آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-07:27م

أستاذ محترم في بيتي

السبت - 14 أغسطس 2021 - الساعة 06:58 ص

أنيس محمد الحبيشي
بقلم: أنيس محمد الحبيشي
- ارشيف الكاتب


في ذات يوم من عام 1999م زارني أستاذ محترم في بيتي ، وشكى لي من مأزق وقع فيه ، وهو أنه تزوج بعد موت زوجته من امرأة بكر من بيت مشهود له بالاحترام والشرف .. لكنه لما زفت إليه اتضح له أنها ليست بكرا كما أخبروه وأنها رفضت الاعتراف بممارسة أي أحد قبله الجنس معها !

قال لي زوجتي هذه طيبة جدا وخدومة وودودة لكني تعقدت وأريد طلاقها وما زاد مأزقي أنها توسلت إلي ألا أتركها خاصة وأنها تزوجت في سن متأخرة وأن إخوانها لن يتركوها تعيش فسيتعاظم كربها ..

 قلت له : كونك ظننت أو حتى عرفت أنها ليست بكرا ، فليس كل أغشية البكارة دليل على عدم ممارسة الجنس ، بل هناك ظاهرة تتكرر وتعرف ب(قصور البكارة) وهو ما أطلق عليه في مجتمعنا اليمني ب(بنت النثرة) ، وكان أولياء أمور كثير من الإناث المولودات يأتون خلال عامين من ولادتهن ويستخرجون هذه الشهادات من إدارة أوقاف عدن ، وبحسب ما يقول منطوق الشهادة (إنها صرفت تجنبا لأي إساءة ظنون يخدش عفتها في المستقبل وخاصة عند تزويجها) !

ودعوته لزيارة مكتبي في مكتب الأوقاف بعدن لأعرض عليه السجلات ونسخ الشهادت المصروفة في هذا الشأن منذ أكثر من 70 عاما من الزمان والناس على هذا العهد ..

ثم هب أنها أخطأت فما هو الضير من أن تسترها فمن ستر مسلما ستره الله كما قال الرسول فما بالك بستر امرأة اصبحت لك زوجة ومهادا ، وأذكر أني قلت له اشترط على ربك في مثل هذا الستر واطلب منه ما تريد كأن تسأله العفو عنك وعن والديك فالستر والعفو عن الدم في ساحة القصاص يحققان شرط من اشترط على الله أن يفعله له ، وقد قال الرسول لعائشة في ما عرف بحديث الإفك : إن كنتي ألممت بذنب فاستغفري الله فإن الله يغفر الذنوب جميعا ...

أجهش الأستاذ بالبكاء وقال دلوني عليك فأتيتك وما حسبت أن قلبي وصدري سينشرحان بفتوى تثلج الصدر ، سأعتبر زوجتي خلقت بنت نثرة وسأبقى معها ما شاء الله .. وقبل فترة قصيرة بلغني وفاة هذا الأستاذ الجامعي بعد أن خلف من زوجته أولادا .. فهنيئا له تلك الشهامة الإنسانية التي أهلته ليحمل قيمها ويتحد معها حتى مماته !!