آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-12:15م

حكاية عبدالخالق كومار

الجمعة - 11 مارس 2022 - الساعة 09:55 ص

ياسين سالم
بقلم: ياسين سالم
- ارشيف الكاتب


 

( الليلة ظلما ليلة غزو ) هذه قصة قديمة لشخص أعجمي يدعى "عبدالخالق كومار الهندي" كان يعيش في ريف احد السواحل بعد ان نزح من أرض الهند هرباً من الحروب الطاحنة التي دارت بين المسلمين والهندوس وبه من الجُبن والضعف شيء كثير حيث خرج هارباً مختفياً في "كيس" بين اطنان البصل مع إحدى سفن التجار العرب الحضارمة،
هرب ولم يقاوم عن أهله فوصل لمنطقة ساحلية فنزل بين اهل تلك المنطقة العربية وعاش مراهقته وشبابه وكهولته بين ربوع العرب وتزوج من امرأة عربية أقوى واشجع منه وصبرت عليه ربما لظروف الزمن او لوجود بينهما اطفال وقيل انها يتيمة الأبوين، فرضيت بالنصيب وصبرت عليه وعلى سوء اخلاقه في النهار وجبنه في الليل حيث لايستطيع ان يخرج من فناء الدار إلا برفقة احد من ذويه . وكان يشاهد قصص العرب وغزواتهم وتحدثه نفسه ويتمنى ان يكون احد ابطال هذه القصص ولكن الجُبن الذي تملّكه واخرجه من الهند هرباً لازال يسيطر عليه .
فكان أجلكم الله واكرمكم يخشى ان يذهب لقضاء حاجته بالليل الا برفقة زوجته، فترافقه وتبقى واقفه بجانبه حتى ينتهي ، 
في ليلة من الليالي كالعادة اوجعته بطنه فطلب زوجته المكلومة ان تقوم "بمهمتها المعتادة" فكانت تلك الليلة باردة وظلماء سوداء خرساء كما يقول العرب ، والمعروف قديماً في مثل هذه الظروف ينتهز مايسمى بـ "الحنشل" او الغزاة فيهجمون بغتة على الآخرين . 
فقال كلمته المشهورة بلهجته المكسرة (الليلة ليلة غزو) يقصد الغزو والحنشل وجلب الأرزاق عادة الاقوام السابقة ، فهذا الرجل ربما كان مستمعاً للقصص واراد ان يستمتع ولو بالتمني فاراد ان يستعرض قوة عزيمته أمام زوجته التي تعرف تاريخه ومطّلعة جداً على سيرته الذاتية منذ ليلة الدخلة للمشيب !
فما كان لزوجته بُداً من زجره فقامت بتوبيخه بعد ان امتعضت من كلمته ومبالغته بهذا الأمر الذي لايقدر عليه وقتذاك إلا صناديد القوم ورجال القبيلة الشجعان !
فقالت له (الا تنتهي من أمرك انتهى عمرك) رد الزوجة كان أقسى واشد وانكى ولكن احتراماً للقارئ لم نأتي به ففترضنا جملة تشابه سجع المرأة في توبيخها لزوجها .

كنت اتابع الأخبار الأخيرة لاسيما غزو روسيا لدولة أوكرانيا وإحتمالات وافتراضات يتحدث بها محللين عن الصين وتايوان فوقعت عيني على أخبار أخرى و "هشتاقات" تمتعض من تصريحات ناشطين أقزام يتحدثون عن أحلام دنيئة وعلى دنائتها تكبرهم كثيراً . فتذكرت قصة عبدالخالق الهندي وزوجته وحكاية الغزو وقضاء الحاجة !! 
الشاهد من القصة ان بعض سياسات الدول الطارئة على التاريخ تنحى منحى هذا الرجل الآنف ذكره "عبدالخالق كومار" .
تُنتهك كرامتها من قِبل جهات أخرى وتُحتل بعض اقاليمها من أطراف إقليمية فتأتي وتمارس فن الاستعراض بالقوة على دول أخرى أصيلة وقعت قدراً تحت وطأة الزمن ، حقاً انه زمن العجائب .

#ياسين_سالم..كاتب سعودي