آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-11:41م

معذرة يا (جدي)

الخميس - 16 سبتمبر 2021 - الساعة 11:39 ص

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


معذرة يا ( جدي ) فقد أجبروك على أن تنام على قارعة الطريق .. تركوك تعاني ظلماً وقهراً قبل أن تعاني حراً وقيظاً..

 

معذرة يا ( جدي ) أنْ شاب شعرك .. وانحنى ظهرك .. في ربوع وطن لم يعطِك شيئاً ولو يسيراً مما قدمته أنت له في حياتك الحافلة.

 

معذرة يا ( جدي ) على سنوات من العطاء والبذل عشتها آمناً مطمئناً .. فلما بلغت الكِبَر .. وآن لك أن ترتاح .. لم تجد في مقابلها إلا النكران .. والارتماء على قارعة الطريق.

 

معذرة يا ( جدي ) .. جئت في زمن تقلّد فيه الحكم رئيس مرتهن لم يرحم .. ومسئول فاسد انشغل بمصالحه الشخصية على خدمة هذا الشعب من أمثالك ..

رمى بهم في بحر ظلمه وظلماته .. سبحوا .. وجذفوا .. لينجو بأنفسهم على أطراف الشوارع وقوارع الطرقات.

 

معذرة يا ( جدي ) .. على فساد تغوّل .. وإعلام تجاهل .. وعالِم وشيخ سلطة عن قول كلمة الحق تحوّل .. فأصبح يطبل ويسبح بحمد وليّ نعمته .. ونسي أن المواطن المسكين ينتظر منه نصرة ولكن هيهات هيهات.

 

معذرة يا ( جدي ) .. على كل قطرة عرق سالت من على وجهك الأنور.. وجبينك الأغر .. 

 

معذرة على كل بعوضة قرصت ظهرك الرقيق .. وكل زفرة زفرتها لتُخرجَ آهات حسرة على هذا الزمن الصعب ..

 

معذرة يا ( جدي ) .. فقد سقطت عصاك قهراً.. وارتمت بجانبك مثلما ارتميت .. علمَت أنك ألقيت عصا التسيار بعد عمر مديد ..

 

 فبدلاً من أن تحطّ رحالك تحوطك ألحان التوقير وردّ الجميل .. تُراك نائماً خارج مأواك .. أخرجك الحر .. كما أخرج مئات من الشباب والشيب والنساء والطلاب والطالبات إلى الشوارع يهتفون لسقوط الظالم الفاسد.

 

معذرة يا ( جدي ) .. فلقد تساقطت مفردات اللغة .. وخجلت أفكار التعبير عن أن تعبّر عن حزنها العميق لمنظرك المؤلم .. وحالك الرهيب .. 

 

هو في الحقيقة لا يجسد إلا حال وطن خارت قواه بعد أن امتصت دماءه عوالق الفسق والفساد وخفافيش الظلام.

 

معذرة يا ( جدي ) .. غادر مكانك .. كيلا تدوسك أقدام جنود قمعوا الشعب بدل أن يحموه .. وأطلقوا عليه الرصاص الحي بدل أن يهدوه الورد والزهور ..

 

وبدل أن يذودوا عن حياضه ويحموا سياجه .. اعتقلوا كل من يطالب بأبسط حقوقه من العيش الكريم.

 

معذرة يا ( جدي ) .. فالمكان ليس بمكانك .. والأرض ليست بأرضك ..

 

فالأولى بك أن تصير ملاكاً يحلق في أعلي السماء .. ينظر من فوق .. يلقي بلعنات الخيبة والخسران على كل من أوصلوا حالنا إلى الحضيض.