانعة في مجال العمل النقابي ودخلنا في صراعات مع أطراف مختلفة وأخيرا حرب تحرير ونضال ما جعلنا نحس بكياننا وأعطانا ذلك المعترك روح العزة واحترام الذات واحترام الآخر.

لذلك تركت ابن عمي وصديقي وانتقلت إلى صديق آخر قديم هو خالد أحمد سعيد (مفلحي) قائد فرقة النصر، فقد كنت مفتونا بالجمع الذي حول خالد إلى جانب إعجابي بخالد نفسه، فقد كان من حوله متعلمون مثقفون من شباب التنظيم ورجاله مثل عبده قاسم شعيبي ويوسف فضل العزيبي  والنهاري، وهذا لا يعني أنني أقلل من قدر أخي عزب محمد فضل العزيبي فقد كان رغم أنه حتى ذلك الحين لم يكن يهتم بالقراءة والكتابة أو يجيدها إلا أن وزنه كان بعدة رجال متعلمين، والعديد من المتعلمين أو المثقفين لم يصنعوا ما صنع.

العمليات في فرقة «النصر»

أولاً: أتذكر ممن كانوا في هذه الفرقة إلى جانب القائد خالد، محمد منصور وعبدالجبار الفتيح واليوسفي وحسين حامد العزيبي وصلاح البيضاني (وهذا اسمه التنظيمي أما الحقيقي لا أعرفه) وعبدالواحد الأبرش وغيرهم.

عملية الاستيلاء على آلات كاتبة وناسخة

كان أمام فرقة النصر معضلة توفير آلات كاتبة (مطابع) وآلة سحب (ناسخة) أما فرقة فتح فقد كان يتوافر لديها ذلك. وكانت الحكومة الاتحادية في ظل المستعمر تحرص على هذه الآلات عند بيعها في السوق بتكليف البائع بأن يرفع إلى الداخلية اسم أو جهة المشتري وتسجيل نوع الحروف وشكلها وعينة منها والرقم التجاري أو رقم المصنع وغيره. لذلك كنا نتجنب شراء المطابع وقررنا الحصول على مطابع بطريقة مختلفة، ولم تكن أمامنا سوى آلات حكومية. فطرح حسين حامد العزيبي على القائد خالد وجود آلات طباعة ونسخ في المدرسة التي كان يدرس فيها في ساحل صيرة أو ما يسمى بالخليج الأمامي بكريتر عدن وهي الآن الثانوية التي بجانب مستشفى عدن قرب المحكمة و«عدن مول».

حسين حامد يغير لون بشرته من أجل المطابع

وأدى حسين حامد دورا طريفا في عملية سحب المطابع يستحق الذكر.

قال لنا إن حارس المدرسة سيعرفه، لأنه طالب فيها، لكن لابد من الدخول ليدلنا على المطابع ونأخذها، ولأنه كان ابيض البشرة قرر أن يغير لون بشرته من أبيض إلى أسود. فأوقد لمبة قديمة وجعل دخان الشعلة يستقر على قطعة من زجاج حتى غمر سطح الزجاج بالسواد وأخذ يسحب منه ويدلك به وجهه ورقبته وأجزاء من يديه حتى بدا أمامنا مختلفا وأفريقيا. ثم توجهنا وكان معنا سيارة إلى المدرسة ووجدنا الحارس، فأمسك الأبرش عليه السلاح وأدخله صلاح البيضاني إلى غرفة ومنعه من الحركة أو الاتصال، وصعدنا أنا وحسين حامد وسحبنا المطابع وأوراق سحب وأوراق شمع (ستنسيل). ونجحت العملية ونحن نضحك من دخان حسين حامد، ولم نصب الحارس بأي أذى، وغادرنا المكان. ثم تمكنا من إصدار المنشورات لبيانات العمليات اللاحقة.

عملية قصف المطار

تحركنا أنا وخالد (مفلحي) بسيارة علي سعيد غالب، وكان ضابطا في الأمن، وكان يملك سيارة ألمانية فولكس واجن ويقع محرك السيارة (الماكينة) في الخلف، لذا وضعنا السلاح في خانتها الأمامية، وكان السلاح عبارة عن ست قذائف هاون مع مواسيرها وانطلقنا في حوالي الساعة التاسعة صباحا، وكان هدفنا براقات المطار (الهنجرات) التي تبقى فيها الطائرات أوقفنا السيارة في الخط البحري في الجانب المواجه للمطار حيث اللسان البري المردوم في البحر حاليا، وحيث نرى بجانب الخط الأعمدة القصيرة للإضاءة الملونة والإشارات الضوئية الخاصة بهبوط الطائرات وعليها شبك حماية.

أخرجنا أنا وخالد القذائف والمواسير والمؤقت وتخطينا سريعا السور الحجري السميك والقصير الذي بني مع تشييد الطريق كحماية من ماء البحر جهزنا القذائف مع المواسير والمؤقت سريعا وعلي سعيد غالب في السيارة عدنا إلى السيارة وانطلقنا نحو كريتر عدن حتى وصلنا إلى قرب عدن مول والمحكمة حاليا وأدرنا السيارة من موقع الكسارة راجعين خط خور مكسر من دون سلاح، وقد انطلقت القذائف على أهدافها. وعند العودة وجدنا تجمعا للجنود البريطانيين والأمن عند موقع المواسير التي تركناها، والسيارات واقفة للتفتيش، ولم يكن معنا شيء فمررنا وقد تمت العملية بنجاح.

الاختلاف مع فرقة «صلاح الدين»

حول عملية المطار

أصدرنا بيانا بعملية المطار واصطدم بياننا ببيان فرقة صلاح الدين وهي من التنظيم الشعبي أيضًا التي قصفت هي الأخرى المطار، لكن من جهة الشرق من قرب المطار من جهة السوق المركزي للخضار سابقا، وقد استهدفت مكاتب المطار وأصابتها، وكان ذلك بفارق ثلاثة أيام عنا. لذا هم يقولون إنهم هم الذين قصفوه ونحن نقول بأننا نحن قصفناه. واتضح لنا ولهم فيما بعد بقليل أن الطرفين نفذا عمليتين، وقد استخدموا - هم - قذائف (الإنيرجا) بينما استخدمنا نحن الهاون وعلموا بأمر قصفنا فانتهى الخلاف.

عملية قصف مدينة الاتحاد (الشعب حاليا)

جاءني الفدائي فضل صالح (طيار) ودعاني معه إلى قصف مدينة الاتحاد، وكان لديه سيارة لاندروفر فسألته كم لديك قذائف قال ست قذائف (الإنيرجا) وهي تركب في ماسورة البندقية العادية، وذلك باستخدام الخرطوشة (الخشرة) أو كيس الرصاصة بعد إخراج الرصاصة وإبقاء البارود فيه ويضغط على البارود بقرطاس حتى يحفظه ويدخل كيس الرصاصة في موقعه من البندقية في الماسورة وفي الطرف الآخر توضع قذيفة (الإنيرجا). إلا أن المصريين المبدعين في تعز دلونا على استخدام مأسورة المياه المنزلية العادية قطر نصف بوصة، ثم تخرق من الجانب وتعبأ بالبارود ثم تدخل مؤخرة قذيفة (الإنيرجا) ويتم استخدامها.

تحركنا إلى مدينة الاتحاد وجهزنا العملية بين أشجار الحسوة المقابلة لمدينة الاتحاد من جهة البحر وانطلقنا قاطعين مدينة الاتحاد باتجاه بئر أحمد التي الطريق إليها يمر عبر بئر أحمد وما أن وصلنا قرب بئر أحمد حتى تفجرت القذائف الست وكان صوتها قويا، لأن المادة المتفجرة فيها ليست (تي . إن . تي) وإنما مادة معدنية بيضاء أشد انفجارا.

تعديلي لنوع من السلاح

عند تسلمي لهذا النوع من المدافع وتجريبها وجدت أن بها نقصا أو عيبا اضطررت إلى تعديله وهو الذي كان به فتحة في القاع يخرج منها سلك، وهذا السلك كان معرضا للانقطاع أو التماس بسبب ضغط القاعدة الحديدية عليه، فغيرت موقع الفتحة التي يمكن أن يخرج منها السلك، وذلك بعمل ثقب في الجانب بدلا من الأسفل، وكنت أدخل وترا لسحب السلك ومن ثم إجراء باقي العملية ولا يكون السلك معرضا للقطع أو التماس في هذه الحالة، لأنه يكون مرتفعا عن الأرض في حدود خمسة سنتيمترات.

عملية جولة السيلة

وقرب جولة السيلة بمدينة الشيخ عثمان التي يتفرع منها خطا الممدارة ودار سعد، أتينا ليلا، وقمت بحكم التدريب في تعز والخبرة الفنية السابقة بتجهيز وتركيب ومواصلة وتمديد الأسلاك وذلك لعبوة تدخل تحت الطريق قليلا ولمتفجرات من نوع (شربنل) وهذا الأخير لم نستخدمه هنا من قبل، ومعرفتنا النظرية عنه أن قذيفته ترتفع عن الأرض مترا واحدا ثم تنفجر، واتضح لي من خلال العملية خطورته وخبثه لذا لم نستخدمه فيما بعد وتخلصنا منه. وقد خططت للعملية بحيث لا تكون ضارة بالمواطنين لو داست أقدامهم الموقع لذا جعلتها على أزرار وأسلاك ممدودة بحريا إلى قرب جدار مستشفى عفارة سابقا والمحكمة لاحقا وجعلنا الأبرش واقفا على أزرار (الشربنل) عند جدار عفارة بينما سلك العبوة يتجهنن قبليا إلى محل بيع الفحم، وفي النهار وفي حدود الساعة العاشرة تمت العمليه بنجاح

هذا نبذه صغيره من كتاب الوالد الفدائي يوسف فضل العزيبي 

اسم الكتاب (التنظيم الشعبي خلاصه ثوره 14اكتوبر 30نوفبر)