آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-10:48م

شراكة السلطة! 

الأحد - 07 أغسطس 2022 - الساعة 01:46 م

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


 

في نهاية القرن العشرين ظهرت دراسات سياسية؛ تناولت  الصراع  بين  الأنظمة والمعارضة والحركات الثورية . . خلصت الدراسات إلى أن القمع الذي مارسته الأنظمة فشل في حسم الصراعات. . وخلصت أيضاً إلى أن تشدد بعض الثورات تسبب بفشلها.

و خلصت أيضاً إلى  أن استراتيجية اشتراك الطرفين في الحكم، أفضل الطرق لصناعة السلام، و الأفضل في وقف الصراعات، بمافيها صراعات دامت أكثر من نصف قرن، قضية جنوب السودان مثلاً.

السر في نجاحها؛ أنها تضمن للطرفين -النظام والخصوم- نفس الفرص، وعدم خضوع طرف لآخر. . ولا تترك ثغرات في مرحلة حوار الحلول، وغالباً ما تضع الطرفين في مأزق تقديم التنازلات.

و تتميز أيضاً في أنها تحمل الطرفين -النظام والخصوم- المسئولية عن البلاد، وتحملهم واجب إنقاذها من  ماهي فيه. . وتضعهم في إختبار مصداقية المبادئ أمام الشعب والعالم،، وإختبار الكفاءة، إختبار النزاهة، وغيرها. . و نتيجة الاختبارات تصب في مصلحة الشعب.

وقد طبقت هذه الاستراتيجية بهذا المفهوم، منذ بداية القرن الحالي، في عدة دول، أبرزها الأردن والمغرب. . سلم النظام للمعارضة كامل الصلاحيات التنفيذية، بمافيها المعارضة التي كانت تعمل على إسقاط النظام الملكي، ولم يبقى بيد الملك إلا السلطات التي تحفظ الدولة من التمزق.

نتج عن ذلك توقف الصراع، واستقرت الحياة السياسية، وتعاون الجميع،. . تحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي، بقدر محدود وببطء، لكنه أقل بكثير مما كانت المعارضة تعد الشعب به، في سنوات الصراع.

هذا أدى إلى قيام المعارضة بمراجعة ذاتية؛ اعترفت بخطأ المزايدة والشعارات الفضفاضة. . واعترفت بصعوبة التحديات، وقصور قدراتها. . و أصبحت تحض الشعب على التمسك بالنظام الملكي، بعد أن حرضت ضده عقود.

رغم ميزات الشراكة الكثيرة (التي ذكرها المقال والتي لم يذكرها) إلا أن لها وجه مظلم؛ يعطي الطرفين سلاح ناعم لاستمرار الصراع بينهما، بطريقة سلمية. . صراع من يفشل الآخر، ومن يمتلك أكثر كفاءة ونزاهة يحقق بها إنجازات. . و شراكة الانتقالي في السلطة من هذا الوجه.

في هذا الجانب من استراتيجية الشراكة يمكن الثوار -المعارضة-  إثبات صواب نهجهم. . وتحقيق التفاف شعبي، و ثناء الدول الوسيطة، والمجتمع الدولي، وتأييد  لمشروعهم -الاستقلال- الوطني. . عن طريق أمرين.

الأمر الأول تحقيق إنجازات يلمسها المواطن، والدول المراقبة للوضع، في القطاعات التي أوكلت وزارتها لهم، . الثاني؛ إظهار قدراتهم وكفاءتهم في تجاوز المعوقات التي يضعها النظام لإفشالهم، و توثيقها وكشفها للشعب، و للدول الوسيطة والمجتمع الدولي. .

بالمقابل يعمل النظام على إفسادهم بمغريات السلطة، و يتآمر لإفشالهم، حتى تصبح معيشة الناس  أسوء من قبل الشراكة. . وبدلاً من محاسبة أنفسهم، يدفعهم غباؤهم للدفاع عن أنفسهم، فيقومون بتبرير الفساد وتقديم حجج الفشل. . وهذا يظهرهم لصوص انتهازيين، استغلوا الثورة للكسب الشخصي. . فيترك الشعب تأييدهم، ويتمسك بالنظام لأنه أقل ظلماً منهم.

طبق الاستراتيجية بهذه الطريقة؛ نظام الرئيس علي عبدالله صالح؛ وقد نجح في حالات كثيرة، وفشل في حالات أخرى

ختاماً؛ لقد بلغ ظلم وحرمان الشعب الجنوبي اليوم، حد الإبادة الجماعية. .  و الصوت الشعبي الغالب يحمل المجلس الانتقالي المسئولية كاملة، لأنه فشل في المهمة التي فوضه الشعب به؛ قيادة فاشلة، حولت فرصة الربح إلى خسارة ومأساة. . في الجزء الثاني نكمل من حيث توقفنا

وللحديث بقية
عبدالسلام بن عاطف جابر