آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-04:46ص

الطفل ريان وأطفال الألغام

السبت - 05 فبراير 2022 - الساعة 08:59 م

عبدالله ناصر العولقي
بقلم: عبدالله ناصر العولقي
- ارشيف الكاتب


لم تذهب الجهود الخيرة أدراج الرياح ، بل تكللت تلك الجهود المضنية التي بذلتها فرق الإنقاذ التابعة للوقاية المدنية في المغرب ، بالنجاح بعد توصلهم إلى مكان الطفل ريان ابن الخمس سنوات ، وإخراجه في اليوم الخامس من سجنه المرعب الذي علق فيه عند سقوطه في بئر ضيق عمقه حوالي اثنين وثلاثين مترا ، والذي يقع في قرية جبلية في أقليم شفشاون ، شمال المغرب ، وبعد خروج الطفل ريان من الجب بصورة مأمونة وهو في متناول الفريق الطبي الذي يشرف على إسعافه وتقديم العلاج الضروري في النفق الذي انشأ لإنقاذه وذلك قبل نقله إلى مستشفى ، فالحالة الصحية لريان هي البؤرة الحرجة الآن .

ومن المؤكد أن  تلك المهمة لم تكن سهلة بل كانت عسيرة ومحفوفة بمخاطر تحبس الأنفاس من خلال التضاريس الصعبة للموقع ورخاوة الإرضية الجبلية التي كانت تهدد بأحتمالية وقوع ما لم يحمد عقباه ، في حال حدوث إنهيار أثناء عمليات الحفر يودي بحياة الطفل وربما حياة المنقذين أيضا.

لقد شدّ هذا الحدث أنظار الشعب المغربي والعربي وكذلك عدد كبير من شعوب دول العالم ، وأثار استعطافهم ، وقد اعتبر الشعب المغربي الطفل ريان بأنه طفل معجزة ، لصموده المبهر لخمسة أيام في غيابة الجب وغياهبه ، حيث تقاطر المئات من المغاربة على نحو فطري منذ سماعهم النبأ ، إلى تلك القرية  التي لم يسبق لها أن شهدت مثل تلك الحشود الجماهيرية الكبيرة ، والتي قصدت إبداء التضامن والتعاطف مع الطفل ريان وأسرته، فكان لتلك المواقف الإنسانية والأفواج الزاحفة من مختلف مناطق المغرب أثر بالغ في نفوس أهل الطفل وسكان القرية النائية ، وقد رسم ذلك لوحة جميلة بشكل فريد فأدخل البهجة وغمرهم بمشاعر الإمتنان والتقدير، كما أسهم ذلك التضامن في تخفيف قلقهم على مصير طفلهم العالق في جوف البئر .

ربما يُتهم الإعلام بالتحيز فيما يسلطه من أضواء على بعض الأحداث والوقائع عن بعضها الآخر ، بحيث يتمكن من إثارة تفاعل الشعوب وتحريك مشاعرهم في قضايا معينة من خلال مرافقته الشديدة لصغيرها وكبيرها وتركيزه بمزيد من الضوضاء الإعلامية حولها، وبالرغم من تعاطفي مع قضية الطفل ريان والذي يستحق استعطاف الجميع ، ومع أن المملكة المغربية قد قدمت كل ما بوسعها لإنتشاله من جوف البئر سالما ونجحت، ولكن في المقابل هناك مآسي كثيرة في دول أخرى وبينها اليمن ، تنتهك فيها براءة الأطفال ولم يكن لحياتهم أي قيمة كما هو حاصل في نظر المليشيات الحوثية التي تزج بهم في أتون المعارك ، وكما أنها لا تضع أي اعتبار لما قد تحدثه أفعالها بحياة الأطفال عند زرعها المتواصل للألغام والتي انفجرت على الكثير من الأطفال وعلى آبائهم ، فقتلت وعوقت عدد غير قليل من الأطفال وحولت بعضهم لأيتام ، ولكن ذلك لم يحظ بالاهتمام الكافي من وسائل الإعلام ، فضعف الضوضاء الإعلامية حول تلك المآسي والتي تقع خلف ستار الحرب ، لذا لم تثر روح التعاطف والتضامن الشعبي معها ولم تحز على فرصة التأثير على الرأي العام الدولي .