آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:11ص

عبدالرحمن الجعري(أرطغرل دثينة)

الأربعاء - 26 يناير 2022 - الساعة 12:22 م

د. محمد حسن الطلي
بقلم: د. محمد حسن الطلي
- ارشيف الكاتب


في ظل غياب الأوفياء، واختفاء الأولياء، وبروز أهل النفاق والأشقياء، وتفشي الكذب والرياء، وصعود المتعلقين الجبناء وفي واقع مليئ بالمتناقضات، والحيرة والمتضادات، والطعن في المسلمات، والتشكيك في القطعيات. 

يبرز الصادقون، ويظهر المخلصون، ويتسابق المتنافسون إلى ميادين المجد والعزة، والنخوة والبطولة، والتضحية بكل غال ونفيس للوصول إلى المطالب المرضية، والمقاصد المحمودة، والغايات النفيسة، وتحقيق حسن الدنيا بالنصر، المبين، والظفر المتين، وإعلاء كلمة الدين، وتحقيق حسن الآخرة بالفوز المبين في جنات النعيم. 

ومن أبرز قيادات الميدان في ساحة الجهاد القائد الشيخ : أبو عمر عبد الرحمن بن مبارك الجعري - حفظه الله - الذي سطر البطولات في البلاد اليمنية، مبتدئا بدماج، وكفاحه مع إخوانه المغاوير، أهل الدين والحمية، حيث أبلى بلاء حسنا في أرض غير أرضه ، وبلاد مجهولة، فكان ما أراد الله وقوعه من تمكين الروافض عن طريق المتخاذلين ممن ينتسب إلى السنة.

ولم يخنع، ويهزم ويخضع، ولم ييأس ويركع، بل ظل دافع الإنتقام للدين في قلبه، وروح الجهاد في صدره، والثأر للسنة هدفه.  

فجاء الحوثي بجحافله، وغزا عدن، وأكثر البلاد اليمنية، فدبت في قائدنا الهمام، والفارس الصرغام الروح القتالية، والهمة البدوية، فكان أحد القيادات البارزة في مدينة التواهي، وأول من استلم السلاح من التحالف عن طريق إسقاطه بالطائرات، فقام بتوزيعه، والإشراف عليه، واختيار الكفاءات، وانتقاء المقاتلين الخلص، ذوي الشجاعة والبأس. 

وبعد سقوط التواهي، واستشهاد اللواء علي ناصر هادي عند مدخل التواهي، دب اليأس في كثير من المقاتلين، والتقهقر في المعنويات، ولكن صاحبنا الشيخ أبو عمر الجعري، انسحب ورفاقه إلى منطقة الشيخ، وبدأ بترتيب الصفوف، وشخذ همم المقاتلين، ورفع المعنويات، والتنقل في كافة الجبهات، ومشاركة إخوانه بالسلاح والرجال حتى تحررت عدن الحبيبة من دنس الروافض، وكان الشيخ الجعري من القيادات المهمة في التحرير، ومتابعة فلول الروافض. 

ثم توجه بعزيمة وإصرار في تطهير كافة البلاد اليمنية ، فشارك في تحرير محافظة أبين ثم الإنتقال إلى مدينة مكيراس. 

وبعدها عاد إلى بيته رافع الرأس، عزيز النفس، قنوعا بالحال.. وجلس في بيته، وعاد بطلنا إلى أسرته، يراقب الوضع، ويرقب العدو، ويقدم نصيحة للإخوان، ويسدي جميله للخلان، ويسدد ويقارب بين الخصوم ،ويصلح ما استطاع إلى ذلك سبيلا. 

ثم تطورت الأوضاع في الجبهات، وزادت تعقيدا، ودب الخلاف بين الأحباب، ونزغ الشيطان بين الأصحاب، وتحزب كل لصاحبه، ودب الشقاق والتنافر في جبهة الساحل الغربي، فكان لابد من قائد مخضرم، وهامة عتيقة، وشخصية فولاذية لوضع حد للخلاف، ولملمة الصف، وتوحيد الكلمة.

واستشعر القائد أبو زرعة بثقل المسؤولية، وحجم العمل، والشعور بالوحدة في مواجهة الأخطار، فوقع اختياره على القائد البطل أبي عمر الجعري الذي شغل منصب النائب للجنة العسكرية، وهي بمثابة القضاء العسكري، فكان قائدنا النائب لأبي زرعة للشؤون العسكرية، فأعاد ترتيب الصفوف، ووضع النقاط على الحروف، ووضع القواعد الأساسية لعمل اللجنة، فكان منقذا للجبهة من الضياع، والتفرق والنزاع، والخلاف والشتات. 

ثم ازدادت الحاجة إليه، لترتيب بعض الألوية التهامية، لعدم وجود الكفاءة اللازمة، والخبرة القيادية فيه، فعينه العميد : أبو زرعة عليه، وأعاد اللواء إلى الواجهة، وأقام العدل بين أفراده، فلم يفرق بين تهامي ولا جنوبي، وأحبه الغرباء، واسبشروا به خيرا. 

ثم ما لبث أن تطورت الأحداث، وازدادت تعقيدا في شبوة، واكتساح الحوثي لثلاث مديريات : بيحان، العين، عسيلان، في ظروف غامضة، مع وجود قوة كبيرة.  ومحور مكون من خمسة ألوية ، حينها جعل التحالف يفكر جديا بإعادة الأمور إلى نصابها، وترتيب البيت الداخلي في شبوة، لتمهيد بسط نفوذه في المحافظة كلها، وحيث إن الأمر في غاية الأهمية ، استعان بالقوة الضاربة، القوة التي لطالما حطمت أسطورة المليشيات الكاذبة، فأرسل قوات العمالقة الميامين، فدخلوا شبوة بترحيب من أهلها والجيش الوطني، فقام بتأمين المطار، والانتشار بحسب الخطة المرسومة، وكان لبطلنا الشيخ الجعري المهمة الكبرى في ذلك، وتوجه بقوته الضاربة مع الألوية الأخرى لاستعادة عسيلان فبيحان، ثم مديرية العين، وبذلك تحررت شبوة من دنس الحوثة، فكان ما أراد الله كونه، وتحقق النصر، وأكرم من أكرم بالشهادة. 

هذا ما حضرني من الكلام عن الشيخ أبي عمر الجعري، والكلام في حقه يطول، وإن شاء الله في العاجل القريب نسهب بذكر فضائله.