آخر تحديث :الجمعة-15 نوفمبر 2024-11:41ص

نقش النصر وحل بعض ألغازه

السبت - 20 نوفمبر 2021 - الساعة 05:15 م
توفيق السامعي

بقلم: توفيق السامعي
- ارشيف الكاتب


حينما غزا الملك السبئي كرب ايل وتار بلاد المعافر وغيرها في القرن السابع قبل الميلاد منهياً بذلك دولة أوسان دوّن ذلك الغزو وحروبه التي دمر بها كثيرا من بلدان اليمن وخاصة بلاد المعافر التي كانت على رأس وأولويات غزوته وحروبه دونها في صخرات ضخمة في صرواح عرفت فيما بعد بنقش النصر أو نقش كرب ايل وتار.

وكان في هذا النقش قد ذكر بعض المدن والبلدان التي حار عندها الباحثون التاريخيون واللغويون، ومن هذه المدن (ظلم، اروي، ضبر..) وكلها في بلاد المعافر.

وذهب بعض الباحثين الى تاويل بعض هذه الأسماء كتصحيف أو تحريف وتحويل في حرف من حروف اللفظ والتسمية ففسروا (ضبر) على انها (صبر الحالية) غير أن حروف المسند لا يمكن تصحيفها او تحويرها أو تبديلها أو تاويلها لمماثلاتها أو ما يقاربها؛ فحرف الضاد مثلا لا يمكن تأويله بالصاد وهكذا كون الحرفين معلومين بالضرورة ومستقلين عن بعضهما.

وعلى هذا الأمر فمدينة (ضبر) غير صبر اليوم بكل تأكيد. غير أن هناك مقاربات من نوع آخر لم يتنبه لها الباحثون، وهو ما سأوضحه هنا في هذا المنشور.

زرت مدينة جبأ التاريخية ووقفت على الكثير من شواهدها. الميدانية، كما قرأت عنها الكثير، وخرجت بالملاحظات التالية:

أولاً نستطيع القول من خلال الأبحاث والمعطيات والزيارات الميدانية أن مدينة (ضبر) هي مدينة (جبأ) التاريخية؛ كون المنطقتين والتسميتين في مكان واحد، وهذا هو حل لغز مدينة ضبر حتى اللحظة في نقش النصر وليس صبر.

بعد تدمير كرب ايل وتار لمدينة ضبر، وهو ما دل عليه بعض الشواهد المادية المدفونة وأساسات بعض المباني، ووجود قطع خشبية محروقة بين الانقاض، وبقايا هياكل بشرية غير مرتبة تحت الأنقاض، كما روى لي بعض الاهالي المطلعين الذين وجدوا هذه اللقى دليلا على هذا التدمير.

ثانياً: قيام مدينة جبأ على انقاض هذه المدينة وبناؤها بناءً عشوائياً غير مرتب ولا مهندم كبقية المدن التاريخية ليس لها الا تفسير واحد وهو ان هذه المدينة ليست هي المدينة التاريخية التي عرفت بعاصمة المعافر الثانية بعد الميلاد وحتى بعد الاسلام؛ لأنها كانت عبارة عن قرية فقط لا ترقى لان تكون عاصمة دولة قامت على انقاض ضبر. (عاصمة المعافر القديمة كانت السوأ ومن مدنها السوأ وشرجب وَذبحان وظلم واروي وضبر).

صحيح أن المدينة قامت على سفح جبل صبر غرباً (جوار المسراخ حالياً) وهي جزء من جبل صبر غير أن تفسير ذلك أن المدينة مطمورة تحت الأرض يمكن الكشف عنها اذا وجدت دولة حقيقية تهتم بالاكتشافات التاريخية.

ثالثاً: من خلال المقارنات التاريخية والمادية والابحاث فإن كثيراً من المدن المطمورة غالباً تنشأ مكانها أو على أنقاضها مدن جديدة وحياة جديدة، وهذا ماكانت عليه مدبنة جبأ بعد ضبر خاصة أن في ذلك العهد لم يكن لجبأ اي ذكر تاريخي او شاهد مادي من نقش او غيره.

أعتقد أن بقية المدن (ظلم واروي) تقعان في ماوية والجند، وهناك بعض الشواهد الدالة على ذلك من خلال المدن االمدمرة ولمطمورة من ناحية، ومن ناحية أخرى من خلال تصدر رأس قائمة النقش كمكون من مكونات دولة المعافر.

تبقى التسميات المبهمة ستعرف لاحقا من خلال متابعة الابحاث الميدانية. ما يهمنا هو حل مكان وتسمية مدينة ضبر التاريخية.