آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:57ص

"عدن" زهرة المدائن

الأحد - 18 سبتمبر 2022 - الساعة 12:00 ص

خالد بن سعد الشنفري
بقلم: خالد بن سعد الشنفري
- ارشيف الكاتب


لطالما داعبت "عدن" تلك الجاره الكريمة لنا في ظفار  مخيلتنا في الستينات من القرن الماضي ونحن صغارا نشهد ما تصدره  لنا من كل شيئ تقريبا من منتوجاتها او من  اعادة صادرات تجارتها مع بريطانيا والهند وجهات العالم المختلفه ، فلا زالت ذائقة حلوى القوالب العدنية المغلفة باوراق صحف الجرائد المصرية والعدنية في تلك الحقبه في افواهنا الى الان والمعلومات المتفرقة التي نقرأها من تلك الوريقات بتلهف من مواضيع صحف  تلك الحقبه والتى فتحت شهيتنا للقراءة فيما بعد وعنب الزبيب العدني (الرازقي) المجفف اللذيذ والذي لم يعد للرز القبولي لدينا طعما بدونه لانقطاع تجارة عدن عنا منذ زمن وروائح صابون اللوكس واللايف بوي الانجليزية القديمة زكية الرائحة وزيت (سليط) السمسم الذي يدخل في كل بيوتنا وحياتنا كغذاء لابداننا وشعرنا ومفتح ومرطب لمسام البشرة مرورا بالايزار (الوزار) الذي نأتزر به الى المحسر والسباعية من البسة إناقة الرجل التي نتمنطقها ورمز للرجولة والإباء الى كوفية ابو علم وفوطة ابو سيفين الى كل شيء خارجي تقريبا.

لقد وصف أحد الرحالة الانجليز الذين عاصروا عدن  في منتصف القرن الماضي وعاصر دبي في القرن الواحد والعشرون بأن عدن كانت قبل مائة عام من الان تضاهي دبي اليوم بل وتزيد عنها بطبيعتها المتميزه وشواطئها وجغرافيتها ودفء اجوائها ومعالمها الاثرية مثل " صهاريج عدن" التي يقال انه تم البدء في بناءها قبل 15 قرن قبل الميلاد وساعة بج بن عدن وبرجها الذي تم تشييده في العام 1902 ومتحف عدن الوطني تلك التحفه المعمارية التي كانت قصرا فيما مضى وقلعة صيرة عدن تلك التي صدت الغزاة على مر السنين وكنيسة كريتر  الموغله في القدم ، حتى ان البريطانيون اطلقوا عليها على استحياء مسمى (هاف لندن) نصف لندن ولكنها كانت في الحقيقة نسخة افضل من لندن نفسها.

لقد كانت عدن تشكل انموذجا متميزا لتكامل النشاط الاقتصادي والتنوع الانتاجي فقد كانت مصفاة نفط عدن اقدم مصفاه في العالم العربي والمنطقة كلها وكان ميناءها مركزا لتخزين الفحم وتجارته وتزويد سفن تلك المرحلة به واقيم فيها اول مكتب بريد واول اذاعة عربية  ودخلتها افخم السيارات العالمية  وتناغم وتكامل كل ذلك مع  شواطئها ومنتجعاتها الطبيعية الجميلة وبها اقدم فندق فخم استضاف الملكة اليزابيث ولازال قائما الى اليوم ومتفرده في عصرها في منتصف القرن الماضي .

تعتبر عدن مع ظفار بسلطنة عمان اهم منفذين استراتيجيين على بحر العرب والمحيط الهندي ويملكان أنصع وأثرى نشاط تجاري قديما وعلى مستوى العالم  ولكن كان قدر ظفار ان تتوارى في القرون المتأخره وتنزوي وبرزت عدن وتصدرت المنطقه في الجنوب العربي وكانت خير حاضن لظفار الجاره الشرقية لها واهلها وتجارتهم وعبورهم  عن طريقها الى الخارج حتى قيض الله لظفار وعمان باني نهضتها الحديثة المباركة في 23 يوليو من عام 1970 المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وصولا الى نهضتنها الحالية المتجددة بقيادة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد حفظه الله وابقاه والجاره عدن تئن نتيجة الاوضاع المعروفة وتتفاعل معها قلوبنا وافئدتنا لاننا لا نريد ان نراها في اخر حياتنا الا على ما كانت عليه وما عرفناه وعرفه العالم كله عنها.

يحز في انفسنا ان نرى ونشاهد ونسمع عن عدن اليوم مايحصل بها من انقطاع كهربتها التي انارتها قبل العديد من مدن العالم بعقود وعن طفح مجاريها في شوارعها العريقة وعن ما يعانيه اهلها الكرماء النجباء الذين لا يستاهلون ماهم عليه اليوم 
ولكننا على ثقه وامل بالله وهمم رجالها وابناءها النجباء  انها ستعود على ما كانت عليه واكثر فطالما كانت الحكمه يمانيه وطالما بعد كل هفوه صحوه ومن كل احرار العالم والغيورين من شعب اليمن عامة الذين يرون عاصمتهم الثانيه وبوابتهم على المحيط الى العالم ، ستعود باذن الله ويعود كل اليمن اصل العروبه ومنبتها الأول فلطالما كانت عدن واليمن بوابة العروبة وثغرها الجنوبي الاصيل.