آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-04:18م

الرئاسة والسياسة

الأربعاء - 13 أبريل 2022 - الساعة 04:49 م

بدر قاسم محمد
بقلم: بدر قاسم محمد
- ارشيف الكاتب


عملية الارتقاء لمستوى العمل السياسي الصعب والمعقد،  تعتمد بالضرورة على عاملي الخبرة والممارسة السياسية بدرجة رئيسية. إذ أنه عادة ما تستند مثل هذه المهام لشخصيات من العيار السياسي الثقيل. فإذا لم يكن ذلك ممكنا، هنا تبرز أهمية العمل على إحاطة القرار السياسي بدائرة واسعة من المستشارين السياسيين، على قدر عالي من الخبرة والدراية.

ولعل خير مثال على ذلك، ما حدث خلال فترة حكم الرئيس عبدربه منصور هادي لليمن (2012_2022). فبالإضافة إلى حجم الصعوبات التي رافقت تلك الفترة، بُعيد الأزمة السياسية التي سببتها الثورة الشبابية مطلع العام 2011، وما تلاها من أحداث كان أبرزها انقلاب الحوثيين وإسقاطهم العاصمة صنعاء عسكريا أواخر العام 2014.

ثمة ملاحظة هامة تشير إلى أن الرئيس هادي يتمتع بشخصية عسكرية، غالبا ما تبرز في أحاديثه الجانبية بشكل اعتراضي. خصوصا عندما يجد نفسه مضطرا لإسداء النصح والإرشاد إلى جمع غفير من القيادات الأمنية والعسكرية. لذلك برزت حاجة الرجل الملحة لتحصين قراره السياسي بفريق واسع من المستشارين. الأمر الذي انعكس في ضم نخبة من الشخصيات السياسية، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، لهيئة مستشاري رئاسته.

على الرغم من أن فترة حكم الرئيس هادي، بدت مهتمة بالحل العسكري والعمل على هزيمة الجماعة الحوثية واستعادة العاصمة صنعاء، إلا أن هناك قلة من المستشارين العسكريين والأمنيين، اقتصر عملهم على الظهور الشكلي في وسائل الإعلام، ومع ذلك كانوا دائما ما يستعرضون قدرا كبيرا من وضاعة الوظيفة، إلى جانب عدم درايتهم بمجريات المعارك على الأرض اليمنية مع الحوثيين.

مثل هذا الأداء، يعكس الاتكال اليمني المطلق على عمليات التحالف العربي العسكرية في إحراز التقدم المرجو على الجماعة الحوثية. بينما على الصعيد السياسي، ثمة صراع محتدم يضع للأزمة اليمنية تعريفا سياسيا يميل لفكرة الحفاظ على وحدة اليمن في سياق يفضل الاتجاه جنوبا على قتال الحوثيين.

من الملاحظات الهامة أن الفترة الحالية التي تلت حكم الرئيس هادي، وقضت بنقل صلاحياته لمجلس قيادة رئاسي من سبعة أعضاء، أنها وافقت هوى القوى والأحزاب اليمنية من حيث عدم التعويل على الحل العسكري، ومن حيث تأخير القضية الجنوبية إلى مفاوضات الحل النهائي.

كذلك من خلال إجراء عملية استقراء سريع، لجوانب الاحتشاد اليمني للقاء رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، بصفته عضو مجلس قيادة المرحلة. تتضح أفضلية المسار السياسي لدى هؤلاء على أي مسار آخر من المحتمل أن يتم الدفع به.

بالمقابل يبدو عيدروس الزبيدي وكأنه قد حل لتوه محل الرئيس هادي، من حيث حاجته لنخبة من المستشارين السياسيين إزاء هذا السيل العرم من الوفود اليمنية التي لا يبدو أنها مهتمة بقتال الحوثيين أكثر من اهتمامها بتفويت أي فرصة قد تمكن الجنوب من نيل استقلاله واستعادة دولته.

كذلك بالنظر إلى من يقف من الجنوبيين في عضوية مجلس قيادة المرحلة، سنجدهم من حيث الخبرة السياسية نسخة طبق الأصل من الرئيس هادي، الأمر الذي يضعنا أمام احتمالية، إن ثمة تلهي يمني في سعة أمره.