آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-01:25ص

ساعي البريد

السبت - 13 نوفمبر 2021 - الساعة 02:25 م

الشيخ أحمد المريسي
بقلم: الشيخ أحمد المريسي
- ارشيف الكاتب


ساعي البريد (البسطجي) هذا الرجل الطيب البسيط الذي كان يقوم بواجبه على أكمل وجه ويقدم خدمته للناس بكل حب وإخلاص دون كلل أو تضجر أو ملل والذي عنده خارطة المدينه مداخلها ومخارجها ويخزن في ذاكرته كل العناوين وأرقام المنازل والشوارع والبلوكات وحتى أسماء الناس وعلى دراجته الهوائية المميزة
(السيكل بيدل) 
يوزع الرسائل العادية والمستعجلة(الريجستر) المختلفة الحكومية منها والشخصية ومن إشعارات وإنذارات وغيرهاهذا الرجل الوحيد الذي يطرق جميع الأبواب أبواب المنازل والمحلات وغيرها دونما أن ينزعج منه أحد بل الكل يستقبله بحفاوة في إنتظار رسائلهم التي هم  لها بفارغ الصبر لوصولها واستلامها مهما كان نوعها سعيدة أو غير سعيدة ويعرف الكثير من القصص والحكايات والأسرار دون أن يبيح بسر أو معلومة إنها أمانة المهنة والضمير والأخلاق الذي كان يتميز بها ساعي البريد في مدينة عدن أيام زمان.

وفي صباح أحد الأيام طرق باب بيتنا ساعي البريد وبالصدفة فتحت أنا له الباب وهو يقول لي صباح الخير يابطل فين بابا قلت له في العمل وأمي موجودة قال لي من بايستلم الإشعار حق المدرسة فردت عليه أمي من خلف الستارة وشبك الباب سلمه لأحمد فستلمت الإشعار ووقعت عليه في الدفتر(السجل) الذي يحمله معه وكان هذا الإشعار هو اشعار قبولي في الصف الأول الإبتدائي في المدرسة الغربية والمحدد فيه اليوم والساعة والتاريخ للذهاب إلى إدارة المدرسة لبداية الدراسة في بداية العام الجديدعام سبعة وستين وحتى محدد فيه لون الشريط الذي لازم ارتديه.

كنت حينها سعيد جدا وسوف أطير من الفرح لأني سوف البس الزي المدرسي الشميز الأبيض والسروال القصير الكاكي والشريط الأصفر والجزمة الشراع البيضاء والشرابات البيضاء أيضا وسوف أذهب المدرسة أنا وزملائي من أبناء الحافة حاملين الشنط البكس الصغيرة المصنوعة من الكرتون المقوى والمطلي بألوان زاهية وكانت المدرسة الغربية علم من اعلام التربية والتعليم(وزارة المعارف) في مدينة الشيخ عثمان ونموذج على مستوى مدينة عدن كلها من ضمن مجموعة مدارس عريقة منها المدرسة الشرقية الإبتدائية والمدرسة المتوسطة بنين في الشيخ عثمان غير مدارس البنات هكذا كانت عدن العلم عدن النور عدن التاريخ عدن الحضارة والثقافة والتراث والنظام والقوانين والمدنية عدن الأمن والأمان والسلام.

وكان جيل المعلمين والمدرسين جيل من الجهابذة الذي تربينا وتعلمنا علي أيديهم العلم والأخلاق والتربية الحسنة  وتعلمنا منهم الكثير والكثير ولهم الفضل علينا ولهم منا الف تحية وسلام ورحمة للأحياء منهم والأموات.

#المريسي.