آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-12:42م

رغم الخلاف السياسي والصراع حول الوحدة هناك مشاعر أخوية لن تموت

الإثنين - 27 ديسمبر 2021 - الساعة 07:27 م

علي بن شنظور
بقلم: علي بن شنظور
- ارشيف الكاتب


رغم الحرب الدائرة في اليمن بجهويته الجغرافية (الشمال) وجنوب الجزيرة العربية والصراع حول مشروع الوحدة اليمنية والمطالبة باستقلال الجنوب فإن العلاقات الأخوية المجتمعية لا يمكن أن يفرقها الخلاف والصراع السياسي أو انتهاء مشروع الوحدة بين الجمهورية العربية اليمنية والجنوب العربي سابقا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

رغم الحرب الدائرة منذ ٢٠١٥م بين الشرعية اليمنية والقوى الجنوبية من جهة والحوثيين والقوى المتحالفة معهم فإن هناك رجال تجدهم يملكون شيء من الأخلاق والقيم العربية والمشاعر الأخوية يحتفظون بها في صعيد علاقاتهم المجتمعية.

يعرف الكثير من أبناء الجنوب الكثير من أبناء الشمال ويرتبط البعض بالبعض الأخر بمعرفة بينية تكونت خلال ٣٠ عام مضت.

اتذكر مواقف البعض ممن اختلفنا معهم في المواقف السياسية بسبب دفاعنا عن قضية الجنوب وخيارات شعب الجنوب في تقرير مصيره وبناء دولته للخروج من حالة الصراع الطويل التي انهكت الشعبين بسبب تحول مشروع الوحدة إلى مشروع صراع.

ومع ذلك هناك رجال في شمال اليمن تجدهم يحتفظون بالود والاحترام لمن اختلف معهم في الجنوب ويقابلهم رجال من أبناء الجنوب رزقهم الله أخلاق عالية في التفريق بين المواقف السياسية والعلاقات المجتمعية الشخصية.

ما جعلني اتذكر تلك العلاقات والمواقف اتصال تلفوني مع رجل ذو أخلاق عالية من أبناء خولان مازال رقمه في هاتفي وانقطعنا عن التواصل منذ 2015م بسبب الحرب ورجل من أبناء نقيل سمارة محافظة إب.

فقبل عشر سنوات كنت في طريقي لصنعاء وفي الليل المظلم وإنا مع عائلتي في النقيل المشهور سمارة توقفت ماكينة سيارتي عن الحركة بشكل نهائي بسبب ارتفاع الحرارة  بخزان الماء.

فإذا برجل لا عرفه من سكان النقيل يأتي للوقوف معي وسحب سيارتي للمدينة ويطلب مني نقل عائلتي الى عند عائلته في البيت التي استقبلت عائلتي بمشاعر أخوية كأنها تعرفها ثم بعد ضيافتنا عنده تحرك معي للمدينة وظل مرابط معي لليوم التالي حتى غادرت

بسيارتي دون أن يقبل مني ريال واحد لقاء تعبه وضيافته.

هذا اليوم رن هاتفي على اتصال من رجل لم يقحم نفسه في صراع السياسة وكان جزاه الله خير قد ساهم قبل الحرب بحل

 قضية قتل حدثت لجنوبي قتل في مأرب وذهب بنفسه للمتابعة حتى تم حل القضية وإنصاف أولياء الدم ، ورغم الحرب والوضع السياسي فإذا به يسأل عن الجنوب ويقول..هل لكم أي خدمة منا ويتحدث بكل أدب واحترام..فقدمت له التحية على أخلاقه.

 نختلف في المواقف ولكن لن نختلف أننا إخوة في الدين بغض النظر عن وضع اليمن السياسي أو وضع الجنوب.

 سنظل بإذن الله نستلهم الأصالة من تاريخ الاجداد والآباء ونفرّق بين من ينظر لنا باحترام  ومن يحمل العصاء وهناك قصص كثيرة تحكي طبيعة المواقف الأخوية تقابلها في الجنوب مواقف كثيرة يعرفها الكثير منكم. فهذا جنوبي قبل فترة وجيزة بعد مقتل السنباني وماحدث من ضجة يخبرني عن موقفه مع عائلة من صنعاء كانت مرهوبة بفعل شاعات شبكات التواصل.

قال أتصل به رب عائلة مفزوع  يريد المجيئ إلى عدن للسفر للخارج للعلاج ولكنه خائف فقال له الجنوبي لا تخف...فهل عندك شيئاً تخاف منه فقال له إبن صنعاء..لا ليس عندي شيء بل قالوا ويقولون أن النقاط يضايقون المسافرين ويفعلون كذا ... فرد عليه الجنوبي بالقول لاتصدق وكالة قالوا طالما لم ترتكب أي غلط.

وذهب معه حتى غادر عدن بكل أمان وبعد مغادرته كان ممتن للجنوب كله وليس لمن وقف معه فليكن الجميع رسل أخلاق للوطن.

فلنحافظ على تلك القيم والأخلاق بغض النظر عن مآلات الصراع السياسي ولنتذكر أن الدنيا دار عبور للأخرة بالأخلاق الحسنة مهما بلغ حجم الخلاف.

كلمة على الطريق قبل عودة العلاقات الأخوية بين الأشقاء في الخليج وانتهاء مشكلة قطر كنا ممن يدعون للحفاظ على الأخلاق وعدم نشر غسيل كل شيء بين الأشقاء لأنهم سيتصالحون يوما ما ولكن حينها كان معظم ممن نتواصل معهم من جنسيات خليجية أو في بلادنا ينظرون لتلك الدعوات على أنها ضربا من الجنون.

 وحينما أنتهى الصراع تمنوا لو لم يفجّروا في الخصومة بينهم وذهب الكثير لمسح ماكتبه خارج عن أدب الخلاف والصراع السياسي.

فلنفرق بين الصراع السياسي والقيم المجتمعية العربية