آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-03:02م

حتى في السرق؟!!!! (ذهب الزمان بخير ما فيه حتى في السرق).

الإثنين - 21 يونيو 2021 - الساعة 09:48 م

عمر الحار
بقلم: عمر الحار
- ارشيف الكاتب


من العبارات الخالدة التي انطبعت في ذهني، ولم تغادره منذ سماعها قبل سنوات خلت، وظلت كلماتها المؤثرة حية في الفكر ونديمة الوجدان، كغيرها من كنوز الحكمة التي احرص على الاحتفاظ بها في الطبقة العليا من الذاكرة. واستعين بنورها لتبديد ظلمات الافاق وتحمل الصبر عليها. 

وجات العبارة الخالدة التي تكتب بماء الذهب على لسان خطيب مسجد ريفي بشبوة لم تدل هيئته البدوية على حظه الوافر من المعرفة والدين وفطنته الاسرة الالباب مما يعزي تمكنه من السيطرة والتأثير على جموع الامين لمسجده بمصينعة شبوة.

ويتوقد الذكاء الفطري من عيني الخطيب المفوه المائلة الى الاستدارة والتجويف واستجابتها البديهية لحركة الدوران اثنا الخطابة ولد فيهما بريق جذاب يخفي ما مضى حتى من عمره السبعيني.

وتوصيفي لشخصية الخطيب تساعدني على عملية الوصول المباشر الى عمقها المعرفي وان بمعايير مؤقتة، لكنها مؤدية لغرض التفاعل المبدئي معها.

وترجع تفاصيل العبارة التي استعرضها الخطيب ببراعة وحنكة في مراسيم زيارة مجبارة رافقة خلالها احد قيادات شبوة الى ديار الاخوة آل بوحربه الكرام في مصينعة العامرة بالرجال والخير، وذلك عقب الاحداث الاخيرة التي شهدتها المحافظة.

وعلى عادة المجتمع الشبواني واليمني عامة الذي يمور بموجات الاحاديث الجانبية في مطلع كل لقاء، فجأة لاذ الجميع  بالصمت اثر تساؤل وجهه اخي العزير الامين العام عبدربه هشله لمعالي الشيخ الخطيب حول امكانية الافادة او الاحاطة او  التفسير لما يجري في اليمن بصورة عامة وشبوة على وجه الخصوص، وقد عرف كياسة الرجل على عجل و ربما بإيعاز من الحاضرين له بالسؤال.

استوى الرجل في جلسته وانطلق في سرد تفاصيل الحكاية التي تلخص بدقة واقع الحال الذي تعيشه اليمن وشبوة اليوم. وقال يحكى بان تاجرا يمنيا اشتاق الى معرفة احوال البلاد والعباد خارج المدينة،وذهب في رحلة بمفرده الى اريافها ولقي من سفره التعب الكثير ووجد حوض مائي جميل ونزل للاستحمام فيه وترك ملابسه على الحافة وكان عمله محط انظار احد الرعاة الذي اغتنم فرصة استمتاع الرجل بالماء وشرع في خلع ملابسه واستبدالها بملابس التاجر وولا هارب من المكان.

وخرج التاجر من الماء، واطال البحث عن ملابسه دون جدوى وتستر بملابس السارق وحمد الله ان وجد ما يستره وقفل عائدا الى المدينة حتى اذا ما دار حول على رحلته الاولى فكر بالقيام بجولة مماثلة وسيطر عليه نفس الشعور بضرورة معرفة احوال الناس في ارياف البلاد ولقي من سفره مالقي من تعب ومشقة وقادته خطواته المتعثرة الى حوض مائي جميل جعله يفكر بانه المكان المناسب لأخذ قسط من الراحة والاستجمام من متاعب السفر وعلى الفور انغمس في المياه العذبة عقب ترك ملابسه عالقة بشجرة وتحين فرص نزوله سارق جديد فرح بنعومة الملابس الفاخرة لتاجر واستل هاربا بها الى جهة مجهولة وظل التاجر يبحث عن ما يستر عورته ولم يجد الا لفيف من اوراق الشجر،واطلق عبارته الشهيرة الخالدة الصيت في ذاكرة الزمان والامثال.

(( ذهب الزمان بخير ما فيه حتى في السرق))

وهي تنطبق على واقع الحال الذي نعيشه اليوم وفي ادق التفاصيل .