خطوة في "مسيرة نضالنا"..!

 قبل أربع سنوات أحرقوا صورة حسن باعوم في عدن؛ الرجل الذي كان أول من خرج ضد نظام ما بعد حرب صيف ١٩٩٤، وكان ذلك الخروج في العام ١٩٩٧ في المكلا. 
أتذكر ذلك تمامًا لأنه صادف عودتي من كييف إلى عدن، مسقط رأسي، بعد إتمام دراستي الجامعية و حصولي على شهادة الماجستير. 
أحرقوا صورة حسن باعوم قبل أربع سنوات وكان ذلك في ٢٠١٨؛ لا لشيء الا لكونه لم يكن معهم، ومساره مختلف عن مسارهم. 
وقد كتبتُ عن هذا السلوك غير المعتاد أو غير المألوف في (مسيرة نضالنا)؛ أي عن إحراق صورة حسن باعوم، بوصفه دالة أكيدة على رفض المختلف المغاير و اقصائه، مؤكدًا ما يلي:
"دوران عنيد، أحمق، في حلقة مفرغة من العبط تقوم على إقصاء الآخر؛ و القضاء عليه." 
لم يسلم ابن حسن باعوم (فادي) من التخوين والإقصاء، وشنوا عليه حملات شعواء بوصفه خائنًا لمسيرة نضالنا، و لم أسلم أنا من هذا السلوك الإقصائي الأحمق فضلاً عن التخوين؛ أكان بسبب ما كتبته عن إحراق صورة حسن باعوم تحديدًا، أو بسبب مواقفي الرافضة لأي إقصاء للآخر المغاير لأي سبب من الأسباب. 
ها هو اليوم فادي باعوم يفعل ما لم يتوقع أحد فعله؛ يعود إلى قلب المشهد السياسي في عدن حيث تم إحراق صورة والده حسن باعوم بل ويحضر اجتماعات هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في حدث غير مسبوق منذ أن تم الإعلان عن تأسيس المجلس في ١١ مايو ٢٠١٧، ويثبت للجميع أن سلوك الإقصاء مع الآخر المغاير لن يقود إلا إلى تكرار أخطاء الماضي؛ وبالتالي الدوران في الحلقة المفرغة. 
في هذه النقطة المفصلية في سياق هذا المشهد الجنوبي الصعب و المعقد و القائم على تعدد مكوناته و أهدافهم بالضرورة، أي نقطة الانفتاح على الآخر المغاير، يُثبت رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي قدرته الشجاعة على التكيف مع واقع اليوم ومستجداته باتجاه تجاوز أخطاء الماضي رغم معارضة عدد ممن ينتمون إلى الجناح المتشدد لأية جهود ساعية للتقارب مع المختلف المغاير؛ الجناح المتشدد الذي ما زال يتعامل مع الجميع، وحتى داخل المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه، و كأن جنوب اليمن من أملاكه الشخصية ورثها أبًا عن جد. 
التقارب بين (المجلس الانتقالي الجنوبي) و(مجلس الحراك الثوري الجنوبي) ليس إلا خطوة في مسيرة نضالنا يُفترض أن يعقبها خطوات مماثلة مع جميع المكونات السياسية الأخرى في جنوب اليمن؛ جميعها بلا استثناء.

...