آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

بعد 59 عاماً من عمر الثورة.. ماذا نريد !؟

الأحد - 16 أكتوبر 2022 - الساعة 03:57 م

أحمد مطرف
بقلم: أحمد مطرف
- ارشيف الكاتب


من خلال قرأتي للأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم، والتحليلات العامة للوضع الدولي الحالي، وما نراه من تحولات للقوى العظمى في العالم اليوم؟ تبرز أمامنا الكثير من التنبئات بالأحداث المستقبلية التي من المحتمل أن تحدث، ما أود طرحه في هذة العجالة مربوط بواقعنا اليوم بعد أنقضاء 59 عاماً من عمر الثورة التحررية ثورة الـ 14 من اكتوبر 1963م، التي توجت بإعلان الاستقلال في يوم الثلاثون من نوفمبر 1967م،  وبسط السيادة الوطنية على كامل أراضي الجنوب بحدودها المتعارف عليها، كدولة تتمتع بعضوية كاملة في مختلف مؤسسات الشرعية الإقليمية والدولية، لها سيادتها وهويتها الوطنية المستقلة.

فيما وصف بعض المحللون وأعترافات رؤساء لبعض الدول بأن بعض الأزمات تأتي من رؤساء وأنظمة دول، بينما تأتي أزمات أخرى من تحديات الدول الناشئة، بفعل السياسات الخاطئة لقادة بعض الدول ..

لاحظ ماحدث داخل الدول الغربية؟ على سبيل المثال في الولايات المتحدة، أدت الخيارات الخاطئة التي انتهجها رؤساها قبل فترة طويلة من بداية ترامب وهي سياسة كلينتون تجاه الصين وسياسة بوش الحربية وأزمة أوباما المالية العالمية وسياسة التيسير الكمي، وكلها أخطاء جوهرية تهز الهيمنة الغربية التي أدت الى زعزعة هيمنتها بشدة، ومع ذلك من ناحية أخرى وبحسب أعترافات رئيس فرنسا الحالي إيمانويل ماكرون في خطاب في أجتماع داخلي الذي شكل صدمة العالم في بداية الازمة العالمية الراهنة بين روسيا وحلفائها من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي من جهة أخرى، عندما قال: قللنا إلى حد كبير من ظهور القوى الناشئة، ليس فقط قبل عامين، ولكن منذ عشر أو عشرين عاماً وقال أيضا : يجب أن نعترف بأن الصين وروسيا قد حققا نجاحاً كبيراً على مر السنين في ظل أنماط القيادة المختلفة، تبرز الهند أيضا بسرعة كقوة أقتصادية، وفي الوقت نفسه أصبح أيضاً قوة سياسية، الصين وروسيا والهند، هذة الدول مقارنة بالولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة في أشارة منه إلى أقتراب نهاية الهيمنة الغربية.

قالها نعم، يجب أن أعترف بأن نهاية الهيمنة الغربية قد تقترب"

لقد اعتدنا منذ القرن الثامن عشر على نظام دولي قائم على الهيمنة الغربية .

هذة فرنسا مستوحاة من عصر التنوير من القرن الثامن عشر

هذة بريطانيا من القرن التاسع عشر بقيادة الثورة الصناعية.

هذة أمريكا خرجت من القرن العشرين بعد حربين عالميتين.

جعلت فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة من الغرب عظيما لمدة 300 عام.

نعيد للاذهان ماذا حدث بعد انتصار ثورة 14 أكتوبر؟ أمتدادا لفشل النظام السياسي في الماضي في إفادة الشعب الجنوبي، بل وجعل حياتهم أسوأ وأسوأ، بدخول الوحدة أندماجية دون أدراك القمة بالفشل لذلك فشلوا .

إن السياسات الخاطئة التي أنتهجتها الانظمة السابقة ومدى تاثير الأطراف في الصراع الدولي والاقليمي عصف بمشروع الوحدة الاندماجية وهو ماجعل الفشل السياسي حتمي .. كون دخول الوحدة لم يبنى على أسس ومواثيق أممية وكانت مصيرها الفشل، وأصبحت مشروع أستحواذ وليس مشروع شراكة .

أنتشلت الصين 700 مليون شخص من براثن الفقر، في حين نجحت سنغافورة في إحداث معجزة النهوض بواقع شعبها وأعتمادها على الانسان محور التغيير كثروة بشرية التي كانت مفتاح أسباب النهوض وإحداث تغييراً عميقاً في نظامها السياسي والاقتصادي وصنع ثورة اقتصادية غير عادية.

يعتقد الناس أن مصيرهم لن يعد بأيديهم لذلك يريدون " استعادة السيطرة"

والطريقة المباشرة لـ " استعادة السيطرة "هي مغادرة السياسة القديمة"، وتغيير شيئاً أكثر إبداعاً من الناحية السياسية.

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي بسبب فقدان استعادة السيطرة، فشل النظام السياسي في الماضي في إفادة البريطانيين، لأن الانجليز يكرهون الاتحاد الأوربي، ويكرهون السياسية القديمة ويريدون شيئاً جديدا من الناحية السياسية.

علينا امتلاك خيال سياسي يفوق بكثير خيال القوى المتأمره على الجنوب واجندتها الخارجية الداعمه لها.

الخيال السياسي مهم جداً، له دلالات قوية ومتماسكة ويمكن أن تؤدي إلى مزيدا من الإلهام السياسي.

تمسكنا بثقافتنا الوطنية تبدأ في الإيمان بها، والتخلص من "الثقافة الفلسفية" التي فرضتها الهيمنة الغربية في الماضي.

العمل على فرض سياسية جديدة للسوق وتحسين مستوى الدخل بمعدل غير مسبوق، وإحداث نوع من التوازن والمساوة وجعل الطبقة الوسطى حجر الزاوية لبلدنا .

نحن بحاجة الى بناء هيكل الثقة والأمن الجديد الخاص بالجنوب وتحسين العلاقة مع الدول في المنطقة العربية والعالم.

وضرورة إحداث ثورة في تكنولوجيا المعلومات بسرعة غير مسبوقة، حيث ينتشر الذكاء الاصطناعي بانتشار الذكاء الكبير في العولمة وذلك من خلال توفر إنترنت البيانات الضخمة .

لقد نجحت الثورة التكنلوجية في إحداث تغييرات أنثروبولوجية عميقة، كما خلقت مساحة تتطلب من البشر إعادة فحص القواعد وصياغتها.

أن الشيئ الوحيد الذي يمنحنا القوة هو الشجاعة الإستراتيجية السياسية للجرأة على الاختراق والمجازفه.

نمتلك قيادة سياسية لديها من التفكير الخيالي والقلب الشجاع، وأعتقد أنه فقط من خلال تجربة بعض السياسات الشجاعة والخيالية يمكن أن تعكس الروح الوطنية بعمق أفضل طريقة.

الروح الجنوبية هي روح المقاومة العنيدة والسعي وراء عالم مختلف، إن روح المقاومة لن تستسلم أبداً لحتمية الأمور وقابيلتها للتكيف، يجب أن تؤسس الجنوب نفوذاً في منطقة الشرق الأوسط نظراً لأهمية موقعها الجغرافي، فهي واعده بأن تصبح إحدى القوى البحرية الرئيسية في المنطقة كبوابة جنوبية لبحر العرب والممرات المائية الدولية من خلال الموقع الاستراتيجي لمضيق باب المندب .

استقرار الجنوب يكمن باستقرار السيادة الاقتصادية المستقبلية للوطن وإعادة النظر في العملة الوطنية نحنُ بحاجة لبناء شراكة مع دول العالم وهذا يتطلب وجود العملة الجديدة، إن إعادة بناء السيادة لدولة الجنوب والسيادة الاقتصادية وسيادة الدفاع الوطني وسيادة الحدود هي الطريقة الوحيدة لتعزيز التكامل العربي حقاً دون تدخل من دول الجوار ودول أخرى في الخارج.

يجب أن تحظى الدبلوماسية وتكون قوية ومتماسكة، وتمارس مهامها في المصلحة الوطنية والنهوض بواقع وطننا، يجب أن نستخدم خيالنا السياسي .

كما علينا الأخذ بعين الأعتبار الدروس المستفادة من خطاب الرئيس الفرنسي على الواقع الدولي ونحن جزء من هذا العالم الذي ينقلب بطريقة جديدة كلياً، وله اضطراب كبير وله عواقب بعيدة المدى في جميع المناطق تقريباً.

إنه تحول في النظام الدولي، وتكامل جيوسياسي، وإعادة تنظيم إستراتيجي.

لذا يجب علينا أن نفكر بخيال سياسي واسع يفوق كل التوقعات، نحن في عصر جديد له شروط مختلفة في أسباب النهوض والأفول، ولكي نستطيع أن نكون جزء من صناع النهضة لابد أولاـ من ترتيب أمورنا دون أخطاء تعيدنا الى ما قبل تسعه وخمسين عاماً، قد يرئ بعض القرّاء بأن مقالي هذا لربما سابق لأوانة وهنا يكمن الرد بالقول اذا لم نستفيد من أخطائنا السابقة وأخطاء من سبقونا وتكون لنا نضرة ثاقبة في مجريات ما يدور في العالم من متغيرات سنبقى أبد الدهر محلك سر !!  نندب حضنا العاثر .. وكفى !!