آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-11:19م

عبقرية المشهور .. ذوقه الرفيع (5)

الإثنين - 08 أغسطس 2022 - الساعة 10:44 م

هاشم بن عبدالله الحامد
بقلم: هاشم بن عبدالله الحامد
- ارشيف الكاتب


عندما تختلط المشاعر في جوف أحدنا، وهي مليئة  آهات وأحزانا   فإنها قد تنزل واكف  الدمعات، عند ذلك لايستطيع القلم  ان يكون منطقيا عندما يكتب ويُعبّر  ،  لكن ما أريده منكم أحبتي هو أن تعيروني أسماع قلوبكم،  لأطوف بكم بعيدا، وأحلق بكم عالياً في الحدائق الجميلة لفقيدنا ابي بكر المشهور رحمه الله وبساتينه الرائعة .

وليأذن لنا أن ندخل دولته العالمية ، ونتعرف على سلطنته الحضارية   نتجاوز شاعرية الزمان والمكان ، ونعكف على مشاهد تملأ القلب روعة   من ذوقه الرفيع وأدبه البديع المبسوطة في مكنونات شخصيته ، التي لها عمقها واتساعها وأثرها في الحياة وكذلك نزور منزله وحجراته، ونتأمل في  عبادته وهواياته وفي رهافة حسه، ودقة مشاعره، وفي حسن معاملته وقد كان رحمه الله  مرجعه الأول القرآن الكريم الذي كان أنيسه وجليسه، كان إذا تحدث لايرفع صوته ولا يجرح مشاعر من حوله .. نبيلا وجميلاً.

، لقد تعلمنا في مدرسته مفاهيم أن تكون لطيفا سهلاً فمهما نلت من شهادات عالية وليس عندك ذوق فلا فائدة في علمك، وانه مهما ملكت من ثروات وليس في قاموسك أدب واحترام فلا قيمة لمالك، وكان رحمه الله آية في حسن الاستماع والإنصات، حاضر القلب قليل الالتفات ساكن الظاهر، هادئ الأطراف عند حضور الأوراد، ويتأثر عند سماعه المواعظ والإرشاد ويطرب للسماع والإنشاد  .

كانت أذواقه أنفاسا أخذها بالاقتباس وبصحبته للأكياس فقد كان شامة بين من يجالسه قال عليه الصلاة والسلام :( أحسنوا لباسكم، 
وأصلحوا رحالكم، حتى تكونوا شامة بين الناس) 
كان رحمه الله صاحب ذوق سليم  تجمعت  في: (منظره الحسن، ورائحته الحسنة، وكلامه الحسن) كان  يتفنن في اختيار الألوان بتناسق عجيب، ويحب الطيب والعطور ، ويأنس برائحة العود والبخور ، متميزاً في مركوبه وسيارته، ونوع أقلامه  ومجالسه . 
    كان يستمتع مع طلابه وأهله  بفناجين الشاي عالية المذاق  ، كان هو من يزين المجالس بروحه الحية ونفسه المرحة.

   كان يتذوق  التغيير ويكره الحياة الرتيبة التي لا تتعامل مع نواميس التجديد، له همة و عزيمة وبصيرة كان رائدا في فنون متنوعة وله هوايات في  الرسومات التشكيلية ، وهو شاعر مرهف الحس يعشق الجمال ، ومؤرخ يتأمل دوما في عجلة الأيام ، وتأسره روعة الكلمات وحلاوة العبارات، كان يعيش لحظة المكان وألزمان.

   وكان يملك موهبة الدعابة، و يستعمل المزحة الظريفة، يخفف بها من وطأة هموم الحياة فيفتح قنوات من الهدوء النفسي ، للتعايش مع الواقع، وعنده موازين السعادة ، من  راحة البال، والقلب النقي والضمير الحي والوجدان الحساس والقناعات الثابتة.

   كانت أذواقه وآدابه تمتد إلى أفق واسع في الأفكار والمفاهيم والسلوك و تنحصر في :
ربانيته العميقة، وفطرته السوية، وشمول منهجه، وكمال دعوته، ووسطيته وتوازنه ووضوحه ورحمته وعالميته . 

وللحديث بقية.
هاشم بن عبدالله الحامد