آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-01:52م

هل يعي المجلس الانتقالي الجنوبي ما معنى حوار؟

الإثنين - 12 سبتمبر 2022 - الساعة 07:50 م

سامي الكاف
بقلم: سامي الكاف
- ارشيف الكاتب


يصر المجلس الانتقالي الجنوبي عبر لجنة الحوار التي شكّلها بفرعيها الداخلي والخارجي، على تقديم نفسه بصورة أقل ما يمكن وصفها بالمخيبة للآمال المعقودة على إجراء عملية حوار جنوبي جنوبي حقيقية ناجحة؛ لا تقصي أحدًا لأي سبب من الأسباب، وتجعلنا نتجاوز أخطاء الماضي، أو لنكون في طريقنا إلى ذلك.
كل ما يحدث إلى الآن سلسلة لقاءات عابرة يتم سلقها على عجل، ومشروطة بتوجهات الانتقالي وتتوافق مع ما يراه هو؛ وكأنه لا يريد أن يفهم أن كل ما يقوم به إلى الآن ليس له أية علاقة أو إرتباط بمعنى حوار. 
لنتذكر معًا أن الحوار وفق ما هو متعارف عليه "هو نشاط عقلي ولفضي بين المتحاورين، للوصول إلى إتفاق، أو حل لمشكلة ما، أو توضيح لقضية ما".
لم تفلح فترة أكثر من سنة، أي منذ أن أعلن دعوته لحوار جنوبي - جنوبي، لكي يقدّم المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه بصورة تعي معنى إطلاق عملية حوار مع الآخرين الجنوبيين؛ بل قدّم نفسه على نحو واضح بصورة [لا تعي معنى حوار] وشروطه ومتطلباته، على الرغم من كونه يزعم انه يمتلك كفاءات..! (يعتقد بعض من يتم ترويجهم كنخب في المجلس الانتقالي الجنوبي أن معنى الحوار لديهم هو أن يلتحق كل من لا ينتمي إلى مجلسهم بقطارهم المنطلق صوب محطة التحرير والاستقلال وإقامة جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية وإلا فإن القطار سيفوتهم وسيندمون في وقت لن ينفعهم الندم). 
لنترك هذا القطار العجيب جانبًا الآن. ان الحوار يعني: "مراجعة الكلام، وتداوله، بين طرفين، (أو أكثر بالطبع)، لمعالجة قضية من قضايا الفكر، والعلم، والمعرفة.. بأسلوب متكافئ، يغلب عليه طابع الهدوء، والبعد عن الخصومة". (ويكيبيديا). 
أما الحوار في اللغة، فهو الرجوع عن الشيء، والارتداد عنه، وحار عن الأمر وإليه (رجع عنه، أو إليه). 
وأصل فكرة إجراء حوار جنوبي - جنوبي في المقام الأول تكمن في كونها تختص بحوار سياسي بين مختلفين قبل أن يكون حوارًا لمعالجة قضية من قضايا الفكر، والعلم، والمعرفة بأسلوب متكافئ. 
"الأصل في إجراء أي حوار أن يتم بين مختلفين اثنين أو أكثر، للوصول إلى نقطة أو نقاط مشتركة تقع في مصلحة المتحاورين المختلفين يصبحون بعدها متفقين. لا معنى أو جدوى من حوار مع متفق معك أو مع نسخة طبق الأصل منك. 
الحوار كان وسيظل بين مختلفين للوصول إلى نقطة مشتركة أو نقاط مشتركة تقودهم إلى أن يخرجوا من الحوار متفقين". (من مقال كتبته بعنوان: عن حواراتنا كجنوبيين). 
وأي حوار له آداب وشروط لا يتعين تجاوزها، بل ينبغي للأطراف كافة التحلي والالتزام بها؛ ومن أهم آداب الحوار  وفق (ويكيبيديا)، ما يلي:
 - أن يكون الأطراف كافة، على علم تام بموضوع الحوار.
 - أن يكون لدى أطراف الحوار كافة، الجرأة، والشجاعة، على الاعتراف بالخطأ، في حال خالف (الصواب).
 - أن يتأدب كل طرف مع الآخر، باختيار الألفاظ المناسبة، التي يرتضي المحاور أن يسمعها من غيره.
 - أن يحترم كل طرف، عقيدة الطرف الآخر، ومبادئه، وأن يراعي نفسيته.
 - أن يكون الدافع الرئيسي لدى جميع أطراف الحوار إصابة الحقيقة، وأن يكون الوصول إلى الصواب، والحق.
 - البعد عن الغضب وأسبابه مع الحرص على الإعتدال حتى ينتهي الحوار .
 - أن يكون لدى الأطراف كافة، القدرة على التعبير.
 - المرونة في الحوار، وعدم التشنج.
 - الإصغاء للطرف الآخر، والاستفادة من طرحه، وكبت جماح النفس عند الرغبة في الجدال، والعرب تقول: رأس الأدب كله الفهم، والتفهم، والإصغاء إلى المتكلم، ومن أهم الفوائد التي تستفيدها من هذه النقطة اكتساب صفة الحلم.
لن تفضي مجرد لقاءات عابرة يتم سلقها على عجل إلى ما ستفضي إليه عملية حوار حقيقية مع الآخرين الجنوبيين وفق ما تم شرحه بعاليه؛ بل ستقود هذه اللقاءات العابرة - مجدداً - إلى السير في مسار إقصاء الآخر المغاير واجترار خلافاتنا؛ وبالتالي العودة إلى صراع تناحري الجميع في غنى عنه.
لا تنسوا أن لأي حوار ضوابط لا يمكن تجاوزها و إلا فقد الحوار معناه وبالتالي جدواه، وهي وفق عدد من المراجع، على النحو الآتي:
 - تقبل الآخر: وهذا يعني الاعتراف به واحترام حقه في الاختلاف والتعبير. 
 - العلم وصحة الدليل: وهذا يعني اعتماد البرهان في الدفاع والتفنيد. 
 - حسن القول: وهذا يعني حسن الكلام وتجنب الألفاظ الجارحة وعبارات السخرية. 
 - الإنصاف والموضوعية: وهذا يعني الاعتراف بصحة رأي المحاور، والإذعان للحق عند تبيين صدق حججه. 
لا مناص من حوار جاد وفق ما تم توضيحه بعاليه؛ وأكرر ما سبق أن أشرتُ إليه من قبل مرارًا وتكرارًا:
علينا أن نعي وندرك أن الأخذ بالحوار بين الكيانات السياسية الجنوبية كافة لحل مشاكلنا لا مفر منه؛ ودليل على أن أخطاء الماضي يمكن وضع الأيدي عليها بغية عدم تكرارها؛ وأول هذه الأخطاء عدم صلاحية "لا صوت يعلو فوق صوت الكيان الواحد". 
إذا ما فهمنا هذه النقطة كمرتكز أساس لحوارتنا كجنوبيين؛ يمكن السير معًا في مشوار ما تتطلبه حواراتنا هذه والمفترض أنها لا تقصي أحدًا لأي سبب من الأسباب.

   * إضاءات على مسيرة حواراتنا :

1️  الآخر المغاير؛ وتحديدًا المختلف معك، ليس عدوًا لوطننا المشترك لتسمح لفئرانك البائسة بتخوينه من خلال كيل تُهم عديدة مُعتقدًا انك تنال منه. وهي تُهم، على أرض الواقع، لم تعد تنطلي إلا على من هم يعتقدون، واهمون، أن العيش وفق منطق القوارض بحق المختلف المغاير يمكن له أن يستمر إلى ما لا نهاية.

2️  الوطن ليس وفق مقاسك؛ وليس وفق مقاسي. ولا يمكن له أن يكون مقاسًا لجماعة على حساب جماعة؛ أو لطرف على حساب طرف آخر.

3️  الوطن الحقيقي ملاذ آمن لك و لي و لكل من يختلف معنا. وطن حقيقي يضم الجميع و يسمح لنا بعيش مشترك آمن في ما بيننا بكل تنوعنا واختلافاتنا.

#سامي_الكاف