ليس من المستغرب التدفق غير المسبوق للتصريحات المتناقضة لـــ " الدبلوماسيين القبليين و الهواة " ، التي تقود الى السير في الاتجاه الخاطئ ، اولاً بشأن قضايا الدولة ، وثانياً بشأن القضية الجنوبية ، فهؤلاء " الكم الدبلوماسي " لا يفرقون بين الدبلوماسية التقليدية و العامة ، وتصريحاتهم دائما ما تبرز تحيز غير وطني ، بسبب اصرار بعض من هؤلاء " الكم غير الكفاءات " على تماهي كلماتهم وافكارهم مع شكل دبلوماسية " الجمهورية العربية اليمنية " ولكن باسم الجمهورية اليمنية .
قلة الوعي لدى بعض العاملين في الدبلوماسية اليمنية تظهر في تصريحاتهم الشطرية الغير متوازنة والخطرة ، تضاف الى تصريحات السنوات الأخيرة ، التي ساهمت في تدمير جميع آليات "الأمان" الاجتماعية والسياسية التي أنشئت على مدى عقود في الجنوب والشمال الوحدة وبعدها ، مما جعل من غير الممكن في حالة حدوث أزمات جديدة منعها من التصعيد والتحول إلى صدام عسكري مباشر ، والآن هناك عدد أقل من هذه الآليات ، والمزيد من حالات الصراع.
غالبية الدبلوماسيين اليمنيين محصورون بعقيدة العداء والتحريض ضد الجنوب و كياناته السياسية ، وكأنه من ثوابت السياسة الخارجية للبلد ، فوزير الخارجية اليمني بن مبارك اعترف بأن العلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي تنطوي على تعقيدات ، وأسلافه ايضا كانت لهم تعقيدات مع المجلس ومع الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية ، اما عفاش والاصلاح والحوثي فلديهم تعقيدات مع الجنوب وشعبه ، والحقيقة ان كل هذه العقد هي من صنعهم وهي من ادخلت اليمن في حالة حرب مستمرة عسكرية ونفسية و إعلامية و أيديولوجية .
قبل اكثر من ربع قرن من الزمان تغير شكل دولة الوحدة و العلاقات الاجتماعية و الظروف الاقتصادية لحياتنا بأكملها نحو الأسوأ ، والان هذه التغيرات تمنحنا الحق في إعادة النظر في علاقاتنا من جميع النواحي من أجل تقييم التغييرات في الداخل الوطني وابعادها الاستراتيجية ، لان في هذا البلد الوحدة تم وأدها بأيادي قبائل الهضبة بعد اجتياح الجنوب في 1994 و تحول الحلم يوما بعد يوم إلى كابوس .
على الخارجية اليمنية ان تدرس الكثير من موظفيها التاريخ الوطني المؤلم والمظلم ومفهوم العلاقات الدولية ، و ان الدبلوماسية هي ممارسة رسمية + شعبية ، أي " تقليدية " التي يقوم بها الممثلين الرسميين للدولة وفقاً للقواعد القانونية الدولية في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المعتمدة في عام 1961، و" عامة " وهو مفهوم يطلق عليه بــــ "الدبلوماسية بين البشر " لطابعها غير الرسمي ، لان الذي يصنع الدبلوماسية العامة هو كل شيء من المؤسسات الحكومية والدولية والمجالس الثقافية والجامعات الحكومية والخاصة ، حتى مطاعم عصام غريري ومخابز الشيباني وماكدونالدز وفرق كرة القدم ونجوم السينما وفيسبوك، وكل مواطن عادي خارج وطنه .