آخر تحديث :الثلاثاء-14 مايو 2024-07:40ص

هيج علبات..تاكل سطرات !!

الإثنين - 01 نوفمبر 2021 - الساعة 10:08 م

د. عبدالكريم الوزان
بقلم: د. عبدالكريم الوزان
- ارشيف الكاتب


وأصل المثل ( مادام عندك هيچ علبات .. تظل تاكل سطرات )!!. 
وهو مثل شعبي عراقي يضرب للشخص الذي يجعل نفسه هدف لإنتقاد الآخرين بسبب شر أعماله وسيرته غير المرضية وهو يعلم حقيقة تأريخه وواقعه ومع ذلك تأخذه العزة بالاثم ويستمربالتعرض للناس بالاساءة .
والمثل يعود لقصة مفادها  أن صديقين خرجا ذات يوم يتنزّهان ، فشاهدا أمامهما رجلا يسير وله (علبات ) عريضة ( قفا الرقبة ) . فقال أحدهما: (( شنو رأيك؟ .. هذا مايستاهل فد سطرة على هالعلبات ؟ )). فقال صديقه : (( إسكت .. لايسمعك ويسوي لنا مشكلة )). فقال الأول : (( طيب إنطيني دينار وآني أضربه سطرة )). فدهش صاحبه لقوله ، ولكنه لما رأى الجد في كلامه أعطاه دينارا  فأخذه الأول ووضعه في جيبه ، ثم توجّه إلى الرجل ، وضربه (سطرة ) على علباته ، وصاح به : (( ولك أبو جاسم إنت وين ؟ صار لي ساعة أدوّر عليك )) . فالتفت الرجل إليه بغضب  فقال الأول : (( العفو أخي .. تره حسبالي صديقي أبو جاسم و آني غلطان )) فقال له الرجل : (( دير بالك لاتشتبه مرة ثانية )!!. 
وعاد الصديق إلى صديقه ، فسأله : (( إشلون خلّصت منّه؟ )) فقال الأول : (( إنت شعليك! جيب دينار ثاني وأضربه (سطرة ) ثانية  فتعجّب صاحبه من ذلك ، ثم أخرج دينارا آخر من جيبه فأعطاه. فأخذه وسار إلى الرجل وضربه (سطرة ) قوية وهو يقول : (( ولك أبو جاسم هاي وين إنت؟ مو هسّه اشتبهنا بالرجّال وضربناه سطرة بالغلط من وراك )) فالتفت الرجل إليه وهو يشتاط غضبا، وقال : (( هاي شنو ولك )) فقال : (( العفو أخي إشتبهت مرة ثانية وحسبالي أبو جاسم )) فرد عليه: (( آني ابتليت بأبو جاسم ، على كل حال دير بالك، مرة ثانية ما أسامحك وتصير مو زينة)!!. ثم رجع الأول إلى صاحبه ، فسأله : (( هالمرة اشلون خلّصت منه ؟ )) فقال : (( إنت شعليك ؟ جيب دينار ثالث وأضربه (سطرة )  ثالثة   فازداد صاحبه عجبا ، لكنه أعطاه الثالث . فأخذه وهناك ضربه  (سطرة ) قوية ، ولكن بدون أن يتكلّم هذه المرة . فالتفت الرجل اليه ، وأخذ بتلابيبه ، وأردف : (( هالمرة شنو عذرك ؟ )) فرد عليه : (( شوف دا أگول لك في الحقيقة كل عذر ماكو ، بس إنت { مادام عندك هيچ علبات .. تظل تاكل سطرات} لو رگبتك تنگطع ، لو آني أنقِتل  ، الى ان تخلص فلوس صاحبي)!!. فضحك من قوله ، بالرغم من غضبه وتألّمه، وسأله عن مغزى قوله ، فأصدقه . فزال غضب ( المسطور)  وصفح عن إساءته وذهب ذلك القول مثلا(1).
نعرج اليوم على الذين لديهم ( هيج علبات ) ممن ألفوا خيانة الوطن وتنكروا لخيراته وارتضوا لأنفسهم الارتماء بأحضان الأجنبي وغرتهم الدنيا بغرورها وأصبحوا " كلابا للأجانب هم ولكن على أبناء جلدتهم أسود " فاستحقوا ( أكل السطرات )!!.
ومثلهم من الأشخاص الذين يشهد تأريخهم عن دياثتهم وعبوديتهم وتخلفهم العلمي والثقافي في زمن تسيدوا فيه ، ولكن بعد تغير الحال ،ودوام الحال من المحال، سقطت ورقة التوت وكشف الزمن عن عواراتهم ، حتى بات بعضهم جاسوسا وعميلا ، ومع ذلك ماانفكوا  يكابرون ويتحدثون عن الحكمة والفضيلة ،وهم بنظر الغير عرايا من القيم والشرف الرفيع فاستحقوا تلقي ( السطرات على هيج علبات ) وسيستمر الحال حتى تقطع ( علباتهم ) أي رقابهم . 
وبلاشك إن هناك عوامل نفسية وأخلاقية ومرضية وشعورا بالنقص والفشل واحقاداً وضغائن تقف خلف كل هذا وذاك ، لكن فاتهم أن تطور وسائل الاعلام وبرامج التواصل ومستوى الادراك للمتلقي وبقاء شهود الحق على قيد الحياة  ، كل ذلك حشرهم في أضيق نطاق وأظهر حجمهم الحقيقي حيث ينتظرهم بعد ذلك عقاب دنيوي يلحقه الهي بعد أن توهموا أن من أمن العقاب أساء الأدب ..لكن هيهات هيهات فما ضاع حق وراءه مطالب ...وهذا الميدان ياحميدان..، و(( هيج علبات ..تاكل سطرات  )) !!.
1- بتصرف وتعريق ، أمثال عراقية وأصولها ، سوالف عراقية ، 2009.