زَمَنُ دَع عنكَ هذه لأصحابها الرسميين وانْصَرِف للاهتمام بغير السياسة قد انقرَض، اليوم الشعب سيِّد أسيادِ كل تخصصات سائدة فوق هذه الأرض ، وليس "قلَّة" من ورثة سياسات أصابها الوهن والمرض ، المغرب انطلق بالمغاربة الأحرار في اتجاه الطَّلب وفق ما يناسبهم من العَرض ، بدل ما ساد فيهم خلال مراحل فرض عليهم مَن فَرَض ، إذ لا حديث بعد المُقَرَّر كان أصله القابض على مسؤولية المسؤوليات غاب أم حضر والويل لمن عَكَسَ ذلك ولو بالهمس خاص ، انطلاقا من رفع اليد في لقاءات خاصة نُظِّمَت لإقناع المانحين الأجانب (وفيهم الصهاينة) أنَّ الحالَ الداخلي مُسيْطَرٌ عليه فأهلاً بثقافة غير الناطقين بلغة الضاد أو أي فكر يرخص للانحلال الخلقي ولو على مَضَض .
السياسة ليست إجبار الشعب على تكرار الفشل بل مجرَّد إخبار ، بالتي هي أحسن عن برامج عسى بالنقاش المفتوح يتم في بعضها الاختيار، عِلماً أن وسائل الاتصال لتبادل المعلومات لا يوقفها جدار مرسومٍ حكومي ولا عجرفة أي كان بالقَهْر ، فليست الدولة المغربية وحدها صاحبة أخذ القرار ، دون الرجوع للشعب سيدها بالطَّبع في الأول والأخير وما بينهما من مواقف لا تَظهر ، تولِّد بها الدولة صراعات لفرض وصاياها بالإجبار ، لتنطلق (كالواقع حاليا) دون حلول عن قصد تتأخر، ريثما يرضخ الشعب لرغباتها الخارجة في مجملها عن التعايش كالأرضية الأساس للمنشود من الاستقرار .
كل مَن يحكم داخل هذا الوطن ممَّن يتربَّع على القمَّة إلى أبسط بسطاء القاعدة يتوصَّل بأجرة مُستخلَصَة من عرق الشعب ، إذن الأخير هو الحاكم بالدليل الكامل الصواب ، إتباعاً لما ذُكر المنطق يقضي احترام الأجير مَن يدفع له الأجرة كأضعف إجراء ، بل ويراعي مصالحه ويعمل على تطوير أحواله المالية والاقتصادية ، لكن في مثل الحالة المغربية يُلاحظ العكس ، والسبب استحواذ "قلةّ" بطرقٍ حلزونية على حقوق الشعب مشغِّلَها الرئيس ، لتنفرد برأس المال السائل والفوائد الناتجة عن تحريكه ، وما زاد على ذلك الوارد من الخارج ، الوالج تدبيرها الغامض البعيد عن القنوات الرسمية المكلَّفة بالمحاسبة وقبلها الرقابة ، وفي الأول الاطلاع على التفاصيل منذ بزوغ أي فكرة للتعاون ولو غير الواضح بينها وأي طرف غريب مهما كان مقامه من العالم .
في المغرب مجلس لنواب الأمة (يرأسه صديقي رشيد الطالبي العلمي) المفروض أن يراقب ميزانيات تلك "القلة" مادام يمثل الشعب صاحب السيادة الكاملة ، فهل يفعل بما يحيط عِلماً الجميع عن قيمة تلك الأغلفة النقدية بدقة التفاصيل وعلى مَن وكيف تُصرف ؟؟؟، ولما مثل السخاء غير المطابق لأي سخاء ؟؟؟، وما التبريرات المعززة بقوانين قائمة على تصريف ذاك المرتبط بالشأن العام المالي مهما كان المجال؟؟؟ ، السخاء المُبالغ فيه والمغرب دولة صغيرة من العالم الثالث ، مصنَّفة بالضعف المُثقلة بالديون الخارجية ، الخالية من أي تخطيط استراتيجي تقابل به مستجدات أي ظروف ومنها الخارجة عن إرادتها . فلِما تلك الميزانية الضخمة المُقتطَعة من استثمار موجَّهٍ ، لو كان العدل قائم بتخصيص المستحقات لكل مَن يستحق بقدر استحقاقه الضروري ليس إلاَّ ؟؟؟ ، لكن البرلمان بغرفتيه مقيَّد بالتجاوز عن حقٍ من حقوقه الدستورية لأنه مؤسسة خاضعة لإرادة نفس "القلة" مثله مثل الحكومة وكل ما هو قائم في هذا الوطن ، باستثناء الشعب الذي نهض بنبوغ ستظهر محاسنه إتباعاً وتلك "القلة" تفقد ما عوَّدت نفسها من غير حق عليه ، فتتجمَّد رويدا رويداً تلك الممارسات ما دامت العيون تفتَّحت على وقع نظرية جديدة تشقّ طريقها لأَحْكَمِ عٌقُولِ مغاربة لا يظلمون أحداً ولا يخشون إلاَّ الحَقّ إن تجنبوه .
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي