آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-07:56م

تعز والضباع السائبة

السبت - 14 أغسطس 2021 - الساعة 02:30 م

فرج العامري
بقلم: فرج العامري
- ارشيف الكاتب


 

ما إن تحررت المدينة الحالمة تعز من جحافل الحوثيين حتى اطمأنت النفوس وتنفس أبناؤها الصعداء تمهيداً لعيش ماحلمت به من حياة هانئة مستقرة يسودها الإخاء ويعمها الرخاء ويغشاها البركة والنماء، حتى طفت على السطح عصابات طحلبية ليس كأي عصابات بل إنها من نوع آخر لايمكن التعبير عنه إلا بالقول أنها مافيا إجرامية شبه مشرعنة انتهزت مشاركتها إلى جانب الصادقين في معركة التحرير المقدسة ضد التمرد الكهنوتي ثم مالبثت أن هرعت لجعل المدينة غنيمة لها وفيئا !!
أي سقوط هذا وأي حماقة ؟! 
أن يساعد المرء في التحرير ليكون ذلك  مجرد تبرير لخطته الجهنمية الوقحة في سبيل السلب والنهب والاستحواذ .
فساد سرطاني يضرب تعز بشكل مستفحل في شقيها المدني والعسكري بعد أن جعل منها المتنفذون مجرد قطعة كعكة يتقاسمونها فيما بينهم أما المواطنون المساكين فليس لهم شيئا من تلك الكعكة إطلاقا . لماذا؟! لأنهم هم الكعكة ذاتها للأسف ولكن لا يشعرون .

قصص حقيقية وحكايات مؤكدة من فم الواقع تذهل العقل من قبح مضمونها ويندي لها جبين الإنسانية، من إجرام وفساد واحتيال ومحسوبية وابتزاز وسلب ونهب وتهديد وكل هذا على مرأى السلطة المحلية الفاسدة ومسمع المحور الذي باع من مبادئه الذي يدّعيها أكثر مما أبقى ولم يبق منها سوى مبدأ عدم الاستسلام للحركة الحوثية ليس كرهاً لها وحباً بالوطن ولكن خوفاً على أنفسهم من ياجوج وماجوج الذين لاعهد لهم ولاذمة، وهذا ما يؤكده الواقع .

بالأمس القريب توقفت جامعة تعز عن التعليم لنكتة لا تكاد تصدق وإن سلمنا أمراً بأنها ليست نكتة بل قضية لها ثقلها وتستحق النظر فهل حلها يكمن في وقف المسيرة التعليمية وحرمان الطلاب من حقوقهم الذي عانوا في سبيلها الأمرّين ؟! طبعاً تجميد التعليم جريمةً بحد ذاتها وليس حلاً وجميعنا سمعنا عن حقيقة أن دولاً في الحرب العالمية الثانية لم توقف تعليمها وهي في عنفوان المعارك بل لجئت إلى أنفاق تحت الأرض . فالتعليم في حقيقته معركة مقدسة من أجل الوطن والمستقبل .

أما بخصوص فساد قيادات في الجيش الوطني فإن ذلك مما يحز في النفوس فكيف يُسمَح لشخصيات طفيلية أن تتسلق على جثث الشهداء وآلام الجرحى لتستثمر منها في البناء والعقارات وشراء الفلل والاستحواذ على المباني العامة والعمارات الخاصة، كيف يُسمح لهم ذلك بوجود سلطة محلية ومحور عسكري لهما كافة الصلاحية في مواجهة هذه الجرائم شديدة النتن والسواد بينما المرابطون يربطون على بطونهم من الجوع وأسرهم في بيوتهم يصارعون عيشة الكفاف ؟!

قد يرى البعض في هذا تشويهاً للجيش الوطني ولذلك يجب أن نلتزم الصمت ، نقول لهم أن في فعال هؤلاء المتهبشين وفي تغاضي قيادة المحور ومنحها الضوء الأخضر لهم يكمن التشويه الحقيقي للجيش الوطني والذي قد عانى بذاته من فساد قادته ماجعلت بعض أفراده يتركون مهامهم للبحث عن لقمة عيش تقيم اصلاب أسرهم وتحفظ لهم حياتهم بينما أولئك القادة متخمون من شدة أكلهم للمال الحرام.

وما الأحداث الأخيرة _ التي بين آل الحَرِق المظلومين وعصابات المغولية للمطلوب أمنياً الصريع ماجد الأعرج _ إلا مجرد بداية لجزء من منجم ضخم سينفجر إن لم يتم تلافي أسبابه وتدارك نتائجه قبل انتهاء الوقت . 
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، فهو: من  نطالب بتدارك الوضع قبل استفحاله ؟ هل المحور ، والذين قادته وأبناء قادته يعدون رؤوساّ لتلك العصابات الذي أكثرت في الأرض الفساد ولو كان الشعب حياً لكان لها بالمرصاد، لكن يبدو أنه راضٍ بذلك وبذلك فهو يستحق حتى ينهض في وجههم كبارودٍ منفجر ، فأن تشتكي للمجرم الآمر  أو الراضي كأقل تقدير بالمجرم المنفذ فإن هذه الحماقة بذاتها التي أعيت من يدوايها . وليس من حل سوى النهضة الشعبية المتعاضدة القائمة على وعي كامل متجرد من كل العواطف والانتماءات، فالشكوى لغير الله مذلة وإدمانها رضوخٌ للعبودية، وإلا إن كان لابد منها إذن فلمن تشتكي حبة القمح إن كان القاضي دجاجة؟!