عادل السبئي
لم يكن اختيار مليشيات الحوثي الرسية لل21 من سبتمبر يوما لنكبتها ، وذكرى سنوية على غرار ثورة 26 سبتمبر المجيدة عبطاً ، ولم تكن حركتهم الانقلابية عفوية أو تلقائية بالمطلق .
فاختيار شهر سبتمبر له رمزيته ودلالته ، ففيه سقطت آخر عروش الطغاة ، وحكم الأئمة "سلالة آل الرسي البغيظة" لليمن ، الذي استمر لأكثر من عشرة قرون ، فذهب بسقوطه حكم الأسياد ، وولى عهد الاستبداد والاستعباد .
ضلت السلالة لعقود من الزمن مستلقية على جبال مران ، تتكاثر في كهوفها ناشرةّ سمومها وسط المجتمع بعيدا عن أنظار الدولة ، ولربما كانت تعلم فتغاضت و اغلب الضن انها شاءت ذلك لغرض اللعب على المتناقضات .
فأوفدت طلابها للدراسة في حوزات قم ، وحج رجالها الى الكوفة ، والنجف الاشرف ، وأسست مدارسها الطائفية لتدريس ملازمها ، وتوسيع رقعة أفكارها و نشر معتقداتها بكل حرية ، وإقامة الحسينيات والبكائيات ، واستجرار صراع الماضي لإيقاد الحقد ، وإيجاد روح الثأر في صدورهم ، في ظل غياب تام للدولة السبتمبرية المجيدة.
فلا تستغربوا إن رأيتم نكوصاً ، وردةً ، عن ثورة 26 سبتمبر، وازدياد اتباعها ، وعدم وجود اعتراض عليهم خلال مسيرتهم المرانية من قبل القبائل وصولاً الى السبعين ، لا بل شكلوا حاضنة وداعم بالمال والرجال من أجل العودة بانفسهم إلى الطبقية البغيضة وسيد ومسيود وتقبيل الاقدام والركب .
قصور عمل الدولة ، وعدم سيادتها على كامل أراضيها ، وتربية الثعابين ، وتسمينهم ، واللعب معهم ، واستخدامهم كأوراق لتحقيق اهداف سياسية.
لقد كان هناك عملية جهل ممنهجه الأمر الذي يعد تراجع عن اهداف سبتمبر والذي في زاويه من زواياه "القضاء على الجهل".
"فالقضاء على الجهل" كانت الركيزة الاساسية التي قام من أجلها سبتمبر ، في الوقت ذاته كان " تكريس الجهل" هو اللبنة الأساسية الذي اقام عليه حكم الأئمة حكم اليمن لأكثر من الف عام .
وعندما كانت قد مرت منذ فجر ثورة 26 سبتمبر حتى الان ما يربو على 50 عاماّ ونحن بين " اللاعلم واللاجهل " ، دون القضاء على الجهل بشكل تام ، والذي يعتبر المرتع الخصب ، والفقاسة التي تنتج رجال الحوثي ومقاتليه .
الحوثيين فقط ورثو الشعب بجهله ، فحافظوا على ميراث أجدادهم … فقد ورثوا لهم شعب جاهز لتعبئته فكرياً ، واستخدامه عسكرياً ، بإعتبارهم وقود حرب وأساساً للحكم .
كان يجب أن تتبع ثورتنا السبتمبرية العسكرية التي انتهت ضد الملكيين ، ثورة معرفية علمية غير متوقفة ، كفيلة في الحفاظ على الثورة ، ومقوماتها وتحقيق اهدافها كاملةً دون نقصان .
واخيراّ لا تلوم الفارسي الدخيل على ما صنع ، هو فقط لقى بيئة مناسبة ، وعقول تمجد الخرافة ، وتسعى لتحقيق حلم العترة ، فاستغلها الاستغلال الامثل .