آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-10:27م

حرمان النساء من الميراث عنف ووجوبية توقيف قضايا المواريث امام القضاء

الجمعة - 26 نوفمبر 2021 - الساعة 06:59 م

عبدالرحمن علي علي الزبيب
بقلم: عبدالرحمن علي علي الزبيب
- ارشيف الكاتب


 

 

يكتظ القضاء بكثير من القضايا التي يغرق القضاء بقضايا لا مبرر لنظرها و يتعطل بسببها الكثير من الأموال والممتلكات و المصالح ويحرم الكثير من حقوقهم الشرعية وخصوصا الفئات الأكثر ضعفا وفي مقدمتها النساء ومن اهم تلك القضايا قضايا القسمة الشرعية لتركة المورث والذي يفترض ان يتم حلها عن طريق الجهات الإدارية دون اللجوء للقضاء ..

كم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة في وطني تحولت لصحارى قاحلة بسبب الخلاف على تقسيم التركة الشرعية  ؟ ..

كم المصانع المعطة كم المحلات التجارية الذي أغلقت أبوابها بسبب خلاف الورثة على تقسيمها ؟

كم منازل آيلة للسقوط بسبب انشغال الورثة بقضايا تقسيم تركة مورثهم ؟

كم المبالغ  والايجارات والغلول المجمدة تم تجميدها بسبب خلاف الورثة على تقسيمها ؟ ..

كم أملاك وحقوق واراضي ومباني ومزارع  وغيرها من الممتلكات والحقوق تم بيعها عبر القضاء بثمن بخس بسبب خلاف الورثة على تقسيمها ؟

كم نزاعات وجرائم تم ارتكابها بسبب المطالبة بتقسيم التركة ؟

 

قضايا المواريث الشرعية تعتبر من ابسط القضايا في الفصل فيها بسرعة دون دعاوى لوضوحها وفي نفس الوقت اكثر القضايا اطاله امام القضاء بسبب العناد بين الورثة يتسبب ذلك في حرمانهم من حقوقهم الشرعية والقانونية واستنفاذ معظم التركة في مراجعة ومتابعة أجهزة القضاء وحضور جلسات وتعطيل مصالح الجميع وتقارير نزول وتكاليف الحارس القضائي اذا ما قررت المحكمة الحجز التحفظي على التركة وتوريد ايجاراتها وغلاتها الى صندوق المحكمة وحرمان الجميع من حقوقهم القانونية لفترات طويله وقد يتعاقب جيل بعد جيل دون الانتهاء من تقسيم التركة كما يقوم بعض الورثة بالاستيلاء على أوراق اثبات ملكية مورثهم والتصرف  فيها بثمن بخس وبالتحايل على بقية الورثة ..

بالتزامن مع حملة 16 يوم لمناهضة العنف الذي يستمر من تاريخ 25-11-2021م وحتى العاشر من شهر ديسمبر تراجع جميع دول العالم وتشخص أسباب العنف لاتخاذ إجراءات وقائية لمنعها وتوقيفها وتجفيف جذورها واسبابها .

ونحن في اليمن وكثير من الدول العربية هناك مسببات كثيرة للعنف بشكل عام وضد المرأة بشكل خاص ومحاولات خاطئة لشرعنه ذلك العنف ومن اهم اشكال العنف حرمان النساء من حقوقهن الشرعية من الميراث بمبرات خاطئة تخالف الشرع والقانون ..

وفي هذه الدراسة الموجزة نراجع موضوع العنف بحرمان النساء من حقوقهن الشرعية والقانونية في الميراث الشرعي

بشكل مباشر عن طريق رفض القسمة الرضائية بين الورثة وتسليم كل وارث نصيبه الشرعي او بشكل غير مباشر عن طريق تطويل إجراءات التقاضي للمطالبة بحقوقهن القانونية والشرعية ..

وهذا يؤكد أن المحاكم ليست الجهة المختصة بنظر والفصل في قضايا التركات الشرعية بسبب الروتين الطويل وعدم انطباق إجراءاتها القانونية حيث ان المدعي وفقا للقانون هو من لديه اخفى الامرين بمعنى ان المدعي ليس صاحب الحق بل هو مطالب بالحق ولا يثبت حقه الا بصدور حكم قضائي بذلك .

والوراث عند لجوئه للقضاء يتم التعامل مع دعواه بنفس الالية ونفس القواعد القانونية العامة على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين وغيرها من القواعد العامة التي لا تنطبق على قضايا المواريث باعتبار الوارث صاحب حق منذ وفاة المورث وليس من تاريخ صدور الحكم القضائي وموضح مقدار نصيبه الشرعي بشكل واضح ودقيق وفقا للفرائض الشرعية المحددة والواضحة التي لا تقبل النزاع او الرأي والتأويل ..

والكثير من الورثة يرفضون اللجوء للتحكيم في قضايا تقسيم تركة مورثهم كون المحكمين والقسامين غالباً يفرضون مبالغ مالية طائلة لاجراء التقسيم ويكون المورث بين نارين نار القضاء وتطويل اجراءاته ونار المحكم وارتفاع أجور التقسيم ..

لذلك نؤكد على  أهمية إنشاء وتشكيل لجنة قانونية في هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية  للنظر والفصل في شكاوى المواريث باعتبار حرمان الوراث من نصيبه الشرعي ظلم كبير وغالباً يكون الطرف المستولي على التركة الشرعية الرافض للقسمة الشرعية  شخص نافذ وبقية الورثة فقراء ومستضعفين او سوء تفاهم  ولن يحق حقوقهم الا هيئة رفع المظالم عن طريق الإجراءات التالية :

1-    استقبال شكاوى المواطنين فيما يخص تقسيم المواريث الشرعية ويتم توقيف كافة إجراءات التقاضي في قضايا التركات والمواريث الشرعية امام القضاء واحالتها للجنة القانونية لاستكمال إجراءاتها ..

2-    تباشر اللجنة بكادرها القانوني إجراءاتها بشكل مجاني ودون أي رسوم او تكاليف ويتم تخصيص موازنة تشغيلية لتشغيل اللجنة ودفع تكاليفها ويكون لها فروع في المحافظات ..

3-    تقوم اللجنة بكافة إجراءاتها بشكل موثق فيديو وصوت لكافة الإجراءات للحيلولة من أي خلل او عبث في شكاوى المواطنين ويتم منح كل طرف في الشكوى نسخة الكترونية من كافة وثائق القضايا وأيضا تسجيلات الاجتماعات والجلسات وتقارير النزول .

4-    يتم تنسيق عمل اللجنة مع كافة الجهات الرسمية للحصول على كافة البيانات والمعلومات عن الشكاوى المنظورة لديها بشكل سريع وعاجل وفي مقدمة تلك الجهات هيئة الأراضي والبنوك ووزارة الصناعة والتجارة ومصلحة الأحوال المدنية وغيرها .

5-    يتم طلب اطراف شكاوى المواريث وتوثيق شكاويهم وردود الأطراف الأخرى و طلب كافة وثائق التركة الشرعية ومنع التصرف في أي جزء من التركة الا بموافقة الجميع .

6-    توزيع ايجارات ومنافع  وغلول التركة الشرعية على جميع الورثة وفقا لنصيبهم الشرعي ومنع توريد أي ايجارات او مبالغ للجنة  او أي جهة أخرى و يتم مباشرة توزيعها واذا كانت هناك أموال نقدية او مودعة في البنوك او في أي مكان اخر يتم مباشرة تقسيمها حسب الفرائض الشرعية وتحويل نصيب كل وارث لحساب بنكي لصاحب الحق وله صلاحية السحب من ذلك الحساب .

7-    تحفيز المواطنين للجوء للجنة عن طريق :

أ‌-        اعفاء كامل من كافة الرسوم لكافة إجراءات نظر الشكاوى وتنفيذ القرارات بخصوص التركة الشرعية

ب‌-  متابعة إجراءات تصفيتها من أي مشاكل مجانا وبشكل مستعجل .

ت‌-  تأجيل استحقاق أي حقوق للدولة او أي اشخاص اخرين الى ما بعد حصر التركة ويتم تجنيبها من راس التركة واعفاء ما لا يقل عن النصف منها اذا كانت صاحبه الحق الدولة تشجيعا لهم .

ث‌-  اذا تبين فقدان وثائق ملكية فيما يخص التركة او اخفاؤها يتم مباشرة استخراج صورة بدل فاقد عبر الجهات المختصة وتكون الإجراءات مستعجلة و معفية من الرسوم

ج‌-    يكون مع اللجنة  كادر متخصص من محاسبين قانونيين ومهندسين وقانونيين وغيرهم للقيام بحصر واحتساب التركة الشرعية ونصيب كل وارث والإجراءات المالية والإدارية والقانونية  لتحقيق ذلك وبدون أي رسوم .

ح‌-    يتم تسليم كل وارث وثيقة اثبات وفصل شرعي بنصيبه يتم فيها اثبات كافة حقوقه من التركة الشرعية وله حق وصلاحية التصرف في نصيبه الشرعي

خ‌-    يتم حفظ أصول وثائق التركة الشرعية في خزانه خاصة بالبنك المركزي ويتم منح كل وارث نسخة طبق الأصل معطل فيها نصيب كل وراث .

د‌-      يتم تحديد فترة زمنية للنظر و الفصل في  شكاوى المواريث الشرعية وتمكين كل وارث من نصيبه الشرعي بفترة لا تزيد عن ستة اشهر فقط .

8-    تتم كافة الإجراءات القانونية والمحاسبية والهندسية بمواجهة جميع الورثة ومن تعذر حضوره بسبب سفر او أي عذر اخر بالإمكان توكيل شخص من الورثة او اخرين للحضور بديلاً عنه واذا لم يحضر يتم تنصيب احد الورثة عن الغائبين وينتهي تنصيب المنصب بصدور قرار التقسيم ويتم تسليم كل وارث نصيبه بوثائق تثبت ذلك ومن لم يحضر يتم فتح حسابات بنكية باسمهم  وحفظ وتوريد أي مبالغ او وثائق وفصول شرعية تثبت نصيبهم وبإمكان صاحب الحق تقديم طلب للجنة للسحب من الحساب واستلام نصيبة ووثائقه الشرعية .

 

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية العمل على تشخيص أسباب العنف و النزاعات في المجتمع والسعي الحثيث لمعالجاتها بالآليات وإجراءات سريعة وعاجلة .

ومن اهم مسببات النزاعات في المجتمع التي تمزق الاسر والعائلات ويحرم منها ضعفاء المجتمع وفي مقدمتها النساء هو مشاكل تقسيم التركة الشرعية  والذي تعتبر عنف لا مبرر له .

كل يوم يتوفى اشخاص لتبدأ نزاعات جديدة على تقسيم تركة المتوفى والذي يفترض ان يتم تقسيم تركة المتوفي بين الورثة رضائياً دون نزاع فالشرع والقانون وضح بتفصيل دقيق نصيب كل وارث لا مكان فيها لأي نزاع ولا يمكن تغيير نصيب كل وارث فكل وارث له نصيب محدد ومحصور وواضح ..

وفي هذه الدراسة الموجزة اوضحنا المشاكل الناتجة من عدم وجود اليات سريعة وعاجلة لتقسيم المواريث والتركات الشرعية ومخاطر استمرار اغراق القضاء بقضايا المواريث الذي يفترض عدم اختصاصه بها ويفترض انشاء وتشكيل اليات سريعة وعاجلة للنظر والفصل في قضايا المواريث واجراء القسمة الشرعية وتمكين كل وارث من نصيبه بإجراءات مستعجلة ومن تلك المعالجات المقترحة انشاء وتشكيل لجنة قانونية بهيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية وفروعها بالمحافظات  تختص بنظر والفصل في قضايا المواريث الشرعية وتمكين كل وارث من حقه الشرعي والقانوني  ووفقا لما أوضحناه تفصيلاً في دراستنا ومنع القضاء من نظر قضايا المواريث ليتفرغ القضاء لنظر النزاعات الأخرى الذي اثقلت كاهله .

معظم قضايا المواريث سببها عناد شخصي واستضعاف بعض الورثة من قبل النافذين في الاسرة وحرمان الضعفاء وفي مقدمتها النساء وهذه تعتبر ضمن اختصاص هيئة رفع المظالم كون  حرمان النساء من الميراث عنف و وجوبية توقيف قضايا المواريث امام القضاء .