آخر تحديث :السبت-21 سبتمبر 2024-11:54م

الظل الخلفي لمجلس القيادة الرئاسي

السبت - 23 أبريل 2022 - الساعة 12:00 ص
وضاح اليمن الحريري

بقلم: وضاح اليمن الحريري
- ارشيف الكاتب


بعد أداء اليمين (الدستورية) في العاصمة المؤقتة عدن، من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي ونوابه، صار من المرجح عدم عودتهم للرياض مرة أخرى إلا في حالة واحدة وهي إذا طلب منهم ذلك، بمعنى أن التوقع بعودتهم الى الرياض غير وارد كما كان يحدث في أيام الرئيس هادي، ولذا فإن دلالات البقاء في عدن أو التفرق كل إلى موقعه المحلي في داخل اليمن، يمثل نوعا من اعادة بناء الثقة بالنفس اولا وبناء الثقة مع جماهير المواطنين من جهة أخرى، والسؤال هو حول كيف سيمارسون مهامهم، يحمل في طياته عدة احتمالات، اولها أن يتدخلوا في كل صغيرة وكبيرة في مواقعهم المحلية بانفراد مباشر في ادارة تلك المناطق باستخدام نفوذ السلطة المتاح بأيديهم، اما الاحتمال الثاني فهو ان الا يتدخلوا ويظلوا يديروا شئون البلاد في البنية العليا للدولة في المناطق المحررة مجموعة على بعضها وليست متفرقة، وبالنسبة للاحتمال الثالث فهو ان ياخذ رئيس المجلس تفويضا ضمنيا صامتا بادارة شئون البلاد الا في القرارات التي تحتاج للتوافق فيما بين اعضاء المجلس الرئاسي.
لا شك اذن ان مجلس القيادة الرئاسي يحتاج الى لائحة داخلية مطورة اضافة للمهمات التي شملها قرار التفويض من هادي الى المجلس، لائحة يتم التوافق بشأنها نصا وروحا إن امكنهم، لتنظم تلك اللائحة شئون عملهم وطريقة الادارة للدولة، كذلك يحتاج المجلس لنصوص اتفاق لتحديد علاقته بدول التحالف، وبالأدق تحديد علاقة بلدنا اليمن بدول التحالف، لتغطي عدة مسائل وفي مقدمتها مسألة السيادة، كما يجب ان ينظم المجلس علاقته بالمكونات السياسية والعسكرية التي يعتبر قادتها في قوام المجلس، يضاف اليهم اية تشكيلات عسكرية او تكوينات سياسية قد تعرضت للاقصاء او ظلت خارج أطر مشاورات الرياض، إضافة لاعداد مهمات المرحلة الانتقالية الحالية او الجديدة.
إن تجربة القيادة الجماعية لدى اليمنيين ليست بالتجربة الهينة او الطازجة، التي يخوضها اليمنيون لأول مرة فلقد سبق لهم وان خاضوها من قبل، وبغض النظر عن كيف كانت نتائجها وعن ماذا تمخضت فإن التجربة الحالية، التي لم يتجاوز عمرها الشهر الواحد بعد، تظهر اكثر تعقيدا من تجارب القيادة الجماعية السابقة، من الناحية الجيوسياسية والناحية السياسية الصرفة، والخلفية التاريخية للقيادة الجماعية وقرأت تجاربها ستساعد القادة الحاليين على استيعاب، على الأقل لبعض النقاط ذات البعد الاستراتيجي في اسلوب عمل القيادات الجماعية وكيفية تحقيق الاهداف التي أنشئت من أجلها. 
ليس مضمون الفكرة إذن من تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، هو ادارة ملف الأمن والسلام، ولكنه في الحقيقة هو رفع العبء عن كاهل المملكة السعودية والتخفيف تدريجيا من حمولتها الى أكتاف يمنية، قد تتدارك مأزق التحالف في اليمن وقد لا تتداركه سريعا، لتصبح بدورها تمثل عبأ اضافيا على المملكة والتحالف، وهذا أمر سيتم رصده بسرعة من قبل الأطراف المختلفة خلال الأشهر القادمة، من خلال قياس التقدم في مؤشرين هما، مؤشر التقدم في عملية السلام او الانتصار في الحرب، ومؤشر الاستقرار في المناطق المحررة وتحسن الأوضاع المعيشية للناس، والخلل في اي من المؤشرين قد يقود الى ايجاد حلول متعسفة ومتسرعة وغير مناسبة حقا لاجمالي الوضع العام المستهدف تغييره بانشاء المجلس الرئاسي.
هناك اذن ظلال متعددة، محتملة الظهور انعكاسا وبحسب نشاط مجلس القيادة الرئاسي ودوره في اسقاطها على الواقع، ظلال وليس ظلا واحدا فقط لكل شخص من اعضاء المجلس، وهو اي المجلس يقف على خيارات محصورة لا يزال ضعيفا في مقابلها، حتى هذه اللحظة، ليس بين شقي الرحى التحالف والحوثيين ولكنه ايضا بين فكي كماشة احتياجات وهموم واوجاع المواطنين اليومية والمعيشية وبين الطموحات الذاتية او الفردية لاطراف او قوى سياسية دفعت بها اللحظة الى مقدمة المشهد.