آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-09:52ص

أكبر الف ريال استلمتها في حياتي..!!

الأربعاء - 13 أكتوبر 2021 - الساعة 08:01 م

محمد الخامري
بقلم: محمد الخامري
- ارشيف الكاتب


 

في إحدى ليالي صنعاء الباردة عام 91 علمتُ ان والدتي رحمها الله مرضت، ولم يكن معي أي مبلغ للطريق ولا للوصول إلى القرية في الحجرية بمحافظة تعز..
تأخرتُ في المسجد أصلي الوتر وأدعُ الله جل وعلا ان يشفي والدتي، وكأني أخاطبه بواقعي المنهك واشتياقي لها وخوفي عليها وربما بكيت..
سُنيدار المسجد يعرفني، أطفأ الأنوار وترك واحدة فقط، ثم قال بصوت مسموع (غلق الباب وراك)..
📌 فجأة اسمع باب المسجد يُفتح ودخل أحدهم.. لم يراني وجلس يصلي العشاء في آخر المسجد، وبعد ان فرغ من صلاته لمحني وانتظر حتى انتهيتُ من صلاتي فتنحنح وجاء إلي، وسألني عن حالي وكأنه مُرسل ومكلف بالسؤال..!!
سألته ان يدعي لوالدتي لأنها مريضة، دعا لها دعاء كثير وقرأنا الفاتحة، ثم قال ليش ماتسافر تعالجها..
قلت له معي عمل ومااقدرش اسافر، قال امك أبدأ من العمل، ثم تركني وخرج وهو يعلم اني بلا عمل او ارتباط..
📌 في صلاة الفجر جاء باكراً إلى المسجد على غير عادته، وسلم عليّ قبل الصلاة، وقال راعي بعد الصلاة نسير نفطر برعي.. وكانت اول مرة يعزمني فيها..
بعد الصلاة انطلقنا بسيارته نحو باب اليمن..
📌 وبدلاً من البرعي؛ أوصلني إلى فرزة صنعاء - تعز، ودس في يدي الف ريال، وقال روّح البلاد، اطمن على الوالدة والشغل مابيخلصش..
حاولتُ ان ارفض او اتهرب منه، لكنه مسك يدي بقوة وقال حرام وطلاق ماترجع، ولما يفتح الله عليك رجعها..
كانت الألف الريال كبيرة القيمة ذاك الزمان، وكانت قيمتها المادية والمعنوية عندي في تلك اللحظة كأنها الدنيا بما حوت.. أسعدني وأسعد والدتي واخواني بسفري ولقائنا، أسأل الله ان يسعده في الفردوس الأعلى..

📌 عام 95 طلعت من الحديدة إلى صنعاء، وكانت قد تحسنت احوالي كثيرا ولله الحمد..
زرته في ذات المسجد، ثم دخلتُ معه للبيت القريب من المسجد، وبعد الغداء حكيتُ له ماكان مني تلك الليلة، واني لم اكن مرتبط بأي عمل، وانه عندما وجدني في المسجد كنت اناجي الله بجوارحي ودموعي التي لااملك غيرها.. وقصصتُ له السعادة التي خلقها في بيتنا تلك الأيام بسبب ذلك الألف الريال، وعرضتُ عليه إعادة المبلغ بعد احتسابه بالدولار وأكثر فرفض، وقال خليها في بنك ارحم الراحمين، اشتيها خبيئة بيني وبينه، وهو يربيها لي، وانت شاهدي ولاتقول لاحد عليها، احتاجها قوي يوم القيامة..

📌 تذكرته اليوم حينما كنت اقلب دفتر ذكرياتي المكتوب بخطي كيوميات كنت اكتبها انذاك، فوجدتُ قصة الألف الريال ومكتوب انها (قرضة الله حسنة ان شاء الله ارجعها لحين ميسرة)..
📌 ترددت في ذكر اسمه فغلبتُ عدم ذكره الا باسم مستعار (الحاج احمد) وقد توفي في صنعاء عام 2011 وانا في القاهرة انذاك، وحزنت كثيرا اني لم استطع الصلاة عليه وحضور جنازته رحمه الله واسكنه فسيح جناته..